مارتن لوثر كينغ في سطور
1929 ولادة مارتن لوثر كينغ في 15 كانون الثاني.
1935 ـ 1944 فترة من الدراسة الابتدائية والثانوية.
1947 التخرج من معهد اللاهوت.
1948 رسامة كينغ كاهنا مساعدا لوالده.
1953 زواجه من كوريتا سكوت .
1954 الحكم الشهير بأن التمييز العنصري في المدارس غير دستوري.
1955ـ 1956 أزمة الباصات وصدور حكم آخر بالمساواة بين الركاب السود والبيض.
1957 صدور تشريعات عن الكونغرس أدت إلى انشاء
مفوضية للحقوق المدنية.
1958 صدور كتاب "خطوات نحو الحرية: قصة مدينة مونتغومري".
1959 الذهاب إلى الهند لدراسة أساليب غاندي في اللاعنف.
1960 العودة إلى أتلانتا.
1961 "الركاب الأحرار" وصدور حكم بأن التمييز في الباصات التي تنقل المسافرين عبر الولايات هو مخالف للدستور.
1964 كينغ يحصل على جائزة نوبل للسلام، واغتيال "مالكوم X ".
1965 ـ 1967 فترة من الاضطرابات واعمال الشغب ضد السود، خصوصا من منظمة "كوكس كلان " ومثيلاتها.
1968 اغتيال كينغ في مامفيس.
ما
من شك في ان البشر قد مارسوا التمييز العنصري منذ "اجتماعهم" في كيانات
سياسية مختلطة. والعرق الأسود كان أكثر من تعرض أفراده لهذا التمييز عبر
العصور. ولكن القرن العشرين شهد حالتين من التمييز العنصري "الرسمي"، أي
"المقونن"، الولايات المتحدة الأميركية وجنوب أفريقيا.
لقد تحدثنا في
حلقة سابقة عن نيلسون مانديلا الذي أنهى قوننة التمييز العنصري في أفريقيا
الجنوبية، وسنتحدث في هذه الحلقة عن الدكتور مارتن لوثر كينغ، الكاهن
المعمداني الذي لعب دورا مهما في إلغاء قوننة التمييز العنصري في الولايات
المتحدة، ودفع حياته ثمنا لذلك.
ولد مارتن لوثر جونيور في 15 كانون
الثاني 1929 في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا وكان والده، مارتن لوثر
(سينيور) كاهنا. عام 1935 دخل المدرسة وتلقى دروسه الابتدائية والثانوية
حتى عام 1944، حيث نجح في امتحان الدخول إلى معهد اللاهوت في اتلانتا قبل
ان ينهي دراسته الثانوية. وفي عام 1947 تخرج من ذلك المعهد متخصصا بالوعظ،
فيما تابع دروسا في علم الاجتماع، وعيّن مساعدا لوالده الكاهن التابع
للكنيسة المعمدانية في أتلانتا. وفي 25 شباط من العام التالي (1948) تمت
سيامته كاهنا. وفي حزيران حصل على شهادة الاختصاص في علم الاجتماع.
عاش مارتن لوثر كينغ حياة شبه هادئة في الفترة التالية، وتزوج من كوروتا سكوت في مدينة ماريون بولاية ألاباما (1953).
في
17 أيار 1954 حقق السود "انتصارا" هاما عندما حكمت المحكمة العليا بأن
التمييز العنصري ضد الطلاب السود في المدارس الرسمية هو أمر غير دستوري،
وكانت تلك الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل.
في 31 تشرين الأول 1954
عين مارتن لوثر الأب ابنه كاهنا في مدينة مونتغومري في ألاباما التي شهدت
في العام التالي ما عرف ب "أزمة الباصات". فقد جاء في قوانين ولاية
ألاباما انه لا يحق للسود الجلوس في الأماكن التي يجلس فيها البيض في
الباصات. وفي الأول من كانون الأول 1955 رفضت امرأة سوداء ان تتخلى عن
مقعدها في أحد الباصات لرجل أبيض فاعتقلتها الشرطة.
اجتمعت كافة
الحركات المناهضة للتمييز العنصري في المدينة في اليوم نفسه وانتخب
أعضاؤها بالإجماع مارتن لوثر كينغ رئيسا لتجمعهم الذي أطلقوا عليه اسم "
جمعية تطوير مونتغومري". وقرروا رفع الدعوى لاثبات عدم دستورية قوانين
التمييز العنصري في الباصات. فردت الشركة بأن أوقفت رحلاتها إلى الأحياء
ذات الغالبية السوداء.
تعرض كينغ لحملة مضايقات من رجال الشرطة بسبب
نشاطاته المناهضة للعنصرية، وقد اعتقل مرة وأوقف لقيادته سيارته بسرعة 30
ميلا في منطقة حددت السرعة القصوى فيها ب 25 ميلا في الساعة. كما تعرض
لأعمال عنف من أشخاص عنصريين، ورميت قنبلة على منزله.
في 4 حزيران 1956
حكمت المحكمة بأن التمييز العنصري في الباصات هو أمر غير دستوري، وقبل
نهاية ذلك العام صار يحق للسود الجلوس في مكان واحد مع البيض.
