التداوي
عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: "لكل داء
دواء ، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز و جل". صحيح مسلم في السلام
2204
دلَّ الحديث على مشروعية التداوي واستحبابه ، و أن الله جعل لكل
داء دواء ، و في هذا تشجيع للبحث و التفتيش عن الأدوية المناسبة لمعالجة
الأمراض ، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القواعد
الأساسية في علاج الأمراض و هي تشخيص الداء أولاً و معرفة حقيقته بواسطة
الطبيب المختص ، ثم وصف الدواء المناسب لهذا الداء .
قال ابن حجر رحمه
الله : فيه الإشارة إلى أن الشفاء متوقف على الإصابة بإذن الله ، وذلك أن
الدواء قد يحصل معه مجاوزة الحد في الكيفية او الكمية فلا ينجع ، بل ربما
أحدث داء آخر إذا قدر الله ذلك ، و إليه الإشارة بقوله : " بإذن الله "
فمدار ذلك كله على تقدير الله و إرادته . و التداوي لا ينافي التوكل كما
لا ينافيه دفع الجوع و العطش للأكل والشرب ، و كذلك تجنب المهلكات و
الدعاء بطلب العافية و دفع المضار و غير ذلك [ انظر فتح الباري : 10 / 135
] .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء " . صحيح البخاري في الطب 5678
جعل الإمام البخاري في صحيحه هذا الحديث عنوان باب من أبواب كتاب الطب في
صحيحه . قال ابن حجر رحمه الله في شرحه للحديث : قوله " إلا أنزل له شفاء
" في رواية طلحة بن عمرو الزيادة في أول الحديث : " يا أيها الناس تداووا
" ووقع في رواية طارق بن شهاب عن ابن مسعود رفعه : " إن الله لم ينزل داء
إلا أنزل له شفاء فتداووا "
وفي حديث أسامة بن شريك : " تداووا يا
عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داءً واحداً الهرم "
.أخرجه أحمد و البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة و صححه
الترمذي وقع في رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود نحو حديث الباب
و زاد في آخره " عَلِمَهُ مَن علمه و جَهِلًهُ مَن جهله " . أخرجه النسائي
و ابن ماجة وصححه ابن حبان و الحاكم
ولأبي داود من حديث أبي الدرداء رفعه : " إن الله جعل لكل داء دواء فتداووا و لا تداووا بحرام " .
وفي مجموع هذه الألفاظ ما يعرف منه المراد بالإنزال في حديث الباب و هو
إنزال علم ذلك على لسان المَلَك للنبي صلى الله عليه و سلم مثلاً ، أو
عبَّر بالإنزال عن التقدير . و فيها التقييد بالحلال . فلا يجوز التداوي
بالحرام [ فتح الباري : 10 / 135 ] .