كان رجل من بني إسرائيل على ساحل البحر , فرأى رجلا و هو ينادي بأعلى صوته : ألا من رآني فلا يظلمن أحدا , قال : فدنا منه و قال : يا عبد الله ما خبرك ؟ فقال : اعلم أني كنت رجلا شرطيا , فجئت يوما إلى هذا الساحل , فرأيت صيادا قد صاد سمكة , فسألته أن يهبها لي , فأبى , فسألته أن يبيعها مني فأبى , فضربت رأسه بسوطي و أخذت السمكة منه .
فذهبت بها في يدي معلقة , فبينما أنا ذاهب إلى منزلي قبضت السمكة على إبهامي , فرمت أن أخلص إبهامي فلم أقدر , فجئت إلى عيالي فعالجوا أن يخلصوا إبهامي فلم يقدروا إلا بعد تعب , و قيل إنها علقت بإبهامه عندما قدمت إليه ليأكلها , قال فأصبح إبهامي قد ورم ثم انتفخ , و انفتحت فيه عيون من آثار أنياب السمكة , فذهبت إلى طبيب محسن , فلما نظر إبهامي قال هذه آكلة بلا شك و إن لم تقطع إبهامك هلكت , فقطعته فوقع الداء في كفي , فجئت الطبيب فقال و إن لم تقطع كفك هلكت , فقطعها , فوقع الداء في ذراعي , فجئت الطبيب فقال و إن لم تقطع ذراعك هلكت , فقطعت ذراعي فوقع الداء عضدي , فلما رأيت ذلك خرجت من منزلي هاربا , فبينما أنا أسير في البلاد و أصيح كالهائم , إذ رفعت لي شجرة عظيمة , فأويت إلى ظلها , فنعست عند أصلها , و أتاني آت في منامي و قال لي : كم تقطع من أعضاءك و ترمي بها إربا إربا , اردد الحق إلى أهله فإنك تنجو .
قال فانتبهت , و علمت الحق , أن ذلك من قبل الله _عز و جل_ , فأتيت الصياد فوجدته قد طرح شبكته , فانتظرته حتى أخرجها , فإذا فيها سمك كبير , فقلت يا عبد الله أنا مملوك لك , قال و من أنت يا ابن أخي ؟؟
قلت أنا الشرطي الذي ضربت رأسك بالسوط و أخذت السمكة منك , و أريته يدي , فلما رآها استعاذ بالله من بلاء الله و سخطه , و قال لي أنت في حل , فتناثر الدود من عضدي , فلما أردت أن أنصرف قلت : سألتك بالله أخبرني كيف دعوت عليّ , قال : لما ضربت رأسي و أخذ السمكة مني نظرت إلى السماء و بكيت و قلت : " يا رب خلقتني و خلقته , و جعلته قويا و جعلتني ضعيفا , فأسألك بالقدرة التي بها خلقته و جعلته قويا و جعلتني ضعيفا , أن تجعله عبرة لخلقك".