الصبر
عن نبيه بن وهب قال : خرجنا مع أبان بن عثمان حتى إذا كنا بملل _ موضع بين
مكة و المدينة _ اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه ، فلما كنا بالرَّوحاء _
موضع قرب المدينة _ اشتد وجعه فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله ، فأرسل إليه
أن ضمِّدهما بالصَّبر ، فإن عثمان رضي الله عنه حدَّث عن رسول الله صلى
الله عليه و سلم في الرجل إذا اشتكى عينيه و هو محرم ضَمَّدهما بالصبر.
صحيح مسلم في الحج 1204
وعن أم سَلمة رضي الله عنها قالت : دخل عليّ
رسول الله صلى الله عليه و سلم حين توفي أبو سَلمَة ، و قد جعلت عليَّ
صَبراً ، فقال : ماذا يا أم سَلمةَ ؟ فقلت : إنما هو صَبرٌ يا رسول الله
ليس فيه طيب . قال: " إنه يَشُبَّ الوجه ، فلا تجعليه إلا بالليل " أخرجه
أبو داود و النسائي
قوله : يشب الوجه أي يلوِّنه و يحسِّنه .
نشر حديثاً في عام 1986 أستاذ في جامعة نيويورك مقالة طبية رئيسية في مجلة
أمراض الجلد الأميركية عن مادة الصَّبر فقال : هي مشتقة من الأصل العربي
لها وهي الأُلُوَّة [ الألوَّة : هو العود الذي يُتبخر به ، كما في كتاب
النهاية و أكد ذلك ما ذُكر في الحديث الصحيح في وصف نعيم أهل الجنة " و
مجامرهم الأُلوَّة ) ] ، و هي تعني : المادة المرّة و اللاَّمعة ، و قد
استُخدم الصبر على مرّ السنين في معالجة الحروق و لدغات الحشرات و معالجة
حَب الشباب و حروق الأشعة و في التهاب المفاصل و كذلك استعمل كمادّة مسهلة
.
و تبين من خلال الدراسات السريرية أن للصبر دوراً في معالجة
الالتهابات الجلدية الشعاعية و في تقرحات القرنية و في قروح الرجلين . و
ذكرت هذه المقالة أن الصبر يحتوي على أربع مواد كيميائية فعَّالة و هي :
1- برادي كينيناز : و هي مادة لها فعل مقبض للشرايين و حين تتقبض الشرايين
فإن هذا يخفف من الانتفاخ و الاحمرار الحاصل في مكان الالتهاب ، و هذا
يفسِّر إدخال مادة الصبر فتركيب بعض المواد المستعملة في معالجة حروق
الشمس .
2- لاكتات المغنزيوم : و هي مادة تمنع تشكل الهستامين الذي
يعتبر واحداً من أهم أسباب الحكة في الجلد ، و بذلك فإن الصبر يخفف
الحِكَّة والالتهاب ، و هذا يفسر فعاليته في معالجة لدغات الحشرات .
3- مضاد البروستاغلاندين : و هذه المادة تخفف الألم و الالتهاب و خير مثال عليها هي حبوب الأسبرين .
وهكذا و بعد أكثر من ألف و أربعمئة عام تأتي الأبحاث العلمية الحديثة
لتؤكد للعالم أن ما داوى به رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه كان هو
الدواء السليم ، فهذا الرجل الذي يشتكي من الرمد في عينيه و هو مُحرِم
يشكو من الألم و من الاحتقان ولا أسبرين في ذلك الوقت ، و ليس هناك
المُسَكَّنات التي نعرفها اليوم ، فهدى الله رسوله صلى الله عليه و سلم
لعلاجه بوضع الصبر كمضادة على العين الملتهبة ليخفف أوجاعها و يزيل مصابها
، و ثمَّة لفتة أخرى هنا على عمل الصبر الفعَّال في الوقاية من حرق الشمس
، فهذا الحاج المحرم من قيظ الحر قد أصيب في عينيه ، فإن حرق الشمس يزيد
من الألم ومن احتقان الجلد ، وهنا يأتي الصَّبر برداً و سلاماً على العين
الملتهبة و على الجلد المحتقن ، فيزول الألم و تسكن الأوجاع بإذن بارئها .
4- مادة الأنثراكينولون : و هذه المادة لها تأثير مُخَرِّش موضعي للجهاز
الهضمي ، مما يفسِّر خاصية الصَّبر كمادة مسهلة ، و هذه المادة هي أيضاً
العنصر الفعال الموجود في مركب الأنثرالين المستخدمة في معالجة داء الصدف .
وقد أثبتت الدراسات أيضاً أن تأثيراً مرطباً للجلد حيث يلطفه و ينعِّمه ،
إذ أنه يحبس الماء في ذلك المكان فيرطبه و ينعمه ، و قد صدق رسول الله صلى
الله عليه و سلم حين قال لأم سلمة : إنه يشب الوجه فيلمعه و يحسِّنه و
يلونه . و نحن نجد الآن في الأسواق التجارية من كريمات و مساحيق و أنواع
الصابون و مستحضرات تجميلية أخرى ، و كلها قد دخل في تركيبها مادة الصبر .
والتهاب المفاصل نظير الرئوي مرض مؤلم جداً قد يؤدي إلى تشوه في المفاصل
مع حصول إعاقة شديدة في حركتها ، و قد نشرت مجلة النقابة الطبية الأمريكية
لأمراض الأقدام بحثاً في عام 1985 استخدم فيه الصبر موضعياً على مفاصل
ملتهبة محدثة عند الفئران .. و قد أظهرت الدراسة أن تلك المعالجة استطاعت
تخفيف الالتهاب في 88 % من الحالات [ قبسات من الطب النبوي بشيء من
الاختصار ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم