أرشد الإسلام إلى المُبادرة بالنوم بعد صلاة العشاء، وكرِه تضييع فترة الليل فيما
لا يفيد خيرًا، ما دامت لا تُوجد ضرورة ولا حاجة تدعو إلى السهر
ومما جاء في كراهية السهر لغير ضرورة أو حاجة, ما رواه البخاري ومسلم
عن أبي برزة قال: كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُؤَخِّر العِشَاء إلى ثُلُثِ الليل،
ويكره النوم قبلها والحديث بعدها "
أما كراهية الحديث بعدها فلأمور، منها عدم ضياع الثواب الذي أخذه من الصلوات
وهو تكفير السيئات،وذلك إذا ارتكب معصية أو لغوًا في السهر، ومنها أن السهر مَظَنَّة
غلبة النوم في آخر الليل فيفوت قيام الليل، ويعرض صلاة الصبح للفوات،
وقد رُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
" جدب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد العشاء " يعني زجرنا.
وعن عمر أنه كان يضرب الناس على الحديث بعد العِشَاء، ويقول:
" أسُمَّرًا أول الليل ونومًا آخره، أريحوا كُتَّابكم "
وإذا كان السهر بالليل غير مرغوب فيه إلا لضرورة أو حاجة، فإن الأمر الذي يدور
عليه السهر إن كان حرامًا كان النَّهي مؤكدًا،
كالذين يمضون وقتاً كبيراً من الليل في السهرات المعروفة بمنكراتها،
من أجل المُتعة والترويح عن النفس، ومعلوم أن المُتعة والترويح عن النفس أمر
مُبَاح ولكن في حدود الحلال في المادة وفي النتيجة المُترتبة عليه،
وليس من مصلحة العامل الحر أو المرتبط او الطالب أن يُرْهِق نفسه بطول السهر,
ويتأخر عن صلاة الصبح والذهاب إلى العمل,
ومعلوم أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا ربه أن يبارك لأمته في البكور فقال :
( اللهم بارك لأمتي في بكورها )، وقال أيضاً مقرراً ( بورك لأمتي في بكورها ),
ومرَّ على ابنته فاطمة ـ رضي الله عنها ـ وهي مُضطجعة وقت الصباح فقال لها:
"يا بنية قُومي اشْهَدي رِزْقَ رَبِّك ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين
طلوع الفجر وإلى طلوع الشمس" .
وقال في حديث رواه الطبراني في الأوسط " باكروا الغدوّ ـ أي الصباح ـ في طلب الرزق فإن
الغدو بَرَكَةٌ وَنَجاح "...