تاريخ مدينة خان يونس

نظرة تاريخية على المدينة : - لا نعرف الكثير ـ كما سبق القول ـ عن الجذور التاريخية البعيدة للمدينة ، و لكن المرجح أنها كانت جزءاً من الأراضي الزراعية الخصبة ، التي كانت تحيط بعدد من التجمعات السكانية المجاورة ، و التي ارتبطت نشأتها بالمرتفعات القريبة من المدينة . وقيل إن النشأة الأولى للمدينة قد ارتبطت بالعصر اليوناني ، حيث أسس اليونان مدينة ساحلية عرفت باسم¨ ( جينسس ) . ¨ ارتبطت نشأة مدينة خان يونس بالمماليك الجراكسة ، و بالسلطان المملوكي برقوق ( حكم مصر و بلاد الشام فيما بين سنتي 1382 و 1399 م ) على وجه التحديد ، حيث اهتم هذا السلطان بتعزيز الحركة التجارية بين مصر و بلاد الشام ؛ فأمر ببناء عدد من الخانات والقلاع ، و كان من بينها بناء الخان و القلعة التي أشرف على إنجازها الأمير يونس ، حامل أختام السلطان ، حيث بنى القلعة بسورها الضخم و بنى بداخلها خانا فسيحا سنة 789هـ 1387 م . و من هنا ارتبط اسم هذه المدينة باسم مؤسسها فقيل [ قلعة برقوق ] ، وقيل [ خان يونس ] . و لما كان النشاط التجاري غالبا على النشاط الحربي للقلعة غلب اسم الخان على اسم القلعة وعرفت المدينة بـ " خان يونس " بعيد وقت قصير من بناء القلعة . و كانت مدينة خان يونس في العهد المملوكي تابعة للواء غزة ، الذي كان يضم مساحات واسعة من النقب و جنوب الأردن حتى مدينة الكرك . ¨ شاركت مدينة خان يونس منذ نشأتها في الأحداث الجسام التي مرت بها مصر و بلاد الشام و كان على رأس الأحداث التي شاركت فيها الصراع الأخير بين المماليك والعثمانيين ، و التي دارت فيها الدوائر على المماليك ، و انسحبوا إلى مصر . و من الجدير بالذكر أن أهالي خان يونس قد تعاونوا مع المماليك و لم يرحبوا بقدوم العثمانيين كثيراً ، شأنهم شأن عدد من المدن الفلسطينية الأخرى . و مهما يكن من أمر فقد جدد العثمانيون القلعة و أقاموا فيها حامية عسكرية و استبقوا جزءاً منها نزلاً للتجار والمسافرين و عابري السبيل . ¨ تبعت فلسطين في العهد العثماني لواء غزة معظم الوقت ، و لكنها تبعت مدينتي القدس وعكا في أحايين كثيرة . و من ذلك ـ على سبيل المثال أنها كانت تابعة لعكا في عهد كل من ظاهر العمر ، و أحمد باشا الجزار و من خلفه من أمرا مماليك الدولة العثمانية . ¨ و كانت مدينة خان يونس في ذلك العهد بوابة الشام للقادمين من مصر ، و آخر منازل الشام الرئيسة للمسافرين لمصر و بلاد المغرب . و من هنا مرت جميع الحملات العسكرية القادمة من مصر بمدينة خان يونس ، و من ثم ساهمت هذه المدينة بنصيب كبير في الدفاع عن بلاد الشام و مصر ، حيث مرت بها معظم الحملات العسكرية القادمة من مصر ، كما مرت بها معظم الحملات الشامية المتجه إلى مصر . و كان من أهم تلك الحملات حملات على بيك الكبير و خلف محمد بك أبو الذهب ، فيما بين سنتي 1771 و 1775 م ، وحملة إبراهيم باشا على الشام سنة 1832 م ، حيث ساهم أهالي المدينة في تعزيز قوات إبراهيم باشا و في إمدادهم بالمؤن و العتاد . و مما يذكر أن قادة الحملة الفرنسية المتجهة إلى عكا قد تاهوا في طريقهم ، و لكنهم تمكنوا بعد وقت قصير من العودة للمدينة و الالتحاق بالقوات الفرنسية التي كانت تعيد ترتيب صفوفها تمهيداً للانقضاض على مدينة غزة . ¨ و من الجدير بالذكر أن مدينة خان يونس قد شهدت أول مجالسها البلدية في أواخر القرن التاسع عشر ، حيث بدأت الحكومة العثمانية في تشكيل التنظيمات البلدية منذ سنة 1874 م . و قد شهدت مدينة خان يونس منذ ذلك الحين عدداً من المجالس البلدية التي سنتحدث عنها في مبحث مستقل . ¨ و كان من أهم