كان"نجيب" طويلا ، وسيما جدا ، أنيقا جدا رغم بساطة ملابسه ، متعجرفا مع بعض الحنان، كانت له تجربة حب صادقة لكنها فشلت ،ومنذ ذلك اليوم أصبح لامباليا...لا يبدي اهتماما للحب...فكانت كل العلاقات العاطفية لديه من أجل المتعة خاصة و أن ظروفه المادية لم تمكنه من الزواج و هذا كان سبب فراق حبيبته عنه....تزوجت رجلا أغنى منه و أكثر مسؤولية،أصبح يحب المال كثيرا و يعبده أكثر....
- ذات يوم على الساعة التاسعة صباحا رن جرس هاتفه معلنا وصول رسالة، فتحها دونما اهتمام.." أنا أحبك،حاولت كبت مشاعري لكني لم أعد أستطيع حمل هذا الحب لوحدي ، إنه يعذبني ، أنا لا أطالبك بشيئ...فقط أردت أن أقول لك حتى أرتاح...." برزت عيناه ،حاول معرفة أو تذكرالرقم الذي وصلت منه الرسالة لكنه لم يعرفه...قال في نفسه : " ربما يكون الرقم مخطئا.."و رغم ذلك حفظ الرقم باسم "مجهول"
- نسي ذلك الرقم بمرور الأيام حتى وصلته رسالة أخرى ذات صباح،فتحها و تأملها مرات و مرات : " أعلم أني جريئة جدا لأني أبعث لك هذه الرسائل...قل عني ما تشاء، لكن إياك أن تقول أني بلا أخلاق ، فأنا لم أجد كيف أرتاح من حبك إلا بهذه الكلمات التي تطفئ قليلا من لهفتي عليك...."
-لقد أراد أن يعرف من هي ؟؟ حمل هاتفه ، إتصل بها لكنها لم ترد عليه ، واصل الإتصال لكن دون جدوى...فبدلا من ذلك و صلته رسالة أخرى:
" هل تعلم أن ما أحمله لك من حب يكفينا نحن الإثنين معا ، ربما تجد من تحبك أكثر أو أقل مني ،لكنك لن تجد من تحبك مثلي ، نظرة واحدة منك تجعلني فتاة أخرى ..."
-لم يكن يريد الإعتراف بهذا ، لكنه أصبح ينتظر رسائلها كل صباح و مساء ، وكلما وصلته رسالة فتحها بلهفة و فرحة...لقد مرت ثلاثة أيام عن آخر رسالة منها،حاول الإتصال بها لكنها لم تجب رغم رغبتها في فعل ذلك....
"دقات قلبي تتسارع مع كل إتصال منك ،لكني لا أستطيع الرد عليك، أعذرني يا ملاكي إن شغلت بالك... لكن كل شيئ حدث رغما عني، لا قلبي و لا عيني و لا عقلي استشارني ،أنا أتصرف دونما وعي ، ربما هو الحب و الشوق..."
-رغم أن " نجيب" ودع الحب منذ مدة ، و صار ماديا لا يعترف بالشوق و عذابه إلا أنه و جد نفسه يشتاق لأميرته المجهولة و رسائلها و كلماتها العذبة...بدأ الشوق يتسلل إلى قلبه،و القلق يجتاحه كلما تأخرت رسائلها ،و رغب كثيرا في رؤيتها....خاصة بعدما قرأ رسالتها الأخيرة..
" أي شوق هذا الذي يعتريني اليوم؟؟ ربما لأني لم ألمحك كما تعودت كل صباح... أجد نفسي محتاجة جدا لأراك....أين أنت؟؟"
دون أن يدري بدأ يكتب كلمات مبعثرة بسرعة :
" أنا أريد رؤيتك أيضا ، لم أعد أطيق صبرا..صدقيني بدأت أحبك فأنت نسمة دافئة دخلت حياتي فجأة ،من أنت ،كيف أراك ؟؟...لا أتخيل حياتي من دونك بعد الآن ...أحييت قلبي...." أرسل الرسالة و بقي ينتظر...
كان " نجيب" طول الأيام السابقة شاردا مشغول البال بحبيبته المجهولة ، و لم ينتبه لجارته "سارة" التي كانت تحبه بلا شرط أو أمل ، كانت تتأمله كلما التقيا صباحا ،و تكتفي بنظرة منه حتى و إن كانت صدفة فقط لأنه أدار و جهه في جهتها....لم تكن "سارة" جميلة جدا ،فتاة عادية لكن قلبها الصغير كان يحمل كثيرا من الحب و الدفء و الحنان و الأحلام الكبيرة التي ملت من انتظارها....أرادت مرات كثيرة أن تصارح "نجيب" بحبها لكن كبرياءها منعتها،كانت تأمل أنه سيحس بها يوما و يتكلم لأنه كان يبدو سعيدا كل صباح عندما يراها،حتى أنه قال لها يوما "صباح الخير.." هذه الكلمات فقط جعلتها تعقد آمالا كبيرة...لقد كانت مجنونة و حالمة كثيرا...
-في هذا الصباح البارد جدا كانت "سارة"واقفة خلف نافذتها تنتظر خروج " نجيب" للعمل ، فتخرج هي خلفه متجهة للعمل أيضا ،لكنها تجعل اللقاء يبدو صدفة فقط...كانت تفعل هذا دائما...مشت بخطوات سريعة و غير منتظمة حتى تقترب منه، أبطأ الخطى...و توقف أمامها، نظر إلى عينيها مباشرة و دون مقدمات قال:
"سارة" أنت فتاة خلوقة جدا،أنا أعرف أنك تحبينني و هذا يعذبني كثيرا لأنك جارتي و لاأريد لك أن تتألمي بسببي لكنك لست من النوع الذي أفضل،لا تستهوينني ، أنا أحب غيرك، أجل أحبها و إن كنت لا أعرفها ، أحب كلماتها ، شوقها ، وجهها و إن كنت لم أره بعد إلا أني متأكد أن القمر لا يضاهيها جمالا و النجوم لا تماثلها بريقا...فمن تكتب تلك الكلمات لابد أن تكون ملاكا..."
احمر وجه "سارة" خجلا وغضبا ، ...أرادت أن تصفعه ، أن تصرخ بأعلى صوتها : " أنا هي ...يا أحمق، أنا أميرة رسائل الحب التي أحببتها...أجل أنا هي، كيف لم تدرك هذا؟؟ "
لكنها لم تقل شيئا ،فقط تأمتله طويلا و هي تمسح دموعا حارة نزلت من عينيها ، غادرت و تركته واقفا مدهوشا مما رآه في عينيها....