تابع
مارتن لوثر كينغ ورفاقه نضالهم من اجل الحقوق المدنية للسود في الولايات
المتحدة، وراحوا يحرزون الانتصار تلو الانتصار. ففي 9 ايلول 1957 وافق
الكونغرس على مشروع قانون الحقوق المدنية وكان من نتيجة ذلك انشاء مفوضية
الحقوق المدنية كهيئة مستقلة، وانشاء دائرة للحقوق المدنية تابعة لوزارة
العدل.
ومن جهة أخرى تابعت الشرطة مضايقاتها لكينغ، فادعى عليه أحد
أفرادها بتهمة "عدم الامتثال"، وحكمت عليه المحكمة (4 ايلول 1958) بغرامة
مالية، رفض دفعها، ولكن مدير الشرطة قام بذلك رغم معارضة كينغ، في محاولة
منه لاظهار عدم التحيز ضد المناضلين من اجل الحقوق المدنية. وبعد أيام ظهر
كتاب كينغ الشهير "خطوة نحو الحرية: قصة مدينة مونتغومري".
في السنة
التالية (1959) قام كينغ مع زوجته بزيارة إلى الهند حيث امضيا فترة في
دراسة أساليب غاندي في اللاعنف. وبعد عودته (1960) انتقل مجددا إلى مدينة
اتلانتا حيث عمل مع والده في إدارة الكنيسة المعمدانية هناك. ولكن مذكرة
توقيف صدرت بحقه بتهمة تزوير المستندات الضرائبية لعامي 1956 و1958 فاعتقل
وحوكم وظهرت براءته من التهم الموجهة إليه. كما ادعي عليه بتهمة الجلوس في
مكان عام لا يحق للسود الجلوس فيه واعتقل وسجن (1960).
شهد عام 1961
تشكيل مجموعة "الركاب الأحرار" الذين أعلنوا عن عزمهم على ركوب الباصات
التي تنقل الركاب فيما بين الولايات والتي كانت مشمولة بقوانين التمييز
العنصري. فأصدرت المحكمة العليا حكما بان التمييز العنصري في الباصات التي
تعبر الولايات غير دستوري (أيار 1961). وهكذا قامت المجموعة الأولى من
"الركاب الأحرار" باستخدام الباص الذي ينقل الركاب من واشنطن إلى ولاية
الميسيسيبي.غير ان جماعات من المتعصبين العنصريين هاجمت الباص وأحرقته في
ألاباما. كما قامت مجموعات أخرى بالاعتداء بالضرب على الركاب الذين
استقلوا باصا آخر لمتابعة الرحلة في بيرمنغهام. وفي النهاية قامت الشرطة
باعتقالهم عند وصولهم إلى مدينة جاكسون في الميسيسيبي وامضوا ما بين 40 و
60 يوما قيد الاعتقال.
في السنوات التالية (1962 ـ 1963) تعرض كينغ
للمزيد من حملات المضايقة والاعتقال بتهم تافهة لا تستوجب في العادة
التوقيف أو السجن. ولكن مع بداية العام 1964 بدأت أعمال الشغب تتكاثر في
مختلف أنحاء البلاد وخصوصا مع ازدياد أعمال العنف التي ارتكبها العنصريون
من أعضاء منظمة "كوكس كلان" ومثيلاتها، وراح الضحايا من السود يسقطون في
هارلم ونيوجرسي وايلينوا وبنسلفانيا.
في 10 كانون الاول 1964 نال كينغ جائزة نوبل للسلام، اعترافا بجهوده الحثيثة لمنح السود حقوقهم المدنية باستخدام الوسائل السلمية.
عام
1965 شهد انتصارا آخر حين وقع الرئيس نيكسون القانون الذي يمنح السود حق
الاقتراع في الانتخابات ، ولكنه شهد أيضا اغتيال المناضل الأسود المعروف
باسم "مالكوم X".
تابع العنصريون البيض أعمال الشغب لإرهاب السود
وثنيهم عم مطالبتهم بحقوقهم. فكانوا يتصدون للمظاهرات السلمية التي يقوم
بها هؤلاء، والتي صارت مختلطة باشتراك الكثير من المعتدلين البيض فيها.
وكان
أسوأ أعمال الشغب ما حصل في مدينة ديترويت بين 23 و30 تموز 1967 وحصد أكثر
من 43 قتيلا و 324 جريحا. مما دفع الزعماء السود مارتن لوثر كينغ وفيليب
راندولف وروي ويلكينز وويتني يونغ إلى توجيه نداء بوقف أعمال العنف.
في
شهر نيسان 1968 وأثناء جولة لمارتن لوثر كينغ في مدينة مامفيس، وفيما كان
يخطب في الجماهير المحتشدة أمام الفندق الذي كان مقيما فيه، أطلق عليه
قناص النار فأصابه في عنقه، ثم توفي في المستشفى بعد ساعات قليلة، منهيا
بذلك حياة مليئة بالكفاح والنضال من أجل الحقوق المدنية.
من المؤكد ان
التمييز العنصري هو شأن يتعلق بالنفوس قبل النصوص. وما من أحد يستطيع
إلغاءه بالكامل من الحياة اليومية للبشر. ولكن المؤكد أيضا ان مارتن لوثر
كينغ كان صاحب الدور الأكبر والأساسي في إزالته من النصوص، ومنع قوننته.