المشاركات التاريخية و العسكرية و أبرزها دور المدينة البطولي في التصدي للغزو البريطاني ؛ مما اضطر البريطانيين إلى ضرب قلعتها بنيران المدفعية ، وكان ذلك من أكبر الأسباب التي أدت إلى تهدم القلعة. و من الجدير بالذكر أن الإنجليز قد أهملوا ترميم القلعة ؛ لأنهم لم يرغبوا في تجديد دورها العسكري ، و لم يعودوا يهتموا برعاية الحركة التجارية بين مصر و بلاد الشام . ¨ وكان يقيم في قلعة خان يونس قائد حربي و حامية عسكرية مرتبطة بحاكم قضاء غزة وكانت القلعة و الخان أو النزل المقام بها ملكا عاما للدولة ، و كانت هذه المؤسسة تشرف على السبل بين غزة و العريش و توفر الحماية للعابرين من حجاج و تجار و غيرهم . ولما جاء الانتداب البريطاني في أعقاب الحرب العالمية الأولى أهمل شأن القلعة ، وبخاصة بعد دخول وسائط النقل الحديثة ، و التي كان من أكثرها تأثيرا على القلعة ودورها التاريخي إنشاء خطوط السكة الحديد التي ربطت فلسطين بمصر و غيرها من أقاليم الجوار ، و لم يعد للقلاع ذلك الدور التجاري و الحربي الذي كانت تلعبه من قبل . ومن هنا تحولت الأراضي الواقعة داخل القلعة إلى ملكيات خاصة ، فأزال الناس بقايا الخان المتهدم بل أزالوا أسوار القلعة نفسها و التي كان آخرها بقاء السور الجنوبي الذي أزيل تدريجيا بعد احتلال القوات الإسرائيلية للمدينة بعد حرب 1967 م . أما اليوم فلم يبق من القلعة غير الواجهة الغربية ، و هي عبارة عن البوابة الرئيسة للقلعة و الخان ، و هي وسط المدينة وعلى المنتزه الصغير المجاور لمبنى بلديتها . - و من الجدير بالذكر أن مدينة خان يونس قد ارتبطت تجارياً و اقتصادياً منذ نشأتها بمدن غزة و يافا و بئر السبع و العريش ، حيث كان أهالي خان يونس يذهبون إلى تلك المدن للتسوق والتجارة . ¨ و استقبلت مدينة خان يونس في أعقاب حرب 1948 م نحو خمسين ألف لاجئ من إخوانهم الفلسطينيين ، الذين لا يزالون يقيمون في معسكراتهم بالمدينة في انتظار العودة إلى بلادهم السليبة . ¨ و ساهمت مدينة خان يونس مساهمة فاعلة في حربي 1956م و 1967م ، حيث كانت من أكثر المدن صموداً ، من ثم عاقبها جيش الاحتلال سنة 1956 م بارتكاب مجزرة بشعة فوق ترابها الطاهر . أما عقوبة صمودها بعد حرب 1967 م ، فكانت قرار قوات الجيش الإسرائيلي عدم السماح للمدينة بتجديد أو ترميم بنيتها التحتية . و من ثم فقد أصبحت هذه المدينة ـ بسبب صمودها الأسطوري في وجه الغازي الصهيوني ـ مدينة منكوبة على الصعيدين الخارجي والداخلي ، فالبنية التحتية مازالت غير موجودة وضعيفة ،ولازالت تعاني من غياب عدد كبير من المرافق الحيوية ، و من أهمها مرافق الصرف الصحي ، و العجز الشديد في كمية المياه اللازمة للشرب ، و تلوث البيئة الناتج عن ترك المدينة بلا تخطيط هيكلي مناسب ، فضلاً عن قيام إسرائيل بالسيطرة على الامتداد الإقليمي للمدينة ، بالاستيطان و سلب المياه و محاصرة المدينة ؛ حتى لا تقوى على القيام بدورها النضالي مرة أخرى .. -و بدأت مدينة خان يونس في استعادة وجهها الحضاري منذ عودة السلطة الوطنية سنة 1994 ، حيث بدأت البلدية في إقامة عدد من المشاريع المرتبطة بتطوير البنية التحتية ، و منها تجديد و تأهيل و رصف عشرات الشوارع ، التي فقدت أهليتها في زمن الاحتلال الإسرائيلي ، فضلاً عن شق عشرات الطرق الجديدة . و إنشاء محطتين للتحلية ، و إعادة تأهيل الآبار القديمة ، و تجديد شبكة المياه و التخطيط لإنشاء شبكة الصرف الصحي . . . إلخ .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

بارك الله فيك يا أخ الياس

مشكوووووووووووووووور على التعريف بهذه الحضارة