المعدة كيس عضلي تصل بين المريء والجزء الأول من الأمعاء الدقيقة الذي يعرف بالإثني عشر، وتملك المعدة فتحة ينساب منها الطعام تعرف باسم الفؤاد (لقربها من القلب)، وفتحة ثانية يطلق عليها البواب يخرج منها الأكل الى القسم الأول من الأمعاء، وبين الفتحتين هناك جسم المعدة الذي يتولى طحن الطعام محولاً إياه من جزيئات كبيرة الى جزيئات صغيرة سهلة الامتصاص.
وبعد طحن الطعام يتم دفعه الى العفج (الإثنا عشر) على مراحل بفضل تقلصات المعدة المنظمة، وفي الحال العادية، فإن نصف محتويات المعدة يغادر الى الأمعاء في غضون 90 الى 120 دقيقة بعد تناول الوجبة، أما اذا تأخر محتوى المعدة في المغادرة وفقاً للوقت المذكور، فهذا يدل على وجود كسل في المعدة.
وكسل المعدة ينتج من شلل وظيفي يصيب عضلاتها بحيث يؤدي الى بطء في إفراغ محتوياتها صوب الأمعاء، فتمكث هذه فترة أطول من المعتاد، الأمر الذي يسمح للجراثيم بالتكاثر فتحدث التخمرات التي يمكن ان تقود الى زوبعة من العوارض المزعجة، ومنها:
- حس الامتلاء في المعدة بعد وقت قصير من بدء تناول الطعام.
- الشعور بالانزعاج في البطن.
- انتفاخ البطن.
- الشعور بالحرقة.
- آلام في أعلى البطن.
- التجشوءات.
- الإحساس بالغثيان.
- التقيؤ خصوصاً بعد تناول وجبة عارمة تعج بالدسم.
- فقدان الشهية على الأكل.
- فقدان الوزن.
- في بعض الأحيان قد يتحول محتوى المعدة الى كتلة صلبة تسبب انسداد فتحة البواب فينتج من هذا الوضع الغثيان والتقيؤ.
ربّ سائل قد يقول: ما سبب كسل المعدة؟
قد يكون كسل المعدة مجهول الهوية كلياً أو قد يحدث لأسباب متنوعة، من بينها:
1 - الداء السكري، خصوصاً النوع الأول المعتمد على الأنسولين. يجدر التنويه هنا الى ان كسل المعدة يخلق صعوبات على صعيد ضبط سكر الدم.
2 - تناذرات ما بعد الإصابات الفيروسية.
3 - داء نقص الشهية العصبي.
4 - مرض الشراهة على الأكل.
5 - العمليات الجراحية السابقة للمعدة أو للعصب المبهم الذي يغذي المعدة.
6 - بعض الأمراض العصبية مثل داء باركنسون والجلطة الدماغية.
7 - الاضطرابات الاستقلابية وأمراض نقص هورمون الغدة الدرقية.
8 - بعض الأمراض، مثل داء تصلب الجلد والذئبة الحمامية.
9 - الارتداد المعدي - المريئي.
10 - تناول بعض العقاقير التي تبطئ عملية إفراغ المعدة أو التي تعرقل عملية الهضم.
كيف يتم تشخيص مرض كسل المعدة؟
يجرى التشخيص بناء على القصة السريرية والعوارض التي يشكو منها المصاب، ومن أجل تأكيد هذا التشخيص يعمد الطبيب الى الاستعانة بالفحوص الآتية:
* فحص الدم لإلقاء نظرة على مكونات الدم الخلوية والكيماوية.
* فحص إفراغ المعدة بعد إعطاء وجبة «الباريوم»، وفيه يطلب من المريض الصوم لمدة 12 ساعة ثم يعطى وجبة «الباريوم» التي تسمح برؤية المعدة بالأشعة. في الحال الطبيعية، تفرغ المعدة محتواها خلال فترة 12 ساعة، أما إذا شوهد الطعام في المعدة بعد انتهاء هذه الفترة، فهذا يعني وجود كسل في المعدة.
