لعطاس والتثاؤب
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله
يحب العُطاس و يكره التثاؤب ، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن
يشمِّته ، و أما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليردّه ما استطاع ، فإذا
قال : ها ، ضحك منه الشيطان. صحيح البخاري في الأدب 6223
قال
ابن حجر رحمه الله : قال الخطابي : معنى المحبة و الكراهة فيهما منصرف إلى
سببهما ، و ذلك أن العُطاس يكون من خِفَّة البدن و انفتاح المسامّ و عدم
الغاية في الشبع ، و هو بخلاف التثاؤب فإنه يكون من علَّة امتلاء البدن و
ثقله من ما يكون ناشئاً عن كثرة الأكل و التخليط فيه ، و الأول يستدعي
النشاط للعبادة و الثاني على عكسه [ فتح الباري : 10 / 6077 ] .
وبيَّن النبي صلى الله عليه و سلم كيف يُشَمَّت العاطس في الحديث الشريف
الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله ، و ليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ،
فإذا قال له يرحمك الله فليقل : يهديكم الله و يصلح بالكم " . صحيح
البخاري في الأدب 6224
والأطباء في العصر الحاضر يقولون : التثاؤب
دليل على حاجة الدماغ و الجسم إلى الأوكسجين و الغذاء ، و على تقصير جهاز
التنفس في تقديم ما يحتاجه الدماغ و الجسم من الأوكسجين ، و هذا ما يحدث
عند النعاس و الإغماء و قبيل الوفاة . و التثاؤب : هو شهيق عميق يجري عن
طريق الفم ، و ليس الفم بالطريق الطبيعي للشهيق لأنه ليس مجهزاً بجهاز
لتصفية الهواء كما هو في الأنف ، فإذا بقي الفم مفتوحاً أثناء التثاؤب
تسرَّب مع هواء الشهيق إلى داخل الجسم مختلف أنواع الجراثيم و الغبار و
الهَبَاء و الهَوام ، لذلك جاء الهَدي النبوي الكريم برد التثاؤب على قدر
الاستطاعة ، أو سد الفم براحة اليد اليمنى أو بظهر اليسرى .
والعُطاس
هو عكس التثاؤب ، فهو قوي و مفاجئ يخرج معه الهواء بقوة من الرئتين عن
طريقي الأنف و الفم ، فيجرف معه ما في طريقه من الغبار و الهباء و الهوام
و الجراثيم التي تسربت إلى جهاز التنفس لذلك كان من الطبيعي أن يكون
العطاس من الرحمن لأن فيه فائدة للجسم ، و أن يكون التثاؤب من الشيطان لأن
فيه ضرراً للجسم ، و حق على المرء أن يحمد الله سبحانه و تعالى على
العُطاس ، و أن يستعيذ به من الشيطان الرجيم في حالة التثاؤب [ الحقائق
الطبية في الإسلام ، ص 155 ] .