في واقع الأمر لم تعرف البشرية أهمية الحديد الصناعية إلا في القرن الثامن عشر
أي بعد نزول القرآن باثني عشر قرناً، حيث اتجه العالم فجأة إلى صناعة الحديد
واكتشفوا أيسر الوسائل لاستخراجه. وقد دخل الحديد الآن في كل المجالات الصناعية
كأساس لها، بل أصبح حجر الزاوية في جميع استعمالات البشر، فهو يستخدم كأنسب
معدن في صناعة الأسلحة وأساساً لجميع الصناعات الثقيلة والخفيفة.
ولا بد أن نذكر أيضاً أن الحديد عنصر أساسي في كثير من الكائنات الحية، كما في
بناء النباتات التي تمتص مركباته من التربة، والهيموغلوبين في خلايا الدم عند
الإنسان والحيوان.
ونختم كلامنا عن الحديد بالإشارة إلى توافق عددي عجيب ذكره الدكتور زغلول
النجار وهو من كبار علماء الجيولوجيا في العالم حيث نبهّه أحد أساتذة الكيمياء
في أستراليا إلى أن رقم سورة الحديد يوافق الرقم الذرّي لمعدن الحديد وهو (56)
بينما يوافق رقم آية الحديد العدد الذرّي لمعدن الحديد وهو (26)، ويأتي شرح ذلك
مفصلاً في قسم الموافقات العددية. فسبحان من علّم محمداً صلى الله عليه وسلم كل
هذه الحقائق العلمية. إنه رب العالمين خالق الأكوان القائل في كتابه العزيز {لَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ
بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
مراجع علمية:
ذكرت الموسوعة البريطانية:
"... على أية حال، إن أصل تكوّن الأرض عن طريق النمو التراكمي للكويكبات هي
فرضية موثقة، والنيازك هي الأمثلة المحتملة للكويكبات التي عاشت في مرحلة ما
قبل التكوكب من النظام الشمسي. هو هكذا يظهر أن الأرض قد تشكلت بتراكم الأجسام
الصلبة مع التركيب المتوسط للنيازك الحجرية. على أية حال، عملية النمو التراكمي
تقود إلى التفرقة الهائلة من العناصر. إن الكثير من الحديد قد أُرجع إلى الحالة
المعدنية وغاص نحو المركز ليكوّن اللب، حاملاً معه القسم الأكبر من عناصر (السيدروفيل)*.
أما عناصر (الليثوفيل)*، تلك ذات الألفة الأكثر للأكسجين من الحديد، فهي تتحد
على شكل أكاسيد، في الغالب السيليكات، وتؤمن المادة المكونة للدٍّثار –(غلاف
اللب الأرضي)- والقشرة. كما تميل عناصر (التشالكوفيل)* إلى تكوين الكبريتيدات،
على أية حال، بعض الكبريتيدات تستقر على درجات حرارة عالية داخل الأرض، إذ أن
مصير عناصر (التشالكوفيل)* خلال التاريخ المبكر للأرض غير مؤكدة نوعاً ما.
يمكن لهذا التمايز الجيوكيميائي الابتدائي للأرض أن يُترجم في تعابير النظام:
حديد – مغنيزيوم – سيليكون – أكسجين – كبريت، لأن هذه العناصر الخمسة تكون
حوالي 95 بالمائة من الأرض. لم تكن هناك كمية كافية من الأكسجين لتتحد مع أكثر
العناصر معدنية الحديد، والمغنيزيوم والسيليكون. وبما أن المغنيزيوم والسيليكون
لديهم ائتلاف مع الأكسجين أكثر من الحديد، فإنها تتّحد مع الأكسجين بالكامل.
يتّحد الأكسجين الباقي مع قسم من الحديد مخلفاً البقية على شكل حديد معدني
وكبريتيد الحديد. كما أشرنا سابقاً، يغوص المعدن في العمق ليشكّل اللب، صاحباً
معه القسم الأكبر من عناصر (السيدروفيل)*..."
*- التشالكوفيل: أليف الكبريت.
