ولدت الكاتبة فضيلة الفاروق في العشرين من نوفمبر( تشرين الثاني) سنة 1967 في مدينة آريس بقلب جبال الأوراس، التابعة لولاية باتنة شرق الجزائر.
تنتمي فضيلة الفاروق لعائلة ثورية مثقفة إشتهرت بمهنة الطب في المنطقة
تسمى عائلة ملكمي على مدى قرون في المنطقة، و اليوم أغلب أفراد هذه
العائلة يعملون في حقل الرياضيات و الإعلام الآلي و القضاء بين مدينة
باتنة و بسكرة و تازولت و آريس طبعا. عاشت الكاتبة فضيلة الفاروق حياة
مختلفة نوعا ما عن غيرها، فقد كانت بكر والديها، و لكن والدها أهداها
لأخيه الأكبر لأنه لم يرزق أطفالا... كانت الإبنة المدللة لوالديها
بالتبني لمدة ستة عشرة سنة، قضتها في آريس، حيث تعلمت في مدرسة البنات
آنذاك المرحلة الإبتدائية، ثم المرحلة المتوسطة في متوسطة البشير
الإبراهيمي، ثم سنتين في ثانوية آريس ، غادرت بعدها إلى قسنطينة لتعود إلى
عائلتها البيولوجية، فالتحقت بثانوية مالك حداد هناك. نالت شهادة
البكالوريا سنة 1987 قسم رياضيات و التحقت بجامعة باتنة كلية الطب لمدة
سنتين، حيث أخفقت في مواصلة دراسة الطب الذي يتعارض مع ميولاتها الأدبية،
إذ كانت كلية الطب خيار والدها المصور الصحفي آنذاك في جريدة النصر
الصادرة في قسنطينة. عادت إلى جامعة قسنطينة و التحقت بمعهد الأدب و هناك
و منذ أول سنة وجدت طريقها. فقد فجرت مدينة قسنطينة مواهبها، إنضمت مع
مجموعة من اصدقاء الجامعة الذين أسسوا نادي الإثنين و الذين من بينهم
الشاعر و الناقد يوسف وغليسي و هو استاذ محاضر في جامعة قسنطينة حاليا، و
الشاعر نصير معماش استاذ في جامعة جيجل، و الناقد محمد الصالح خرفي مدير
معهد اللغة العربية و آدابها بجامعة جيجل، و الكاتب عبد السلام فيلالي
مدير معهد العلوم السياسية في جامعة عنابة و الكاتب و الناقد فيصل الأحمر
استاذ بجامعة جيجل... كان نادي الإثنين ناد نشيط جدا حرك أروقة معهد اللغة
العربية و آدابها في جامعة قسنطينة طيلة تواجد هؤلاء الطلبة مع طلبة آخرين
في الجامعة، و انطفأت الحركة الثقافية في المعهد بمغادرة هؤلاء للمعهد.
تميزت فضيلة الفاروق بثورتها و تمردها على كل ما هو مألوف، و بقلمها و
لغتها الجريئة، و بصوتها الجميل، و بريشتها الجميلة. حيث أقامت معرضين
تشكيليين في الجامعة مع أصدقاء آخرين من هواة الفن التشكيلي منهم مريم
خالد التي اختفت تماما من الوسط بعد تخرجها. غير الغناء في الجلسات
المغلقة للأصدقاء التي تغني فيها فضيلة الفاروق أغاني فيروز على الخصوص و
فضيلة الجزائرية وجدت فرصة لدخول محطة قسنطينة للإذاعة الوطنية، فقدمت مع
الشاعر عبد الوهاب زيد برنامجه آنذاك " شواطئ الإنعتاق" ثم بعد سنة إستقلت
ببرنامجها الخاص " مرافئ الإبداع" و قد إستفادت من تجربة اصدقاء لها في
الإذاعة خاصة صديقها الكاتب و الإذاعي مراد بوكرزازة. و لأنها شخصية تتصف
بسهولة التعامل معها، و مرحة جدا، فقد كونت شبكة أصدقاء في الإذاعة آنذاك
إستفادت من خبرتهم جميعا، و كانوا خير سند لها لتطوير نفسها ، في الصحافة
المكتوبة بدأت كمتعاونة في جريدة النصر، تحت رعاية الأديب جروة علاوة وهبي
الذي كان صديقا لوالدها،و اصدقاء اخرين له، إنتبهوا إلى ثورة قلمها و
جرأته و شجاعته المتميزة، و قد اصبحت في ثاني سنة جامعية لها صحفية في
جريدة الحياة الصادرة من قسنطينة مع مجموعة من اصدقاء لها في الجامعة.
