أديب
وشاعر مصري، أثرى المكتبة الأدبية بالعديد من المؤلفات والتي تنوعت بين
الدواوين الشعرية والروايات الأدبية والتاريخية، بالإضافة لعدد من الكتب
المدرسية، كما كانت له مساهمات فعالة في المحافظة على اللغة العربية حيث
اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من المحافظة على المكانة
الشعرية للشعراء المصريين بعد كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وغيرهم.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] حياته وعملهعلي صالح عبد الفتاح الجارم، ولد بمدينة رشيد عام
1881م هذه المدينة التي شهدت الكثير من الأحداث المرتبطة بتاريخ مصر وفيها
نبتت جذور الجارم، وكان والده الشيخ محمد صالح الجارم أحد علماء الأزهر
والقاضي الشرعي بمدينة دمنهور وتوفي عام 1910م.مما قاله في حب بلدته "رشيد"جـدّدي يـا رشـيدُ لـلحبِّ عَـهْدَا
حَـسْـبُنا حـسبُنا مِـطالاً iiوصـدَّا
جدّدي يا مدينةَ السحرِ أحلاماً
وعْـيشاً طَـلْقَ الأسارير iiرَغْدا
جدّدي لمحةً مضتْ من iiشبابٍ
مـثل زهـر الـربا يـرِفُّ ويندَى
تلقى علي تعليمه الابتدائي بمدينة رشيد، وواصل
تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، ثم التحق بعد ذلك
بكلية دار العلوم – جامعة القاهرة، وسافر الجارم إلى انجلترا لإكمال
دراسته في بعثة دراسية عام 1908 فدرس أصول التربية بنوتنجهام، قبل أن يعود
مرة أخرى إلى مصر بعد أربعة أعوام في 1912. من أشعاره في انجلترالَــبِـسْـتُ الآنَ قُـبَّـعَـةً iiبَـعـيـداً
عن الأوطانِ مُعتادَ الشُّجونِ
فـإنْ هِـيَ غَيَّرَتْ شكلي فإنِّي
متى أضع العِمامةَ iiتعرفوني
عقب عودته من بعثته الدراسية عين الجارم مدرساً
بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في عدد من وظائف التربية والتعليم حتى
عين كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما
عين وكيلاً لدار العلوم حتى عام 1942، وقام بتمثيل مصر في بعض المؤتمرات
العلمية والثقافية، كما اختير عضواً مؤسساً لمجمع اللغة العربية بمرسوم
صدر من رئاسة الوزراء في أكتوبر 1933. اعتزازه باللغة العربيةعلى الرغم من دراسته بانجلترا وتمكنه من اللغة
الإنجليزية لم ينساق الجارم وراء الاتجاه الغربي، وظل المدافع الأول عن
اللغة العربية لغة القرآن الكريم وأحد المعتزين بها فعمل جاهداً على نهضتها ورقيها.نَـزَل الـقُرْآنُ بـالضَّادِ iiفَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا سِواهُ لكَفَاها
وقد تبحر الجارم في علوم اللغة العربية بالبحث
والدراسة والممارسة، فأصبح أحد رواد تعليم اللغة العربية، وقدم عدد من
الكتب الرائدة في النحو والبلاغة. نثر وشعر الجارم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وبالنظر إلى أدب الجارم من نثر وشعر نجده قد تميز
في تقديم النثر، فيقول الأستاذ الدكتور عباس حسن في كتابه "المتنبي وشوقي"
الصادر في طبعته الأولى عام 1951 " بقي من خصائص شوقي التي امتاز بها على
المتنبي النثر الرائع حقاً فله في هذا الميدان كتاب سماه "أسواق الذهب"
وما أحسبني مغالياً إذا قلت عن النثر الأدبي البليغ والنثر العلمي المتأدب
