Ŧђĕ ρµŅĨѕĤέГ عضو مـلــكــي
الجنس : المساهمات : 11623 العمر : 32 العمل/الترفيه : حيــاتى ضأئــعه بلا لمسات المزاج : يا ربى عهدى بالذنوب قد إنتهى تاريخ التسجيل : 14/03/2009
| موضوع: انـتـصـار الصـمت السبت يونيو 27 2009, 17:07 | |
| وقفت أمامه بقامتها الفارعة دون أن تنبس. وطفقت تنظر إليه بعينين صافيتين في صمت. نظراتها سيوف تقطع أحشاءه و تصلبه مثل آثم في جذع نخلة في يوم قائظ. تمثلت بين عينيه الحادثة كأن لم يمر عليها سنوات. وعصف به في لحظة ضعف شعور بالذنب. أجهض كل محاولة لسيطرة الذكريات عليه و قتل شعوره بالذنب و حتى شعوره بالندم قتله بلا رحمة.. ورفع رأسه نحوها في ارتباك مبهم وتمتم : ـ هل من خدمة..؟ لم تجب و بقيت تنظر إليه في سكون. الكون يضيق عليه و قلبه يصرخ في جزع و وجهها الجميل لا ينم عن شيء، و حتى هذه النظرات الهادئة لا تقول شيئا. اليوم خابت كل فراستك التي اشتهرت بها ، و خانتك معرفتك بأحاديث العيون. تململ في ضيق و ازدرد ريقه في ارتباك.أحس بجسده يسقط في هوة سحيقة وما من منقذ. و هتف في تبرم واضح: ـ هل يمكن أن أعرف ماذا تريدين ..؟ نظراتها سيوف تقطع أحشاءه و تزيد من عذابه، و صمتها يقتله. لو تقول شيئا لهان الأمر و لتجنب هذا العذاب و عرف كيف يتصرف ، ولكن .. صمتها يقتله.. لعبت أنامله بقلم أمامه في عصبية و تشنجت عضلات وجهه، ودارت من حوله الأرض ألف دورة أو يزيد.. ـ لماذا أنت هنا إذن ..؟ وأجابه الصمت بلهجة حادة زادت من عصبيته و عمقت جراحه. الهوة السحيقة تزداد عمقا ونظراتها هادئة لا تقول شيئا..لو تكلمت..أي كلمة .. لتقل ما تشاء .. أي شيء ولا هذا الصمت.. صفعة على الوجه أو لطمة على الخد أهون من هذا الجمود.. قضم أظافره في غيظ و عصبية ورقصت عيناه في حنق واضح .. ـ تريدين تعذيبي ..؟ ولم تحر جوابا . تردد لحظة ثم قال بنبرة الخائف من سماع الجواب: ـ تريدين قتلي .. هذا هو انتقامك إذن ..؟ وزاده الصمت المخيم على الغرفة إيغالا في الضيق، وزاد من اشتعال أعماقه. لا مجال للندم. وحتى هذا الشعور بالذنب لن يتمكن مني.. لتفعل ما تشاء وما صمتها هذا إلا دليلا على فشلها.. دليلا على عجزها .. وذرع الغرفة في ثقة تبخرت بسرعة وظهر الارتباك في خطواته. عاد ينظر إليها في كره و حقد. سواد عينيها و هي تحدق فيه يشعل في قلبه نارا أخرى، نارا ليست كتلك التي اضطرمت في أحشاءه أول مرة رآها و هي تخطر أمامه بفستانها الأبيض و شعرها الأشقر الذي يشبه شعاع شمس شارد. جذبته الابتسامة الرقـيقـــة و احترق في جسدها المرسوم بعناية مثل شمعة.. تفاصيلها الدقيقة بهرته فتبعها .. ـ ولا حتى هذه الطريقة السخيفة تنفع معي.. وازدرد ريقه واستطرد في عنف : ـ أنا أقوى مما تتصورين.. لا تحاولي .. ورددت كل الأشياء من حوله جملته و علا صوتها حتى صم أذنيه و هي تنظر في صمت..عينيها بئر عميقة تضيع فيها كل جهوده لاستنباط ما يجول في صدرها و تضيع في ظلمتها كل الحيل.. اقترب منها و هو يعالج غضبه و عصبيته: ـ أتسمعين.. أنا أقوى مما تتصورين.. أحس بحلقه قناة ليس بها ماء..يابسا، جافا.. ـ لن تنطلي علي ألاعيبك هذه..لن تصلي إلى مرادك مني.. و غرق في بحر من العرق. أحس بالغرفة قدرا يغلي و أحس بأنفاسه تتقطع. و دار رأسه بسرعة هوجاء و هو يهوي إلى حيثما لا يدري.. لسانه صخرة و قلبه يكاد ينفجر، ونظراتها سيوف صدئة.. ـ هل تعتقدين أنني سأنهزم أمامك بهذه الطريقة..إنك لواهمة.. ولبثت الهواجس تتخطفه و تلقي به كل إلى طريق برهة، ثم عاد إليها وهي غارقة في صمتها.. وصرخ في وجهها بصبر نافذ: ـ لماذا عدت..؟ وعمقت أشياءه الحبيبة التي ألف رؤيتها وهام في حبها، جراحه و هي تردد كلامه. صورته المـعـلـقة على الجدار إلى يساره في أبهة ، مكتبه الأنيـق البراق ، أقـلامـه و أوراقه و حتى هذه الأزهار اليانعة أمامه صرخت في وجهه معلنة عن وجودها، وهي.. هي جامدة لا تفعل شيئا غير التحديق في وجهه العريض ... و هتف في تأثر واضح يشبه الانهزام : ـ ألا تملين.. قلت لك أنني لن أنهزم مهما تفعلين.. و تابعها بانزعاج كأنما يستطلع وقع كلامه من نفسها و لكن أنى لصخرة أن تتحرك أو تتأثر. ظلت كأول وهلة ترمقه في هدوء و هو يغلي.. ـ حتى لو بقيت على هذه الحالة مائة عام فلن تصلي إلى مبتغاك.. لن أحني رأسي أمامك.. و تابع بعد هنيهة بافتخار مصطنع : ـ لكم أنا سعيد.. سعيد بنفسي، لأني جعلتك تخضعين لي.. جعلتك دمية في يدي.. بئرا لكل الرغبات المجنونة.. و قهقه في عجرفة ، ثم سكت فجأة واقترب منها كالمحموم : ـ لكن أتساءل .. لماذا عدت..؟ * * * ـ إنني أحبك .. لا أدري كيف .. ولكني أحبك.. نظرت إليه في ذهول و دهشة فعاد يقول : ـ حب من أول نظرة.. أمر نادر لكنه حقيقة .. وابتسمت في براءة وخجل.. * * * الثورة ما تزال بركانا في أعماقه وأعصابه جمر متوقد. لو قالت كلمة واحدة لأخرجته من قبره.. لأخرجته من الجحيم و أعادت إلى نفسه ثباتها وأعادت إلى قلبه نبضه العادي. ولكن بصمتها تمعن في تعذيبه و بجمودها و سكونها تمعن في قتله بوحشية.. و أحس بالأشياء تدور من حوله وتمتم بانهزام : ـ هل تريدين أن أجن ..أجل .. هذا ما تريدين..؟ وسرت في جسده رعشة محمومة فغرس رأسه في الأرض و هو يغمغم بكلام مبهم.. وفجأة انهار بنيانه القوي أمامها. للحظة توهم أن قوة خفية تدفعه إلى الأرض .. قوة خارقة فوق الطبيعة تحاول أن تدفنه في شق أضيق من سم إبرة، ولكنه شعر بشيء في أعماقه لين كالنسيم ، قوي كالعاصفة يصرخ به في عنف فأدرك أن القلب الذي لطالما تباهى بصلابته و قوته هوى في البئر السحيقة التي لا يخرج من ظلمتها أحد .. أدرك أنه وقع... و لأول مرة منذ دخلت أفتر ثغرها عن ابتسامة هادئة .. رآها تبتسم فجن جنونه و صرخ في قوة و عنف. غير أن صرخته انتحرت قبل أن تبلغ حلقه .. أنى لصخرة أن تتحرك.. رأها تبتسم ، ابتسامة كانت كافية لتقول له كل شيء، لتقتل فيه كل شيء.. وخرجت كما دخلت بهدوء و بلا ضجة.. أحس برأسه ينتفخ و ينتفخ حتى أصبح بحجم الكرة الأرضية..أحس بجسده أخف عليه من ريشة و ... و تلاحقت الأحداث أمام عينيه بسرعة غريبة و هو سابح في الفضاء لا يلوي على شيء. و... و فجأة دوت في الحجرة صرخة قوية ارتجت لها الجدران فسقطت صورته على الأرض و انصفق الباب النصف مفتوح في قوة. ثم سكن كل شيء معلنا انتصار الصمت.
ودمتم في رعاية الله و حفظه أخوكم توتي
|
|
عبدو 91 مدير المنتدى
الجنس : المساهمات : 14281 العمر : 33 العمل/الترفيه : ماستر نقد أدبي المزاج : الحمد لله تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: انـتـصـار الصـمت الأحد يونيو 28 2009, 13:07 | |
| |
|
سيف الاسلام عضو مـلــكــي
الجنس : المساهمات : 1773 العمر : 36 تاريخ التسجيل : 08/12/2008
| موضوع: رد: انـتـصـار الصـمت الثلاثاء يونيو 30 2009, 12:21 | |
| بارك الله فيك على الرواية |
|
قطر الندى عضو مـلــكــي
الجنس : المساهمات : 1543 العمر : 30 العمل/الترفيه : طالبة المزاج : هادئة تاريخ التسجيل : 26/02/2009
| موضوع: رد: انـتـصـار الصـمت الثلاثاء يوليو 14 2009, 18:49 | |
| |
|