الذهاب إلى المدرسة في نظر الآباء والأمهات يعني ان الطفل سيتعلم على مقاعدها القراءة والكتابة، ولكن هذا افتراض مسبق بان الطفل راغب في تعلم القراءة وكفانا عبء المتابعة . أول البدهيات ان الطفل لا يعرف ماذا تعني القراءة، وإن كان يعرف، فإن هذه المعرفة تعتمد على البيئة التي يعيشها، والرغبة في القراءة عنده لن تكون أصلية إلا إذا صحبها مفهوم جلي عن معناها.
وطبقاً لمفهوم الطفل عن القراءة، ورغبته في تعلمها، واهتمامه بها يكون استعداده لتعلمها والنجاح فيها، ومن أجل هذا، فإن من التبعات الأساسية التي تقع على عاتق المعلم أن يتحرى في طلبته هذا الاستعداد، وينميه، قبل البدء بعملية التعليم.
يؤكد التربويون وعلماء النفس التربوي أن استعداد الأطفال للتعلم يكون ضمن مستويات، وفروق لا حصر لها، فهناك فروق في الشخصية ، والميول ، والقدرات ، والخبرات السابقة، والمحصول اللغوي السابق، والبيئة، والثقافة، والنضج الجسمي، والاجتماعي، ثم إن هناك من قد أمضى مدة في مرحلة ما قبل المدرسة ( رياض الأطفال) ، حيث أتيحت لهم خبرات تعليمية معينة، في حين أن اغلبية أتت من المنازل دون أن تتاح لهم مثل هذه الخبرات.
وهذه الفروق تعني، بالتأكيد، وجود فورق متباينة بينهم في درجة الاستعداد ، ما ينجم عنه عدم بلوغ بعض الأطفال المستوى المطلوب، ومعنى هذا: انتقال بعض التلاميذ إلى مرحلة أعلى دون أن يصلوا مستوى زملائهم الآخرين فيزدادون تراجعا عاماً بعد عام، ولذا فإن المربين يقررون أن التلاميذ يختلفون في درجة استعدادهم لعملية التعلم، وعليه ينبغي أن نتعرف مدى استعداد كل منهم، ومحاولة تنمية هذا الاستعداد بشتى الطرق، والوسائل المتاحة، وألا نسرع في تنفيذ منهاج تعلم القراءة إلا بعد أن يبلغ التلميذ درجة مناسبة من الاستعداد.
ومن المعلوم أن كل عملية تعليمية لا بد من وجود عدد من العوامل لنجاحها. أهمها: النضج،: التعلم أو المران، والقراءة كغيرها من المهارات اللغوية تحتاج إلى وصول الطفل إلى مستوى معين من الاستعداد قبل تعلمها وقد عرف كثير من العلماء والمربين الاستعداد للقراءة فقالوا: إن الاستعداد لتعلم مبادئ القراءة يتوافر في الطفل المتعلم حينما يستطيع هذا الطفل أن يفهم ما ترمز إليه صورة من الصور، ويحسن التعبير عن مفهوم هذه الصور، وينقل أفكاره إلى غيره بسهولة ووضوح.
و من العوامل التي يجب أن تتوافر في الطفل بدرجة كافية حتى يصبح قادراً على المباشرة في عملية القراءة. - الاستعداد العقلي ،لان تمكن الطفل من القراءة يتطلب قدراً معيناً من النضج العقلي ،وهذا الاستعداد للقراءة ناجم عن عوامل الوراثة والبيئة، إضافة إلى التربية التي تسهم إسهاماً بيناً في تكوينه، ونموه، واختلافه من طفل لأخر. وكذلك الاستعداد الجسمي ،فالقراءة ليست عملية عقلية فحسب، وإنما هي عملية تحتاج الى الاستعداد البصري،فالبصر السوي له الأثر الواضح في تعلم القراءة، ، فكل خلل في الإبصار يؤدي بالطفل إلى رؤية مهزوزة، أو على غير صورتها الحقيقية، ويعيق تعلمه وما أسهل ان يعزو بعض المعلمين بطء تعلم الطفل الى عدم تفاعله وقدرته على القراءة وتكون المشكلة الحقيقية في الجانب الاخر وهو الابصار ، وقد يكون البصر سوياً، لكن إدراك الطفل للمرئيات لم يبلغ النضج المطلوب، ومن هذا النضج، على سبيل المثال، التناسق والتكامل في عملية الإبصار.