الرفيع لأديبنا المرحوم الأستاذ علي الجارم ليمتاز به الجارم على المتنبي
وشوقي وسائر شعراء العرب قديماً وحديثاً كما تنطق بذلك كتاباته النثرية
الصادرة عن موهبة فنية أصيلة جعلت منها جميعها سلاسل الذهب لا مجرد "أسواق
الذهب". أما شعر الجارم فتميز بإحساس مرهف وذوق رفيع راق
انطلق من الشكل الكلاسيكي التقليدي، والذي يعتمد على قافية موحدة، وتعددت
الأغراض الشعرية للجارم فقدم في شعر المناسبات، والمراثي، والمديح. ويقول عنه الأستاذ أحمد هيكل عميد كلية دار العلوم
السابق "أما الرائد الكبير الذي يدور حوله هذا العمل فهو طيب الذكر علي
الجارم أحد أعلام الاتجاه المحافظ في الشعر العربي الحديث، هذا الاتجاه
الذي راد تاريخه البارودي أولاً ووصل إلى غاياته شوقي فيما بعد، ثم كان
الجارم واحداً من الذين تصدروا السائرين في هذا الاتجاه والمتنافسين لملء
الفراغ بعد رحيل أمير الشعراء، بل كان بحق السابق إلى ملء هذا الفراغ
وخاصة في الجانب المحفلي والرسمي الذي كان من أبرز جوانب إمارة شوقي
وديوان الجارم بأجزائه الأربعة هذا العطاء الشعري الوفير والغزير الذي
يمثل طبقة سامية من طبقات الشعر المحافظ، تضع صاحبها في مكان المتصدرين من
أصحاب هذا الاتجاه الفني الرصين، وجميعهم يشير إلى المدرسة الأدبية التي
ينتمي إليها الجارم وهي مدرسة المحافظين".وقد جمع الجارم في ديوانه الشعري بين القصائد السياسية والأدبية والاجتماعية. ظلم لأدب الجارمتعرض أدب الجارم وشعره إلى الظلم بعد وفاته عام
1949 فبعد أن جاءت ثورة يوليو 1952 تم إنشاء رقابة عسكرية على المطبوعات
والصحافة، وتم اتخاذ قرارات بالتقييم الكامل لكل ما كان في مصر قبل الثورة
من أدب وفن وتاريخ، فحجبت الآثار الأدبية للجارم في هذه الفترة فلم يسمح
بطبع أعماله، وخلت المكتبات من مؤلفاته النثرية وأشعاره، إلا أن أعماله
عادت للظهور ثانية في الثمانينات وعادت إليه مكانته كأديب وشاعر ومفكر. التكريم حصل علي الجارم على عدد من الأوسمة منها وسام النيل
من مصر عام 1919، ووسام الرافدين من العراق 1936، كما منحته لبنان وسام
الأرز عام 1947.وشهدت بيروت عام 1947 واحدة من أشهر قصائده وهي
قصيدة "العروبة" والتي جاءت في 77 بيتاً ألقاها في مؤتمر الثقافة العربي
الأول الذي أقامته الجامعة العربية في لبنان وقال فيها: لُـبـنانُ روضُ الـهـوى والـفنِّ iiلُـبنانُ
الأرضُ مـسكٌ وهـمسُ الدوحِ الحانُ
هل الحِسانُ على العهدِ الذي زعمت
وهــل رِفــاقُ شـبـابي مـثـلَما iiكـانـوا
أيــن الـصـبا أيـن أوتـاري iiوبـهجتُها
طــــوت بــســاط لـيـالـيـهنَّ أزمــــان
أرنــو لـهـا الـيومَ والـذكرى تُـؤرِّقني
كــمــا تــنـبَّـه بــعـد الْـحُـلـمِ وســنـان
وفي نفس القصيدة قال: بـنـي الـعروبةِ إنَّ الـلّه iiيـجمعُنا
فـلا يـفرِّقُنا فـي الأرضِ iiإنـسانُ
لـنـا بـهـا وطــنٌ حــرٌّ نـلـوذُ بــه
إذا تـنـاءتْ مـسـافاتٌ iiوأوْطَــانُ
غـدا الـصليبُ هـلالاً في iiتوحُّدِنا
وجـمّـع الـقـومَ إنـجـيلٌ iiوقــرآنُ
ولــم نـبـالِ فُـروقـاً شَـتَّـتْ أُمـماً
عدنانُ غسّانُ أو غسّانُ عدنان
أواصـرُ الـدَّمِ والـتاريخِ تَـجمعُنا
وكلُّنا في رِحابِ الشرقِ iiإخوانُ