الواقع يقول إن رقة عواطف المرأة تملك قلب الرجل
وتجعله يعرف الحب.. وأكثر الرجال منطق الحال عندهم
أن رقة عواطف المرأة هي التي تجعلهم يتعلقون بها دائما..
أكثر من جمالها.. فامرأة جميلة جداً.. على سبيل المثال..
ولكنها قاسية العواطف.. غليظة الحس.. وهن موجودات..
لا يمكن أن يحبها الرجل بمعنى الحب.. أو يطيل معها المعايشة..
أو يحس بأنوثتها. الأنوثة أكثر من جمال..
ولكن المرأة ذات العواطف الرقيقة.. الشفافة.. الرفافة..
تسعد الرجل.. وتشعره بأنوثتها.. وتجعله يقع في حبها على ذقنه..
ولا يمل من عشرتها.. بل يشتاق لها على طول.. ويرتاح لمحضرها..
ويفقدها حين تغيب.. ولو كانت عادية الملامح.. وجمالها بين بين..
فالعواطف جمال.. والأنوثة عواطف.
ومن الصعب أن نفصّل في رقة عواطف المرأة.. فهي أشياء
تعاش ولا تقال.. تُحس ولا توصف.. هي (كالجو) الرقيق من
حولك ترتاح فيه.. وله.. وإن لم تستطع وصفه..لسان الحال أبلغ
من لسان المقال!
ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه! وإذا لم نستطع الغوص في
عواطف المرأة الرقيقة فلا بأس من الحديث عن مظاهرها..
(الفرح)
يروى أن مصعب بن الزبير جاء إلى زوجته عائشة بنت طلحة..
وكانت من أجمل نساء العرب.. جاء وهي نائمة صباحا فقد كانت
نؤوم الضحى.. وكان فرحاً بالهدية التي يحملها لها.. ولا يلام..
فقد كانت الهدية عقداً ثميناً كبيراً من الدرر والألماس..
ثميناً يساوي نصف مليون بسعر اليوم.. كان مصعب قد خرج
ذلك اليوم بعد صلاة الفجر لاقتسام غنائم أفاء الله بها من فتح تم..
وقد اختار وهو الأمير أن يكون هذا العقد البديع هو نصيبه الوحيد
الذي يكتفي به!.. كان مذهولاً به مدهوشاً يريده هدية مفاجئة
لزوجته الجميلة عائشة!
لهذا فبمجرد أن أخذ العقد المدهش النادر ترك كل شيء
وغادر قصر الإمارة مسرعاً إلى زوجته فرحاً كطفل ينتظر أجمل
رد فعل!
أيقظ المرأة الجميلة من نومتها ورمى في حجرها عقده
المذهل الفريد وقال:
هدية!.. هدية يا حبيبتي!
فقالت وهي تنظر إلى العقد وتتثاءب:
نومتي أحب ألي من هذه الجواهر!!
فقال غير مصدق:
انه بمائة ألف دينار!
قالت بتثاقل:
ولو..!!
فهذه المرأة مثال لغلاطة الحس وتحجر العاطفة!!
ذهبت فيهما إلى أبعد مدى..! وليس من الضروري ألا تفرح
المرأة بهدية كبيرة من زوجها لتكون غليظة الحس فظة الشعور..
يكفي ألا تظهر الجذل والفرح لهدية صغيرة من زوجها..!!
قيمة الهدية من مهديها.. رمز الهدية هو الاهتمام..
وكل امرأة تنشد الاهتمام.. وحدها المرأة الرقيقة تهب
رجلها الاهتمام التام أيضاً كما أنها كغيرها تريد الاهتمام..
وتعبير الفرح الذي تنطق به أساريرها إذا قدم لها زوجها
شيئاً أو قال لها كلاماً جميلاً هو قمة الاهتمام..وهو الرقة الأنثوية
التي تشف عن روح حلوة.. إن الجمود والثقل والبلادة أشد على
الرجل من حمل الحجارة.. إن هناك فرقا بين الثقل والدلال..
والمرأة الموهوبة تدرك ذلك الفرق تمارس الغنج والدلال
ولكنها لا تصل أبداً إلى الخط الأحمر الفاصل بينهما وبين الثقل الممقوت!
الدلال محبوب مرغوب..
والثقل مكروه ممقوت..
الدلال عاطفة رفافة رقيقة فيها من الإقبال أكثر من التمنع..
والثقل ليس مجرد تمن.. بل هو بلادة وله من اسمه أوفى نصيب.
الدلال الجميل هو ألذ أنواع الإقبال.
إذن فإن فرح المرأة أمام زوجها بكل ما يقدمه لها..
وبأي نبأ سار يزفه إليها.. وبمفاجأته الصغيرة.. وهداياه اليسيرة..
وكلمته الحلوة.. يأسر قلب الرجل ويجعله يكرر التصرف الذي
ولَّد الشعور السار!.. والرابح في الحاليين الطرفان معا..
المرأة الرقيقة تظفر بالهدايا والمفاجآت السارة والكلمات
الحلوة الجميلة.. والرجل يظفر بفرح امرأته والتماع عينيها
بالسعادة والجذل والسرور.. وهذا يترع قلبه بالابتهاج والحبور..
فيصبح الزواج سعيدا والبيت منشرحا والفرح ثالث الاثنين.