* فحص عمل المعدة بإعطاء وجبة «الباريوم» مع شريحة من اللحم، فهذه الوجبة تمكّن طبيب الأشعة من مراقبة المعدة، وبالتالي حساب الزمن الذي تستغرقه عملية الهضم والإفراغ.
* دراسة إفراغ المعدة بالتصوير الومضاني. فبعد إعطاء المريض وجبة تحتوي على مادة مشعة، وبواسطة جهاز خاص يتم رصد هذه المادة وبالتالي يمكن أخذ فكرة عن مدة بقاء الطعام وزمن عبوره من المعدة الى الأمعاء.
* قياس الفعاليات الكهربائية والعضلية للمعدة التي تعطي فكرة عن عمل المعدة ومدى إفراغها.
* فحص المعدة بالمنظار.
* فحص المعدة بالأمواج فوق الصوتية.
كيف يعالج كسل المعدة؟
ان علاج كسل المعدة ليس سهلاً، إذ انه خلل مزمن لا مفر من التعايش معه. وفي كل الأحوال، فإن الإرشادات الآتية من شأنها أن تخفف من وطأة العوارض التي يقف خلفها:
* تفادي ارتداء الملابس الضيقة أو وضع الأحزمة المشدودة لأنها تسبب تقاعساً في تقلصات المعدة وبالتالي تبطئ من عملية إفراغها.
* النوم على الجانب الأيمن للمساعدة على إفراغ المعدة.
* إحداث تغيرات على صعيد التغذية، وهذه تعتبر حجر الأساس في مداواة كسل المعدة، وتشمل:
1 - الحد من الألياف الغذائية، لأنها تتطلب وقتاً أطول وجهداً اكبر من المعدة كي تتعامل معها، وهذا ما يؤدي الى إطالة فترة إقامة الطعام في المعدة.
2 - الحد من كمية المواد الدهنية في الوجبات، لأن الدسم يتطلب وقتاً طويلاً من أجل هضمه وبالتالي مدة أطول لإفراغ عناصره.
3 - تناول الأغذية السهلة الهضم السريعة الإفراغ مثل الأطعمة المصفاة والسائلة.
4 - تناول 5 أو 6 وجبات صغيرة في اليوم بدل وجبتين أو ثلاث.
* وصف بعض الأدوية التي لا تخفى على الطبيب، واذا فشلت هذه يمكن اللجوء الى علاجات حديثة مثل وضع منظم لتقلصات المعدة، أو حقن سم «بجيلينيوم»، أو إجراء عمليات جراحية.
ومن اجل أخذ فكرة عن مدة بقاء الأكل في المعدة نضرب هنا بعض الأمثلة:
* الرز مع الحليب من ساعة الى ساعتين.
* البطاطا المقلية من ثلاث الى أربع ساعات.
* الدجاج المقلي والدسم والسمك المقلي من خمس إلى تسع ساعات.
* لحم الضأن والبقر من أربع الى خمس ساعات.
* البيض المقلي والبطاطا المطهوة من ساعتين الى ثلاث ساعات.
* الماء يبقى للحظات فقط في المعدة.
في المختصر، ان كسل المعدة اضطراب شائع يسبب عوارض مختلفة في حدّتها وشدّتها وتتباين من شخص الى آخر، ان تناول أطعمة صلبة أو غنية بالألياف (النيئة خصوصاً) أو تعج بالمواد الدسمة، أو بالمشروبات الغنية بالكربون، من شأنها أن تعطي الضوء الأخضر لحدوث العوارض، وأمام العوارض الشاسعة الواسعة والمتباينة بين شخص وآخر، فإن تشخيص هذا الاضطراب صعب أحياناً حتى على الأطباء.
ولا يغيب عن البال ان كسل المعدة يقف وراء الكثير من حالات نقص الوزن المحيرة التي لا يمكن إيجاد تفسير واضح لها. عدا هذا وذاك، فإن دكّ المعدة بكميات هائلة من الطعام بعد الصيام يمكنه ان يكون المقدمة لكسل المعدة.