طرق الإسلام أبواب قارة أوربا من الجهة الشرقية، وذلك بمحاولات
المسلمين المتكررة لفتح القسطنطينية منذ خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه،
ولكن تأخَّر فتحها لحصانتها حتى أتَّم الله U فتحها على يد المجاهد المسلم
القائد محمد الفاتح في عام 857هـ الموافق 1453م.
ومع أن دخول الإسلام إلى أوربا كان له أعظم الأثر علميًّا وحضاريًّا
وأخلاقيًّا في قارة أوربا، فإننا نتعجب من هذا العداء الدفين في نفوس بعض الأوربيين
للإسلام، والذي كانت آثاره واضحة في البوسنة والهرسك؛ حيث أعمل الصرب القتل في
مسلمي البوسنة والهرسك بقصد واضح وهو التطهير العرقي.
ويعيش المسلمون في القارة الأوربية على هيئة أقليات متناثرة، يختلف
حجمها من دولة أوربية إلى أخرى؛ وقد وَفَد السواد الأعظم من المسلمين إلى أوربا
بحكم الصلات السياسية التي كانت تربط بلدانهم بالبلدان الأوربية المستعمرة لها. كما
أن أعدادًا كبيرة من سكان أوربا دخلت الإسلام بحكم الصلات التاريخية مع العالم
الإسلامي؛مما أدَّى إلى ازدياد فرص التفهم لطبيعة الإسلام عند هؤلاء الأوربيين على
اختلاف نزعاتهم الفكرية ومستوياتهم الاجتماعية.
ويواجه المسلمون في أوربا الكثير من المشكلات، يأتي على رأسها جهل
المسلمين هناك بكل شيء عن واقع وتاريخ أوربا التي يعيشون فيها، وافتقاد الجاليات
المسلمة للقيادة الفكرية المستنيرة الناضجة التي تستطيع احتواء المهاجر المسلم
وإرشاده إلى الطريق القويم. كما تعاني الجاليات الإسلامية من خلافاتها الداخلية مثل
الخلافات العرقية والمذهبية، وتعاني أيضًا من مخاطر الاغتراب الفكري والروحي؛ لذا
فإنَّ الحاجة أصبحت مُلِحَّة إلى فقهٍ للأقليات الإسلامية في الخارج، يدرس أحوال
المهاجرين، ويحصر أمرها لتجد سبيلها إلى أحكام فقهية تيسِّر حياة إخواننا في
الخارج.
وفي حين نجد نظرة إيجابية من بعض الدول الأوربية للمسلمين كبريطانيا
وسويسرا، نجد على النقيض من ذلك رفض إيطاليا الاعتراف بالإسلام كدين رسمي، وينظر
الألمان للمسلمين على أنهم خطر على المجتمع، ويدعو رئيس وزراء هولندا إلى إغلاق
المدارس الإسلامية.
ويلاحظ ازدياد عدد المسلمين في أوربا، وازدياد شعورهم بالانتماء
للإسلام؛ حيث يتمتع المسلمون في أوربا بصفة عامة بحقوق عديدة، مثل حق ممارسة
شعائرهم الدينية بحرية وطمأنينة، وحرية إنشاء المؤسسات الإسلامية وبناء المساجد على
الرغم من مواجهة بعض المصاعب الإدارية، ومع ذلك يواجه المسلمون
صعوبات في تطبيق دينهم في ظلِّ مجتمع صناعي علماني اختفت منه المظاهر الدينية
والروحية.