بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
تأليف:
عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله
1376هـ - 1307هـ
دراسة وتحقيق:
عبدالكريم بن رسمي ال الدريني
الحديث الحادي عشر: فضل التفقّه في الدين
عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" متفق عليه1.
هذا الحديث من أعظم فضائل العلم، وفيه: أن العلم النافع علامة على سعادة العبد، وأنّ الله أراد به خيراً.
والفقه في الدين يشمل الفقه في أصول الإيمان، وشرائع الإسلام والأحكام، وحقائق الإحسان. فإن الدين يشمل الثلاثة كلها، كما في حديث جبريل لما سأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، وأجابه صلّى الله عليه وسلم بحدودها. ففسر الإيمان بأصوله الستة. وفسر الإسلام بقواعده الخمس. وفسر الإحسان بـ "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" 2 فيدخل في ذلك التفقه في العقائد، ومعرفة مذهب السلف فيها، والتحقق به ظاهراً وباطناً، ومعرفة مذاهب المخالفين، وبيان مخالفتها للكتاب والسنة.
ودخل في ذلك: علم الفقه، أصوله وفروعه، أحكام العبادات والمعاملات، والجنايات وغيرها.
ودخل في ذلك: التفقه بحقائق الإيمان، ومعرفة السير والسلوك إلى الله، الموافقة لما دل عليه الكتاب والسنة.
وكذلك يدخل في هذا: تعلُّم جميع الوسائل المعينة على الفقه في الدين كعلوم العربية بأنواعها.
فمن أراد الله به خيراً فقهه في هذه الأمور، ووفقه لها.
ودلّ مفهوم الحديث على أن من أعرض عن هذه العلوم بالكلية فإن الله لم يرد به خيراً، لحرمانه الأسباب التي تنال بها الخيرات، وتكتسب بها السعادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: 71, ومسلم في "صحيحه" رقم: 1037.
2 أخرجه: مسلم في "صحيحه" رقم: 1 بعد 8, وهو ضمن حديث جبريل المشهور.