*استخدام الأطفال والعجائز لضرب الوحدة الوطنية
وكان من ضمن الذين تصدوا لأنصار فرحات مهني، مناضلون ومتعاطفون مع حزب العمال، الذين سجلوا موقفا وطنيا يحسب لهم وقلبوا الطاولة على فرحات مهني الذي استغل براءة الأطفال والعجائز لضرب الوحدة الوطنية.
حدث ذلك في المسيرة التي نظمتها "حركة الحكم الذاتي" عبر شوارع مدينة تيزي وزو بمناسبة إحياء الذكرى التاسعة والعشرين لأحداث 20 أفريل 1980. هذه المسيرة التي استقطبت الآلاف من طلبة القطب الجامعي مولود معمري دعا إليها زعيم الانفصاليين من خارج الوطن وشارك فيها عبر الهاتف، ونظّمها وقادها عبر مختلف الشوارع الرئيسية لمدينة تيزي وزو أنصاره من طلبة جامعة مولود معمري وانطلقت في ساعة متأخرة عن موعدها المحدد، وفي حدود الحادية عشر صباحا من المكتبة الجامعية بحسناوة وإلى غاية الساحة المركزية لمدينة تيزي وزو مرورا بشارع لعمالي أحمد والشارع الكبير بوسط المدينة، غير أن سكان تيزي وزو حولوا طابع المسيرة برفع العلم وترديد الشعارات المناهضة لفكرة الحكم الذاتي، والمؤكدة على السيادة الوطنية للبلاد، كما قامت مجموعات من الشباب باختراقات للمظاهرة، والدخول في نقاشات من المشاركين فيها كادت تتحول إلى مشادات في بعض الأحيان.
وتواصلت المسيرة على نفس الأجواء إلى غاية الساحة المركزية لمدينة تيزي وزو حيث قام بعض مناصري الحركة بإهانة صورة رئيس الجمهورية، وبالساحة المركزية وبعد وصول حشود المتظاهرين التفّ الجميع حول النافورة المتواجدة بالساحة من أجل سماع بعض الكلمات التي ألقاها زعيم الحركة "فرحات مهني" من خارج الوطن عبر الهاتف النقال والتي حوّلها أنصاره ومناضلوه مباشرة على مكبر للصوت ليسمعها الحشد، وتمحورت كلمته على التحريض والدعوة للانفصال.
حزب جبهة التحرير الوطني: "هؤلاء يتحركون وفقا لإملاءات أجنبية"
لم يستغرب سعيد بوحجة إقدام بعض المتظاهرين بمناسبة إحياء الربيع الأمازيغي بتيزي وزو أمس على تمزيق صورة رئيس الجمهورية، طالما أن المساس برموز الدولة ليس وليد اليوم فقط، فقد سبقه إنزال العلم الوطني واستبداله بالراية السوداء من قبل الأرسيدي، مؤكدا بأن هذا الفعل إنما يستهدف في الأساس المساس برموز الدولة، واستفزاز شعور المواطنين الذين وقفوا وقفة رجل واحد، في سبيل الحفاظ على استمرارية الأمة.
وفي تقدير بوحجة فإن العمل الإجرامي يمكن أن يأخذ أشكالا عدة، ويمكن لمرتكبه أن يتفنن في اختيار الشكل الذي يراه أنسب، طالما أن جميع هؤلاء يتحركون وفق إملاءات أجنبية، لأن المواطن الحقيقي يستحيل أن يقدم على شيء من هذا القبيل.
ويرى الناطق بسم الحزب العتيد بأن المشاركة الواسعة للجماهير أثناء الانتخابات الرئاسية، والتصويت بالإجماع لصالح رئيس الجمهورية، كانت بمثابة درس لمن يسعدهم زعزعة استقرار البلاد، "وقد كان حريا بهم أن يصمتوا بعد ظهور نتائج الاستحقاقات، فتلك الأيادي الخبيثة تعمل في الخفاء وتتعمد خرق القوانين ونصوص الدستور".
حركة مجتمع السلم: "لا نريد التطرف الذي يهدف لإذكاء الفتنة"
أفاد عبد القادر جمعة، المكلف بالإعلام لحركة حمس، بأن فرحات مهني الذي قاد مظاهرات الربيع الأمازيغي أمس بولاية تيزي وزو، معروف بمطالبه الأمازيغية المتطرفة، ونحن ندين التطرف الذي يسعى لإذكاء نار الفتنة، كما أن المطالبة بالانفصال هو موقف مدان وغير مقبول تماما، كما أن مظاهرات أمس لو كانت سلمية لما أحدثت أي إشكال، غير أن اتخاذها أبعادا أخرى وانحرافها عن مسارها يجعلها غير قانونية ومخالفة للديمقراطية.
وفيما يتعلق بقيام بعض المتظاهرين بتمزيق صورة الرئيس، قال جمعة بأن رئيس الجمهورية هو بقوة القانون رمزا من رموز الدولة، والمساس به جاء بعد سلسلة من الإجراءات والتصريحات التي تطاولت على رموز الدولة، من بينها استبدال العلم الوطني بالراية السوداء، وكذلك التشكيك في عدد شهداء الثورة، وكل هذه التصرفات تظهر تطرفا في منطقة تتوق لاستعادة الأمن والاستقرار.
