السراج المنير
قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
د.ناصر الزهراني
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي *** وما دروا أن حبي صغته بدمي
أستـغفر الله ما ليـلى بفاتنتي *** ولا سعاد ولا الجــيران في أضم
لكن قلبي بنار الشوق مضطرم *** أف لقلب جمـود غير مضـطرم
منحت حبي خير الناس قاطبة *** برغم من أنـفه لا زال في الـرغم
يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه *** وأقرأ بــربك مبدأ سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها *** على المنـائر من عرب ومن عجم
أحيا بك الله أرواحا قد اندثرت *** في تربة الوهم بين الكأس والصنم
نفضت عنها غبار الذل فاتقدت *** وأبــدعت وروت ما قلت للأمم
ربيت جيلا أبيا مؤمنــا يقظا *** حسو شــريعتك الغراء في نهم
مـحابر وسـجلات وأندية *** وأحـرف وقـواف كن في صــــمم
فمن أبو بكر قبل الوحي من عمر ** ومــن علي ومن عثمان ذو الرحم ؟
من خالد من صلاح الدين قبلك *** من مالك ومن النعمـان في القمم ؟
من البخاري ومن أهل الصحاح ** ومن سفيان والشافعي الشهم ذو الحـكم ؟
من ابن حنبل فينا وابن تيمية *** بل المــلايين أهل الفضل والشمم ؟
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا*** أنت الإمــام لأهل الفضل كلهم
ينام كسرى على الديباج ممتلئا *** كبرا وطـــوق بالقينـات والخـدم
لاهم يحمله لا دين يحكمه *** على كؤوس الخنــا في ليل منسـجم
أما العروبة أشلاء ممزقة *** من التسلط والأهـواء والغشم
فجئت يا منقذ الإنسان من *** خطر كالبدر لما يجـلي حالك الظلم
أقبلت بالحق يجتث الضلال *** فلا يلقى عـدوك إلا علقم الندم
أنت الشجاع إذا الأبطال ذاهلة *** والهندواني في الأعنـاق واللــمم
فكنت أثبتهم قلبا وأوضحهم *** دربا وأبـعدهم عن ريبـــة التـــــهم
بيت من الطين بالقرآن تعمره *** تبا لقصــر منيف بـــــات في نغم
طعامك التمر والخبز الشعير *** وما عينـاك تعـدو إلى اللـذات والنعم
تبيت والجوع يلقى فيك بغيته *** إن بــات غيرك عبد الشــحم والتخم
لما أتتك { قم الليل } استجبت لها *** العيــن تغفو وأمــآا القلب لم ينم
تمسى تناجي الذي أولاك نعمته *** حتى تغلـغلت الأورام في الــــقدم
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى *** ودمع عينــــيك مثل الهاطل العمم
الليل تســهره بالوحي تعمــره *** وشيـــبتك بهـود آية استــــقم
تسـير وفق مـراد الله في ثقة *** ترعاك عين إلـه حــافظ حكم
فوضت أمــرك للديان مصطبرا *** بصــدق نفس وعزم غير منثلم
ولَّى أبــوك عن الدنيا ولم تره *** وأنت مرتــهن لا زلــت في الرحم
ومــاتت الأم لمّا أن أنست بها *** ولم تكـن حين ولــت بالغ الحلم
ومــات جدك من بعد الولوع به *** فكنت مـن بعدهم في ذروة اليتم
فجاء عمــك حصنا تستكن به *** فاختـاره الموت والأعداء في الأجم
تــرمى وتؤذى بأصناف العذاب *** فمـا رئيت في كــوب جبار ومنتقم
حتى عــلى كتفيك الطاهرين رموا *** سلا الجزور بكـف المشرك القزم
أما خديــجة من أعطتك بهجتها *** وألبستك ثيـاب العطف والكرم
غدت إلى جنــة الباري ورحمته *** فأسلمـتك لجرح غير ملتئم
والقلب أفعم من حب لعائشة *** ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي
وشـــج وجهك ثم الجيش في أحد *** يعــود ما بين مقــتول ومنهزم
لمـــا رزقت بإبراهيم وامتلأت به *** حيــاتك بات الأمـــر كالعدم
ورغــم تلك الرزايا والخطوب وما *** رأيت من لـوعة كبرى ومن ألم
ما كنت تحمل إلا قلــب محتسب *** في عزم متـقد في وجه مبتسم
بنيت بالصبــر مجدا لا يماثله *** مجد وغـيرك عن نهج الرشاد عمى
يا أمة غفلت عن نهجه ومضـت *** تهيم من غير لا هدى ولا علم
تعيش في ظلــمات التيه دمرها *** ضعــف الأخوة والإيمان والهمم
يوم مشـرقة يوم مغربة *** تسعى النيـل دواء من ذوي سقم
لن تهتـدي أمة في غير منهجه *** مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم
ملح أجاج ســراب خادع خور *** ليســت كمثل فرات سائغ طعم
إن أقفــرت بلدة من نور سنته *** فطائر السـعد لم يهوي ولم يحم
غنى فــؤادي وذابت أحرفي *** خجلا ممـــن تألق في تبجيله كلمي
يا ليتـني كنت فردا من صحابته *** أو خــادما عنده من أصغر الخدم
تجود بالدمـع عيني حين أذكره *** أما الفــؤاد فللحوض العظيم ظمي
يا رب لا تحـرمني من شفاعته *** في موقف مــفزع بالهول متسم
ما أعـذب الشعر في أجواء سيرته *** أكرم بمبتدأ مــنه ومــــختتم
أبدعـت ميمية بالحب شاهدة *** أشدوا بها من جـوار البيت والحرم
بقدر عمرك ما زادت وما نقصت *** والفضـل فيها لرب الجود والكرم
تغنيــك رائعتي عن كل رائعة *** ممـا سيأتي ومما قيل في القدم
لأنها مــن سليل البيت أنشدها *** لجـده في بديـع الصوت والنغم
إن كان غيري له من حبكم نسب *** فلي أنا نسـب الإيمان والرحم
إن حل في القلب أعلى منك منزلة *** في الحب حاشا إلهي بارئ النسم
فمزق الله شريــاني وأوردتي *** ولا مشت بي إلي ما أشتهي قدمي