كانت شعلة من النشاط إذ أخلصت لعملها في الجريدة و الإذاعة و دراستهاالتي
أنهتها سنة1993 سنة1994 نجحت في مسابقة الماجستير و التحقت من جديد بجامعة
قسنطينة و لكنها غادرت الجزائر نهائيا في التاسع من أكتوبر( تشرين الأول)
سنة 1995 نحو بيروت التي خرجت من حربها الأهلية للتو. و في بيروت بدأت
مرحلة جديدة من حياتها. عالم جديد مفتوح وواسع، ثقافات مختلفة. ديانات
مختلفة. أفق لا نهاية له...
بيروت: مثل الأفلام تلتقي فضيلة الفاروق بصديقها اللبناني بالمراسلة ،
و الذي راسلته لفترة ثلاث سنوات تقريبا، و يقع في حبها. و مع أنه مسيحي
الديانة و يكبرها بحوالي خمسة عشرة سنة، إلا انها تقنعه بإعتناق الإسلام،
و تغييير دينه، و لا تطلب مهرا لها غير إسلامه، تتزوجه قبل نهاية السنة، و
تنجب بعد سنتين إبنهما الوحيد. و لكنها في بيروت تصطدم بثقافة الآخرن التي
لم تعشها في مجتمعها ذي الثقافة الأحادية و الدين الواحد والحزب الواحد
أيضا. المجتمع اللبناني له تركيبة مختلفة، عانت لتدخل و تتغلغل فيها. و
لعل محطة " الشاعر الكبير و المسرحي بول شاوول" هي أهم محطة في حياتها في
بيروت، فقد كان اليد الأولى التي امتدت لها و دعمتها الدعم الفعلي و
الإيجابي لتجد مكانا لها وسط كل تلك الأقلام و الأدمغة التي تعج بها
بيروت. جمعتها صداقة متينة و متميزة مع شاوولن جعلتها تستعيد ثقتها بنفسها
و تدخل معترك الكتابة من جديد. في نهاية 1996 إلتحقت بجريدة الكفاح العربي
... و مع أنها عملت لمدة سنة فقط في هذه الجريدة إلا أنها كونت شبكة
علاقات كبيرة من خلالها و فتحت لنفسها أبوابا نحو أفق بيروت الواسع...
نشرت أعمالها " لحظة لإختلاس الحب" و مزاج مراهقة" بدار الفرابي بيروت على
حسابها تقريبا. ثم كتبت تاء الخجل و أرادت أن ترقى بها إلى درجة ارفع،
فطرقت بها أبواب دور نشر كثيرة في بيروت و لكنها رفضت. ظلت هذه الرواية
بدون ناشر لمدة سنتين مع أنها ناقشت موضوع الإغتصاب من خلال مجتمعنا
العربي و قوانينه، ثم عرضت بألم كبير معاناة النساء المغتصبات في الجزائر
خلال العشرية السوداء ، و لكن الكتابة عن كل ما هو جنسي لم تكن مرغوبة في
ذلك الوقت، خاصة حين يكون الإغتصاب الذي يدين الرجل و المجتمع و القانون
الذي فصله الرجل على مقاساته. ظلت الرواية تتجول و ترفض إلى أن قدمتها
لدار رياض الريسن و قرأها الشاعر و الكاتب عماد العبد الله، الذي رشحها
للنشر مباشرة، و دعمها لفضيلة الفاروق دعما قويا تشهد له هي شخصيا.
الرواية أهتم بها نقاد من الوزن الثقيل مثل الكاتبة غادة السمان، و
الدكتور جابر عصفور الذي حرص على دعوتها لملتقى الرواية في القاهرة، و
الكاتب واسيني الأعرج الذي عرف بأعمالها في باريس و اقترحها لتدعى لملتقى
باريس للسرد الروائين و كتب عنها مقالات مهمة باللغة الفرنسية في جريدة
الوطن الصادرة باللغة الفرنسية في الجزائر... بلوغها دار رياض الريس جعل
إسمها يعرف على نطاق أوسع... و تعد اليوم من بين الروائيات العربيات
المتميزات جدا، كونها تناقش قضايا هامة في المجتمع العربي، و لها آراء جد
مختلفة و أحيانا صادمة في تمسكها بمفاهيم دينية إسلامية لا تخجل من
إعلانها، كما بأفكار تحررية لا تجرؤ غيرها من الكاتبات الإعتراف بها علنا.
آخر عمل نشر لها هو روايتها " إكتشاف الشهوة" التي تطرح فيها أسئلة مهمة
عن العلاقة بين الأزواج، و الزواج المدبر في حد ذاته ، و العلاقة الحميمية
بين الرجل العربي و المرأة العربية...