اكتشاف عالم بأكمله تحت الأرض أقامته حضارة المايا
كان الإنسان في حضارة المايا القديمة يعتقد أن الفجوات الموجودة في صخور الغابات التي تحتوي على مياه شديدة النقاء، ما هي إلا بوابات للعالم السفلي وعرش إله المطر الذي يهدد الكون دائما والذي يتعين تهدئته بقرابين بشرية.
والآن فإن هذه الفجوات العميقة بالصخور الجيرية التي تحتوي على المياه في أسفلها تخرج اكتشافات علمية ربما يكون من بينها وسائل لعلاج مرض السرطان.
وفي ريفييرا مايا وهي شريط من المنتجعات السياحية في الكاريبي، بما في ذلك موقع تولوم الأثري الشهير، يوجد أكثر من 500 فجوة صخرية بعضها ينفذ إلى الغابات في حين أن فجوات أخرى بها ثقوب صغيرة للغاية مثل فتحة العين تسمح بدخول ضوء الشمس وجذور الأشجار.
ويقوم الغواصون بالنزول إلى تلك الفجوات التي تزخر بها شبه جزيرة يوكاتان لاكتشاف شبكة أنهار هائلة تحت الأرض.
وتمكن الغواصون حتى الآن من رصد 650 كلم من القنوات التي تشكل جزءا من دلتا نهر هائل تحت الأرض يصب في البحر الكاريبي وهو ما اعتبر مجرد بداية.
ويجري العلماء دراسات حول شبكة من الكهوف والدهاليز التي شكلتها مياه الأمطار التي تمر عبر الحجر الجيري المسامي ووجدوا ثروة من الآثار وعظام حيوانات من فترة ما قبل التاريخ.
وقد رصد العلماء في السنوات الأخيرة 40 نوعا جديدا من الكائنات أغلبها من الربيان والأسماك العمياء بسبب انعدام الضوء وحيث يندر الأوكسجين الذائب في المياه والغذاء.
كما رصدوا العشرات من الأنواع البحرية الجديدة التي تكيفت على وجه الخصوص لتحمل الظروف البيئية القاسية والتي يمكن أن تستخدم في المجالات الطبية.
مركبات مقاومة
ومن بين الاكتشافات المذهلة كائنات دقيقة تعيش في منطقة انتقالية حيث تصب المياه العذبة في البحر الكاريبي وحيوان الإسفنج الذي يعيش في المياه المالحة والذي قد يحتوي على مركبات مقاومة للأورام.
ويقول عالم الأحياء البحرية من جامعة تكساس توم إيليفي في هذا الصدد "البحث ما زال في مراحله الأولى ولكن من الممكن جدا أن يكون للبكتيريا والإسفنج استخدامات بيولوجية طبية محتملة بما في ذلك علاج السرطان".
ومن الاكتشافات الأخرى التي حققها الغواصون الذين يتجولون في تلك الممرات العميقة المظلمة عظام حيوانات عملاقة تشبه الأرانب وحتى الماموث وهي كائنات تعود لما قبل آخر عصر جليدي.
ويقول سام ميتشام وهو من مكتشفي العالم الموجود تحت الأرض ومن المدافعين عن البيئة "عندما نقول للناس إن هناك أفيالا تحت الأرض يعتقدون أننا فقدنا صوابنا".
وقد تسربت المياه عبر الحجر الجيري الذي يشبه الإسفنج مما جعلها نقية وشفافة للغاية حتى أن الغواصين يقولون أنهم يشعرون وكأنهم يعومون في الفضاء.
البيئة السفلية
وتتراوح أعماق عيون المياه من عدة أمتار إلى أعماق كبيرة لم تصل إليها بعد يد الاستكشاف متعدية مسافات يزيد عمقها على 150 مترا.
ويقول ابليفي إن البيئة الموجودة في الأسفل فريدة وهي تضم أشكال حياة لم يكن يتصور أحد على الإطلاق أنها موجودة، ويضيف أن هنالك حاجة إلى مزيد من العمل في الداخل.
ويقول مدافعون عن البيئة إن هذا التطور الهائل لا يتم تنظيمه بالشكل الكافي ويحذرون من أن النفايات التي تخلفها الفنادق والمنتجعات في المنطقة بدأت بالفعل تلوث هذا الكنز الموجود تحت الأرض.