وتفصل الدراسات والابحاث التربوية في بيان مظاهر عدم نضج الإدراك البصري عند الطفل ومنها عدم قدرة الطفل على رؤية الأشياء، وعلى رؤية تفاصيلها، ودقائقها، وعدد من الاطفال يرون بعض الحروف بشكل مقلوب؛ كأن يري حرف (ت) (ب)، أو كلمة (حلب) (بلح) وهكذا......ومن هذه العيوب، كثرة رجعات العين إلى الوراء، ونكساتها.
وان لم يستطع الطفل أن يسمع جيداً فمما لا شك فيه أنه سيجد صعوبة في ربط الأصوات بالمادة القرائية المرئية، وبالتالي، سيجد صعوبة في تعلم الهجاء الصحيح، وفي سماع الدروس الشفهية، وما يدور من حوارات من حوله أو ما ،يلقيه معلمه، وما يقول زملاؤه، وهذا هو المقصود بالاستعداد السمعي، والنطقي لدى الطفل.
فقد يكون سماع الطفل سوياً إلا أنه يفتقر إلى الدقة في التمييز بين الأصوات، والتعرف إلى ما يتشابه منها، وما يختلف، وهذه القدرة أساسية في تعلم القراءة، ولا شك في أن النطق ينطبق عليه ما ينطبق على السمع لأنه مرتبط به بدرجة كبيرة وعليه، فإن الطفل الذي يصل إلى سن الدراسة وهو ينطق السين (شيناً) نحو: شراب (سراب)، والراء لاماً نحو رجل، لجل) لا بد من أن تختلط عليه الرموز الكتابية، وأصواتها المنطوقة وقت تعلم القراءة، ويضاف إلى ذلك ما تسببه مشكلات النطق من أثر نفسي في الطفل، إذ ينتابه الخجل حين يتحدث أمام زملائه مما قد يسبب له قلة المشاركة والانطواء، وتجنب الحديث خشية تعرضه للنقد والسخرية،وذلك يستدعي اهتماما من معلمه وأسرته.
وتتطلب عملية تعلم القراءة انتباهاً، وتركيزاً، ويقظة في كل عملية تتطلبها، فالطفل الذي يتعب بسرعة، وينتابه الإرهاق بعد جهد قليل، لا يقدر أن يكمل العمل، ولذلك سرعان ما يشرد ذهنه، ويتلاشى انتباهه، وتقف حماسته في الاستمرار في القراءة.
وتكاد الآراء والأبحاث، في ميدان الاستعداد الانفعالي، أو الشخصي أو العاطفي تتفق على أن مشكلات الطفل العاطفية، والشخصية سبب رئيس في إخفاق بعض الأطفال في تعلم القراءة - ولعل أبرزها فقدان الثقة بالنفس، والشعور بالحزن والحياء المبالغ فيه.
ومن الاهمية زيادة تراكم الخبرات التي يكتسبها الطفل منذ نعومة أظفاره وحتى قدومه إلى المدرسة، لانها تساعده على الربط بين المعنى الذهني للكلمة وصورتها المكتوبة اضافة الى الخبرات اللغوية وتشتمل مجموعة المفردات، والتراكيب اللغوية التي اكتسبها الطفل من أسرته، ومجتمعه قبل سن الدراسة .
ومن الجدير بالذكر أن سبب حدوث الخطأ في نطق بعض الأحرف إما أن يكون بسبب استعذاب الوالدين لهذا الخطأ، أو أن يكون ناجماً عن عيب خلقي فسيولوجي، ومهما كان الخطأ، ونوعه، ومسبباته، فإن له تأثيراً في تعلم الطفل القراءة والكتابة