قيل
:" النظافة من الإيمان " وهو قول حق ’إذا نحن لم نقصره على نظافة البدن
واللباس والمسكن . فالقلب والفكر واللسان والذوق أحوج إلى النظافة من
اليدين والرجلين والوجه والشعر ومن الرداء والحذاء ’ والسرير ’ والحصير .
ليس اكره من ظاهر نظيف يستر باطنا قذرا . أن تكن النظافة ضربا من الإيمان
والتعبد ’ فالقذارة ضرب من الكفر والتهتك ’ وهي أكثر ما تأتينا من أشياء
ليست قذرة في حد ذاتها لكنها تغدو قذارة إذا ما تغير حالها أو تبدل وضعها
في الزمان والمكان بالنسبة إلينا .
كذلك هي
حالنا مع عاداتنا وطقوسنا وتقاليدنا . فقد تغيرت أوضاعنا في الزمان
والمكان . وتغير اتجاهنا ونبض حياتنا وتبدلت أزياء معيشتنا ونبتت لنا
حاجات ومشكلات ما عرفها أسلافنا . فبات الكثير من عاداتنا وطقوسنا
وتقاليدنا أقذرا في قلوبنا وأفكارنا وأوزارا لأرواحنا وأجسادنا . وباتت
هذه الأقذار والأوزار أصفادا تعوقنا في السير إلى أهدافنا . وأهدافنا هي
الانفكاك من القيود وإدراك كنه الوجود لنصبح أسياده بدلا من أن نكون عبيده
.
إن من
يؤمن بهذه الأهداف ثم يتأمل حركات الناس في مجتمعاتهم ويصغي إلى ما يهرفون
به من كلام تفرضه اللياقة والمجاملة ليصعق لما انطوت عليه قلوبهم من رياء
وأفكارهم من تدجيل وأرواحهم من ميوعة لا تليق برجل يعرف معنى الرجولة ولا
بامرأة تعرف معنى الأنوثة . ولا تليق بالاثنين يسعيان معا إلى المعرفة
والحق والحرية . والرياء قذارة ومثله التدجيل والميوعة . والقذارة وزر لا
يطيقه حتى الحيوان فكيف بالإنسان .
ميخائيل نعيمة
في مهب الريح ص 133 بتصرف
المطلوب
عرف بصاحب النص بإيجاز
حدد فكرة النص العامة وأفكاره الأساسية
لخص مضمون النص بأسلوبك الخاص
ادرس النص دراسة أدبية وفنية مع التعليل والتمثيل
والآن سنتابع طريقة الإجابة على الأسئلة التي وردت حول هذا النص للكاتب المهجري البارع ميخائيل نعيمة
1- التعريف بصاحب النص :
. كاتب وناقد وشاعر لبناني من ابرز أعضاء الرابطة القلمية بالمهجر الأمريكي ساهم في إثراء الأدب العربي شكلا ومضمونا ولد عام العباقرة 1889م بلبنان أرسل في بعثة علمية إلى روسيا ومنها هاجر إلى الولايات المتحدة واستقر بنيويورك توفي بلبنان 1988م من آثاره : الغربال * في مهب الريح * النور والديجور كان ما كان * جبران …
2- تلخيص مضمون النص :
أحاط العرب العادات والتقاليد بهالة من القدسية فتغلغلت في النفوس وتمكنت في العقول وبالتالي أعاقتنا عن التطور والتقدم والتحضر .لذلك تجرد نعيمة لمعالجة هذا الداء العضال . بتنوير البصائر بنور العلم والحكمة . وذلك بإظهار اثر تمكن العادات البالية على النفوس مبينا المفهوم الحقيقي لكل من النظافة والقذارة فلا يكفي أن نهتم بالنظافة الخارجية في حين نحن من الداخل نحمل باطنا قذرا. ثم دعا إلى غربلة العادات للتخلص من التقاليد البالية فقد تغيرت الدهور والعصور وبقينا جامدين . وتأملات الكاتب في المجتمع تثبت ذلك فقد سيطرت قيم زائفة تتمثل في الرياء والتدجيل والميوعة بدلا من العدالة والحق والحرية…
3- نقد الأفكار مع التعليل
قبل أن نبدأ بنقد الأفكار يجدر بنا أولا أن نشير إلى الفكرة العامة والأفكار الأساسية.
الفكرة العامة : تأثير العادات على الأفراد والمجتمعات .
الأفكار الأساسية :
1- مفهوم القذارة والنظافة .
2- الدعوة إلى التخلص من العادات البالية .
3- تأثير العادات السيئة على الفرد والمجتمع .
الغرض أو اللون الأدبي الذي ينتمي إليه النص :.
النص مقال اجتماعي تناول فيه نعيمة التأثير السيئ الذي تحدثه العادات والتقاليد على النفوس فتعوقها عن التطور .الهدف منه دعوة الشعوب العربية إلى غربلة عاداتها وترك غير النافع منها للالتحاق بركب التحضر.
- وهو غرض قديم كانت بداياته في العصر العباسي على يد ابن المقفع خاصة في كتابيه* الأدب الكبير* والأدب الصغير *. لكنه نشط وتطور في العصر الحديث نظرا لكثرة المشاكل وتنوع الجرائد وظهور فئة من الأدباء أخذت على عاتقها توعية المجتمع ونصحه . وقد تأثر هذا النوع من المقال بتأثير المناهج العلمية الحديثة .فأصبح يعتمد على التحليل والتعليل . - نقد الأفكار من حيث الترتيب أو الترابط : . أفكار النص متلاحمة شديدة الترابط استهلها بمناقشة مفهوم القذارة والنظافة لينتقل منه إلى تبيان اثر العادات المتحجرة على النفوس وربط بين الحاضر والماضي ليلح على وجوب التغيير . ثم وقف متأملا سلوك الأفراد في المجتمع وبين ما فيه من تناقض..
- من حيث الوضوح والعمق : . أفكار الكاتب واضحة في متناول الجميع وها ما تتطلبه المواضيع الاجتماعية حتى تحقق هدفها .وهي عميقة لان فيها تحليلا دقيقا للموضوع من جميع جوانبه .
- من حيث الجدة والقدم :. الأفكار جديدة من نواح عديدة – الثورة على العادات والدعوة إلى التخلص من القديم . – شيوع النزعة الإنسانية التأملية فالنص موجه للبشرية جمعاء دون تحديد لزمان أو مكان
- من حيث الإقناع: . استعان الكاتب كعادته بوسائل الإقناع المختلفة. فنقده موضوعي يعتمد على التحليل والتعليل والبرهنة وإعطاء الأمثلة من الواقع .
وقد استمد الكاتب أفكاره من حياته في مجتمعات مختلفة وملاحظاته وتجاربه .