عشرة أشياء يتحير المرء كيف تحدث ؟!
عندما يقول الأعداء أن حرب العقول أهم وأخطر من حرب السلاح، فلاريب أنهم
مصيبون، تعالوا لنتأمل كيف تم التلاعب بالعقول في هذه الأمور العشر:
أحدها:
كيف أتت كل هذه الجيوش الأجنبية الصليبية، وشيدت هذه القواعد العسكرية،
وأعلنتها صريحة، أنها جاءت لتجعل بلاد الإسلام تبعا لها في كل شيء، وأنهم
هم المتبوعون، حتى فرضوا أنفسهم معلمين للإسلام في بلاد الإسلام، ثم صدقوا
بفعلهم أكثر مما أعلنوه بقولهم، ولا يزال البلهاء لا يرون هذا احتلالا، بل
يعدونهم ”معاهدين أو مستأمنين“، ويجب أن يعانوا على أن يبلغوا مقاصدهم، بل
تجب حماية مشروعهم، ومن يعترض عليه فهو الخارج عن دين الله تعالى، وهو أشد
خطرا منهم ؟!!
الثاني:
كيف يقاتل المسلمون في العراق لطرد محتل هو أخبث وأشد أعداء الأمة عداوة
لها من بلادهم، ويقول البلهاء ليس ثمة راية واضحة لهذا الجهاد، وهو قتال
فتنة ؟!!
الثالث:
كيف ظهرت خيانة الرافضة في العراق على مسمع ومرأى من العالم، وغدوا سلاحا
بيد الأجنبي الصليبي الصهيوني المحتل يقتل به المسلمين، وبرز جليا مخططهم
الأوسع والأشد خبثا للجزيرة كلها، ومع ذلك لا يزال بعض البلهاء قلوبهم في
غمرة من هذا، ويصدقون أكاذيبهم، وحيلهم المكشوفة ؟!
الرابع:
كيف عصفت رياح الفتنة فجأة وبهذه السرعة، فحصدت بالجملة رموزا في الحركة
الإسلامية، قد رأت الباطل حقا، والحق باطلا، وتساقطت تباعا إلى منحدر
الركون إلى الظالمين، بل أعطيت أدوارا في المشروع الأمريكي، فهي تؤديه بكل
أمانة، وبحماس ديني ! وجهد دؤوب، تسير في ردف أعداء الأمّة، منخدعة
بعطاياه الزائفة، مداهنة له، ساكتة عن باطله، بل مروجه له بطريق مباشرة
وغير مباشرة ؟!
الخامس:
كيف تنزّل ذلك الحماس الديني بغتة، وانبعثت تلك الرغبة الجامحة في إنكار
”المنكر“ إذا سقط خنزير صليبي في جزيرة العرب صريعا، على بعض شيوخ العلم
والدعوة ! فيتألقون على وسائل الإعلام بعدما كانت عليهم حجرا محجورا يفدون
”المعاهدين والمستأمنين“ بحناجرهم، ليدرءوا عن المسلمين الفتنة !
ثم تراهم يختفون فجأة عندما يملأ المفسدون بلاد المسلمين من الفتنة، وهم
نفس المفسدين من أبناء جلدتنا الذين ساقوهم إلى وراء الكاميرات لينكروا
منكر جهاد الصليبيين !!
وتطبق شفاههم، وينغضون رؤوسهم، إذا حلّت جيوش الغرب الصليبي، تقتل من
شاءت، وتأسر من شاءت، وتعربد في أرض الإسلام ما شاءت، وقد كانوا أيضا
مختفين عن درء الفتنة، عندما كان المجاهدون هم الذين يسقطون صرعى برصاص
الغدر، وفي أقبية سجون الطغاة ؟!
السادس:
كيف صدق المغرورون من الناس أن الغرب الصليبي الذي كان راعياً وحامياً
لظلم وفساد الطواغيت في بلادنا، ومتخذاً أرضنا وديارنا أموالنا نهبا له
منذ أكثر من قرن، أنه قد استيقظ فجأة، وتاب وأناب، فتحول إلى مصلح سياسي
واجتماعي ومحرر للشعوب المضطهدة ؟!
السابع:
كيف يقول المحتلون الجدد لبلادنا، نفس ما كان يقوله السالفون، ويسلكون نفس
سبيلهم المعوجة، ويستعملون نفس كيدهم، ومع ذلك لا يستفاد من تجاربنا
السابقة مع احتلال القرن الماضي، فتمضي خطط هذا الإحتلال كما مضى سالفه،
حذو القذة بالقذة ؟!
الثامن: كيف يقرأ مفكّر مسلم قوله تعالى ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) وقوله تعالى (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ
لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ
الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ
بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)،
ومع ذلك يصدق أن هؤلاء الأعداء يريدون مشاركتنا ”قيم الحضارة المعاصرة“،
لا أكثر، وعلينا أن ”نمد الجسور معهم فما بيننا من المشتركات الحضارية
يشكل أرضية خصبة لنلتقي“ وهو يراهم بعينه: ”قد بدت البغضاء من أفواههم وما
تخفي صدورهم أكبر“.
التاسع:
كيف أمكن أن ينصب الناصبون العداء للمجاهدين الذين جعلوا نحورهم دون نحور
المسلمين، ودماءهم سقيا شجرة عزهم، وأنفسهم فداء لأمتهم، وأجسادهم قنابل
تدمر أعداءها، ويتهمونهم بالخروج والإفساد، والغلو، والطيش، والسفه، فلا
أمان لهم، ولاعهد، ولا ذمة ؟!
بينما
يطلق على الأعداء الحقيقيين المظهرين عداوتهم لأمة الإسلام، القائمين على
حربها في كل مكان، يطلق عليهم أهل الأمان والعهد، وهم سبب ضياع الأمان في
بلادنا، وقد جعلوا عهود أولياءهم من طواغيت العرب، قيودا في رقاب شعوب
المسلمين، يسترقونهم بها، يسوقونهم بها إلى حياة الذل والعبودية للأجنبي،
ألا إن الذين لا يعرفون هذا الحقيقة هم السفهاء، ( أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ).
العاشر:
كيف أمكن أن يرى المسلمون أن أكثر وسائل الإعلام يسيرها أعداؤهم، ولا
ينشرون من الأخبار والرؤى إلى على قدر ما يكرس هيمنتهم، وبالصورة التي
تخدم عداوتهم لأمتنا، ومع ذلك يجعلونها مصدر تلق موثوق، يسمحون لأعدائهم
أن يشكلّوا بها وعي الأمة , ويسيرون وراءها كالمسحورين ؟!
ترى من يستطيع أن يجيب على هذه الأسئلة المحيرة، بإجابة جامعة مانعة ؟!
للشيخ حامد العلي حفظه الله