بكتيريا، فيروسات، جفاف... عوامل كثيرة تؤدي إلى ألم في الحلق أثناء البلع، كيف نتجنّب هذه المشكلة، ومتى علينا مراجعة الطبيب، وما هي العلاجات المتوافرة؟
أكثر من 200 نوع من الفيروسات تؤدي إلى إصابتنا بنزلة برد وبألم بالحلق، وثمة ثلاث فصائل رئيسة لفيروسات الأنفلونزا. من المحتمل أن يحصل ألم الحلق عند الإصابة بفيروسات الحصبة أو فيروسات الجُديري المائي أو فيروسات مرض الخناق، وتتميز جميعها بأنها شديدة العدوى وسهلة الانتقال من شخص الى آخر.
تدخل الفيروسات إلى الجسم عبر الأنف أو الفم، عند استنشاق جزيئات من المياه المتطايرة في الهواء المحتوية عليها أي عند إهمال تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال أو الضحك أو الكلام.
كذلك تنتقل تلك الفيروسات، عندما تلتصق بأشياء استخدمها مصاب مثل سمّاعة الهاتف أو لوح مفاتيح الكومبيوتر أو مقابض الأبواب أو المناشف أو الأقلام، ولمسها شخص سليم من بعده. وفُرص انتقال العدوى بين الأطفال في المدارس أو أماكن اللعب مرتفعة جداً.
تُصاحب ألم الحلق أحياناً مظاهر مرضية أخرى مثل العطس أو السعال أو ارتفاع حرارة الجسم أو الإرهاق العام، وغير ذلك من أعراض فيروسية عامة.
البكتيريا
يتسبب عدد محدود من أنواع البكتيريا بألم الحلق. ومن الواجب معالجة الالتهابات البكتيرية بمضادات حيوية لتجنّب مضاعفاتها على صمامات القلب والكلى والمفاصل والدماغ.
يؤدي بعض أنواع الميكروبات المنتقلة عبر الاتصال الجنسي إلى التهاب الحلق البكتيري، مثل السيلان والقوباء، أو ما يُعرف بالكلاميديا.
وتتسبب البكتيريا المكورة العُقَدية بالتهاب بكتيري في الحلق واللوزتين أو لحمية الأنف، ما يُؤدي إلى ألم مفاجئ في الحلق وصعوبة في البلع، مع ارتفاع حرارة الجسم إلى ما فوق 38,5 درجة مئوية، وظهور بقع بيضاء أو صفراء على جدران الحلق أو اللوزتين، والإحساس بتورّم الغدد الليمفاوية في العنق.
وعلى رغم شكوى المصاب من الصداع أو الغثيان أو القيء أو آلام في الجسم، إلا أن من المهم ملاحظة أن هذا النوع من الالتهاب البكتيري لا تُصاحبه عادة أعراض الاحتقان المصاحبة لنزلات البرد، مثل العطس وسيلان الأنف وانسداده والسعال. وقد يزول خلال بضعة أيام، لكن من الضروري تشخيص الإصابة به لأن العلاج، أي المضاد الحيوي، يحمي من حصول مضاعفات الحمى الروماتيزمية على القلب والكلى والمفاصل والدماغ.
والدفتيريا نوع آخر من البكتيريا المتسببة بحالات التهاب الحلق. وتسبب أحد الأمراض الشديدة الخطورة على الحلق والقلب ومناطق أخرى من الجسم لأن التهاب الحلق بسببها قد يُؤذي عملية التنفّس بشكل كبير، وقد تطاول السموم التي تُفرزها تلك البكتيريا، القلب وغيره من أعضاء الجسم.
عوامل مُهيّجة
يسبب بعض العوامل ألماً بالحلق، لا علاقة له بفيروسات أو بكتيريا أو غيرهما من الميكروبات. وعلاج هذه الحالة مختلف تماماً عن علاج الالتهابات الميكروبية. ويؤدي الجفاف، خصوصاً داخل حجرات المنزل، وفي غرف النوم، دوراً شائعاً في معاناة كثيرين من حالات ألم الحلق المتكرر، الذي قد يطول لأكثر من أسبوع.
في فصلي الشتاء والخريف، نلجأ إلى تدفئة غرف النوم وغيرها، وبذلك نتنفس هواءً جافاً طوال الليل فنستيقظ بحلق جاف مؤلم. كذلك يؤدي التنفس خلال النوم الليلي عبر الفم، وليس الأنف، الى تفاقم المشكلة.