- السيدروفيل: أليف النيزك الحديدي.
- الليثوفيـل: أليف الصخر.
"...إن احتراقاً إضافياً للمواد يؤدي إلى مجموعة من التفاعلات النووية المعقدة
عن طريق العناصر التي نتجت من احتراق الكربون والأكسجين و التي تُحوّل بشكل
تدريجي إلى عناصر ذات طاقة ترابطية كسرية قصوى، على سبيل المثال، الكروم
والمنغنيز والحديد والكوبالت والنيكل. أعطت هذه التفاعلات جماعياً اسم احتراق
السيليكون لأن قسماً مهماً من العملية هو تحطيم لنوى السيليكون إلى نوى
الهيليوم، والتي تضاف تباعاً إلى نوى سيليكون أخرى لإنتاج العناصر المذكورة
سابقاً.
أخيراً على درجات الحرارة تقريباً 4 × 910 ك، هناك إمكانية لبلوغ تقريبي إلى
الموازنة الإحصائية النووية. في هذه المرحلة، بالرغم من أن التفاعلات النووية
تتابع عملها، فإن كل تفاعل نووي ومعكوسه قد حدث بشكل سريع على حدٍّ سواء. وليس
هناك تغير إجمالي آخر للتركيبة الكيميائية. وهكذا، فإن الإنتاج التدريجي
للعناصر الثقيلة من خلال تفاعلات الاندماج النووي تُوازن بالتفكك وتتوقف عملية
التعزيز فعلياً حينما تسود المادة على شكل الحديد والعناصر المجاورة له في
الجدول الدوري. حقيقةً، إذا حدث تسخين آخر، فإن تحويلاًُ للنوى الثقيلة إلى نوى
أخف سيتبع ذلك وبنفس الطريقة تقريباً التي يحصل فيها تأين (تشرّد) للذرات عندما
تسخّن وتحمّى..."
"... إن الكثافة في لب الشمس تعادل تقريباً 100 ضعف كثافة الماء (تقريباً ستة
أضعاف الكثافة في مركز الأرض)، لكن درجة الحرارة فهي على الأقل 15.000.000 كلفن،
بحيث أن الضغط المركزي يساوي على الأقل 10.000 ضعف أكثر من ذلك في مركز الأرض
والذي يعادل 3500 كيلوبار.
... تنخفض درجة حرارة الشمس من 15.000.000 كلفن في المركز إلى 5.800 كلفن على
سطحها النيِّر، ..."
" يحتمل للنجوم ذات الكتلة المنخفضة أن تكون درجة الحرارة القصوى متدنية جداً
لأية تفاعلات نووية مهمة يمكن لها أن تحدث، ولكن للنجوم الهائلة مثل الشمس
وأعظم منها، فإنه يمكن أن تحدث أغلب تسلسلات تفاعلات الاندماج النووي الموصوفة
سابقاً. علاوة على ذلك، فإن ميزان الوقت للتطور النجمي يُشتق من نظريات التطور
النجمي التي تبرهن أن النجوم الأكثر كتلة جوهرياً من الشمس يمكن أن تكون أكملت
تاريخ حياتها النشيط في وقت قصير مقارنةً بعمر اشتقاق الكون من نظرية الانفجار
العظيم الكونية.
هذه النتيجة تعني أن النجوم الأكثر كتلةً من الشمس والتي تكونت باكراً جداً في
تاريخ حياة المجرة، من المحتمل أنها أنتجت بعض العناصر الثقيلة التي تشاهد
اليوم، وأما النجوم الأقل كتلة من الشمس فهي لم يكن لها أن تلعب أي دور في هذا
الإنتاج ".
"إن الحديد، الذي هو أساس تكوين لب الأرض، هو أكثر العناصر انتشاراً في الأرض
بشكل كلي (35 بالمائة) ...".
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو دلالة لفظ "أنزلنا الحديد" الذي يفيد
هبوط الحديد من السماء، وهذا ما كشفت عنه الدراسات الفضائية والجيولوجية في
النصف الثاني من القرن العشرين.