حزب العمال: "كنا ومازلنا متمسكين بالسيادة الوطنية ووحدة الأمة"
اعتبر جودي جلول، المكلف بالإعلام بحزب العمال إقدام بعض مناضلي الحزب على رفع العلم الوطني، وسط المتظاهرين الذين خرجوا إلى شوارع تيزي وزو ومزقوا صورة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء ذكرى الربيع الأمازيغي، بأنه تصرف ينم عن المبادئ التي يصر حزب العمال على التمسك بها، وهي احترام السيادة الوطنية ووحدة الأمة، بكافة مكوناتها وهي الإسلام والعروبة والأمازيغية، فهي من المبادئ الثابتة للحزب الذي لا يمكنه أن يحيد عنها مهما كلفه ذلك، وقد كانت من ضمن المحاور الرئيسية لبرنامجه الانتخابي، الذي كان هدفه الأسمى الدفاع عن السيادة الوطنية.
ويضيف جودي جلول: "ما قام به مناضلو حزب العمال اليوم هو موقف متجذر في برنامج الحزب، الرامي إلى احترام وحدة الأمة، بدليل أنه في عام 2002 حينما كانت نار الفتنة مشتعلة بمنطقة القبائل، رفعنا شعار السيادة الوطنية ووحدة الأمة"، رافضا التعليق على تمزيق صورة رئيس الجمهورية، بحجة أن كل طرف يتحمل مسؤوليته، والمهم بالنسبة له أن حزبه رفع شعار السيادة الوطنية.
جبهة القوى الاشتراكية: "تعديل الدستور كان في حد ذاته مساسا برموز الدولة"
رفض عبد الكريم طابو السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية التعليق على مظاهرات أمس، وما صاحبها من تجاوزات، بحجة أنه لم يكن مشاركا فيها ولم يرها، وليس لديه المعلومات الكافية حولها، لذلك لا يمكنه أن يخوض في الموضوع، لكنه لم يستغرب تمزيق صورة رئيس الجمهورية من قبل بعض الأفراد، "طالما أن رئيس الجمهورية كان أول من مس برموز الدولة، حينما تعهد في العام 99 حينما تولى العهدة الرئاسية الأولى باحترام الدستور، ثم قام بتعديله، فكيف نتحدث عن مهني ولا نتحدث عن الرئيس، وهو أول من تجاوز كافة أركان الدولة وليس رموزها فحسب".
ردود فعل الأحزاب:
التجمع الوطني الديمقراطي: "الجزائر لن ترضى برموز غير تلك المدسترة والمقدسة"
أصر ميلود شرفي الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي على التنديد بالشعارات التي رفعها المتظاهرون في مسيرة أمس، مغتنما مناسبة إحياء ذكرى الربيع الأمازيغي ليترحم على أرواح الشهداء، داعيا إلى ضرورة استخلاص الدروس والعبر، وتجاوز المحن وتوطيد دعائم الوحدة الوطنية وترقية الأمازيغية، من أجل سحب البساط من تحت أقدام الذين يسعون للمتاجرة بها خدمة لمصالحهم الخاصة، معتبرا زيارة رئيس الجمهورية لولاية تيزي وزو مؤخرا حدثا تاريخيا، خصوصا حينما قال بأن الجزائريين كلهم أمازيغ، وهي العبارة التي استحسنها الجميع، وبينت لهم بأن الأمازيغية هي من ضمن اهتمامات رئيس الجمهورية.
وقال شرفي بأن الجزائر التي ضحى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد لا يمكنها أن ترضى برموز وطنية غير الرموز المقدسة والمدسترة، مغتنما الظرف كي يجدد نداء الأرندي بضرورة ترسيخ ثقافة المودة والمحبة خدمة للمصلحة العامة وضمانا لوحدة الأمة.
شباب يستنكرون وآخرون يصفونه بالخطر على السيادة الوطنية
عبر أمس بعض من مواطني تيزي وزو الذين إلتقتهم الشروق اليومي أثناء المسيرة التي نظمتها "حركة الحكم الذاتي" لمنطقة القبائلي التي يقودها المغني القبائلي فرحات مهني، عن استنكارهم و أسفهم الشديد إزاء التصرفات التي أقدم عليها بعض الانفصاليين الذين قاموا بحرق صورة رئيس الجمهورية، ومن جهة أخرى فقد عبر البعض الآخر من المواطنين أن الأفكار التي تجرها الحركة أفكار غير منطقية ومن المستحيل تطبيقها على أرض الواقع لاسيما أن منطقة القبائل جزء لا ولن يتجزّأ من التراب الوطني، في حين ذهبت بعض الآراء إلى عدم جدوى المسيرة التي قامت بها الحركة وهذا باستنادهم إلى أن تاريخ النضال السياسي الذي عرفته الحركة البربرية منذ الثمانينيات ليس حكرا على فرحات ومناضليه، كما أضاف بعض المواطنين الذين كانوا واقفين وقفة المتفرّج على أرصفة الطريق الذي مرت به المسيرة أثناء ردهم على أسئلة الشروق أن هذه المسيرة لا تعنيهم وأن النضال السياسي من أجل القضية الأمازيغية ليست حكرا على جماعة فرحات، فيما راح بعض الشباب إلى وصف الحركة بالخطر الكبير على السيادة الوطنية، مستدلا بأنها تحاول تقسيم البلاد إلى أحزاب متفرقة وشيع متناثرة.