من ناحية أخرى، تسبب مواد كثيرة الحساسية، كالغبار، أو الأجزاء المتطايرة من أجسام الحيوانات المنزلية الأليفة، أو الفطريات الموجودة في تمديدات أجهزة التكيف المركزي، أو أنواع فطريات العفن والأجزاء المتطايرة من تجمعاتها في الحمامات والمطابخ وأرضيات الغرف وجدرانها، أو الوبر المتطاير من أقمشة أنواع الأثاث، أو المواد الكيماوية المتبخرة من أصباغ الجدران أو قطع الأثاث، وهي قد تُؤدي إلى احمرار في العينين، وسيلان في الأنف، وألم في الحلق، والعطس، والسعال الجاف، وضيق مجاري مرور الهواء في الجهاز التنفسي، وحساسية الجلد...
كذلك يُؤدي تلوّث هواء بعض المدن والأماكن، بمواد كيماوية، إلى تواصل حصول حالات ألم الحلق لدى البعض. ويظل الدخّان المنبعث من السجائر، أحد أهم أسباب تهيّج الحلق، لدى المُدخّن نفسه والمحيطين به.
يشار إلى أن حالة ارتداد أحماض المعدة إلى الحلق والأسنان، ما تؤدي إلى السعال الليلي والتهاب الحلق بتلك المواد الكيماوية الحارقة وتلف طبقات الأسنان الخارجية، ما يُسهّل تسوّسها.
أسباب أخرى
يسبب جهد العضلات المغلفة للحلق ألماً في الحلق، وصعوبة وألم في البلع، وربما بحّة في الصوت عند الكلام، وهو أمر لا يتنبه إليه البعض عند استخدام الكومبيوتر لفترات طويلة وبوضعيات جلوس غير سليمة، أو في حالة النوم على وسائد سيئة ولا تناسب الرأس والعنق، أو النوم على الكراسي أو في أماكن غير مناسبة لراحة عضلات الرقبة.
كذلك تُسهّل الإصابة بفيروس نقص المناعة حصول التهابات متكررة. ويؤدي استخدام بعض المرضى لأنواع الأدوية الخافضة للمناعة، مثل مشتقات الكورتيزون، الموجودة في مسحوق من البودرة الدوائية المُعّدة للاستنشاق، إلى الإصابة بفطريات الحلق. ونادراً ما يكون ألم الحلق ناتجاً من وجود أحد أنواع الأورام السرطانية في الحلق.
أعراض
قد تزول أعراض ألم الحلق في غالبية الحالات خلال بضعة أيام، خصوصاً عند الإصابة بالتهابات فيروسية لأنواع نزلات البرد أو الإنفلونزا. وأحياناً قد يكون ضرورياً مراجعة الطبيب.
تشمل العلامات التي تدل المُصاب على ضرورة مراجعة الطبيب:
- ألم فجائي في الحلق غير مصحوب بأعراض نزلة البرد.
- ألم فجائي في الحلق مصحوب بارتفاع في حرارة الجسم.
- ألم شديد في الحلق يطول لمدة تزيد على أسبوع.
- صعوبة واضحة في التنفّس أو بلع الماء والطعام.
- ارتفاع حرارة الجسم الى ما فوق 38,3 درجة مئوية لدى الأطفال دون الستة أشهر.
- ارتفاع حرارة الجسم الى ما فوق 39,4 درجة مئوية لدى الأطفال والبالغين.
- تورّم، مؤلم أو غير مؤلم، في غدد العنق الليمفاوية.
- وجود صديد أو بقع بيضاء أو صفراء في خلفية الحلق.
- طفح من بقع حمراء على الجلد.
- استمرار بحّة الصوت أو السعال لفترة تتجاوز الأسبوعين.
- خروج دم مع اللعاب أو البلغم أثناء السعال.
- ظهور علامات الجفاف، مثل ضمور العينين والإعياء الشديد ونقص كمية البول.
- الاتصال المباشر ومخالطة شخص أُصيب حديثاً بالتهاب بكتيري في الحلق.
- ألم متكرر في الحلق.
- سيلان واضح، وغير معتاد، للعاب من فم الطفل.
علاجات
معظم حالات ألم الحلق يزول خلال بضعة أيام، ولا يتطلب بالتالي معالجة طبية متخصصة.
ولتخفيف ألم الحلق وصعوبة البلع، والأعراض المُصاحبة، يُمكن تناول أحد أنواع الأدوية المضادة للالتهابات والمسكنة للألم. ويُمكن للبالغين تناول الأسبرين كعقار مخفف للألم وللالتهابات، لكن يجب عدم إعطائه لمنْ هم دون الـ 16.
ويُترك القرار في شأن البدء بتناول المضاد الحيوي، للطبيب ونتائج معاينته للمريض والتحاليل التي قام بها. وأحياناً يصف مضاداً حيوياً لإزالة إمكان أن يتسبب المُصاب بالعدوى لغيره من المحيطين به. وغالباً تصبح الحالة غير مُعدية بعد 24 ساعة من بدء تناول المضاد الحيوي.