في رحاب المعرفة

عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة

يرجى التكرم بتعريف نفسك إلينا بالدخول الى المنتدى اذا كنت عضوا

أو بالتسجيل معنا إن كنت ترغب بالإنضمام الى أسرة المنتدى

التسجيل سهل للغاية وذلك بخطوة واحدة

وتذكر أن باب نيل الإشراف مفتوح للجميع

لكل من يريد ذلك

شكرا

إدارة المنتدى
في رحاب المعرفة

عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة

يرجى التكرم بتعريف نفسك إلينا بالدخول الى المنتدى اذا كنت عضوا

أو بالتسجيل معنا إن كنت ترغب بالإنضمام الى أسرة المنتدى

التسجيل سهل للغاية وذلك بخطوة واحدة

وتذكر أن باب نيل الإشراف مفتوح للجميع

لكل من يريد ذلك

شكرا

إدارة المنتدى
في رحاب المعرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر | 
 

 أنـا و أنــت

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدو 91
مدير المنتدى
مدير المنتدى
عبدو 91

الجنس : ذكر
المساهمات : 14281
العمر : 33
العمل/الترفيه : ماستر نقد أدبي
المزاج : الحمد لله
تاريخ التسجيل : 04/12/2008
أنـا و أنــت  Vb10

أنـا و أنــت  Empty
مُساهمةموضوع: أنـا و أنــت    أنـا و أنــت  I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 26 2011, 17:14

تعالى الحاضرون ببدلاتهم الأنيقة يحيّون وقوفها المفاجئ، و قد هرولت تقتحمهم، تكسح عن هندامهم هدوء المكان الراقي، و تٌشنج عن عيونهم بريق الأطباق الفاخرة من على مائدة العشاء..

كشفت بذيل لباسها الفرنسي عن ساقيها، بكعب حذاءها الأحمر العالي، .. اجترت تتعثر السلالم، تسابق المصعد الكهربائي نحو الأعلى، تلهث و ترد جاهشة بالبكاء:

- "كان هو..!".

غير آبهة بمضفي الفندق.. تكبت سؤالهم بتوسلاته، بلهفتها الجنونية التي حلت لفائق شعرها المشدود بالإكسسوارات الماسية، .. لم يكد يجيبها أحدهم حتى طارت للقادم نحوهم، كأنَّه يريد تميز ملامحها المألوفة لديه، اجتاحت غموض استفساراته على وقع دموعها المدرارة، ونيران شوقها الملتهبة مع رجائها إليه.. أشفق عليها، بعدما أسدل عينيه خجلاً تردد:

- "لكن..!".

ثم أضاف كأنه واثق:

- "الغرفة 177.. سيدتي..!".

تخطف الأرقام بصرها التائه بين ممرات سنون الرحيل، و صدى صوته ينجذب نحو مسامعها، كأثيريات ذكرى زمنها الجميل.. استوقفها الرقم المشئوم لتدخل إلى متاهات الكآبة، على مصرع أبواب القدر المصِّدة عنها سُبل الطمأنينة..

عادت دون "الليموزين" ربما تهرب من منظر فستان الزفاف المعلق على واجهة المحل.. قد استوقفت سيارتها مصممة الأزياء لما أهدتها بطاقة المحل ذاك اليوم ، .. شكرتها بابتسامة كبيرة كثقل الوحدة المتربصة بها، لم تكتب لها شيكاتها الضخمة و صفة شافية من الآلام.. و الخياطة تحييّها كلما مرت بقرب محلها، أو تدري ما وراء بريق عينيها الضائعتين في ابتسامة تحيَّة متبادلة؟..

دخلت بيتها البارد، مسرعة بخطواتها المتثاقلة حقداً و استسلاماَ... و انهالت في غرفة نومها الواسعة، تكسر ما التقطته يداها، و تمزق بشراهة متوحشة كل شيء.. حتى خارت قواها، و تعشعشت في حلقها روائح العطور و مساحيق التجميل المتمازجة مع ما تكسر من إكسسوارات و قوالب الهدايا المبعثرة أشلاءاً أشلاءاَ...

رفعت عينيها المطفئتين بظلال الكحل ، تحملق فيها بشراسة منتقمة:

- "لقد أغريتني كعادتك.. أن أكون الأجمل الليلة.. و أقنعتهم فعلاً بتبني مشروعي، لتقتلين للمرة الألف..".

انتحبت مجهشة بالبكاء، تقطع عنقها الممشوق الأنًّات الأليمة، فهي تصرخ، و تفرغ من جوفها دموع حارة.. و ترتمي تارة أخرى بجوانحها على شطآن صحاري الحرمان التائهة فيها، تنشد سراب الحياة التي ما عادت تنعم بدفئها، و قد حولت الأعمال والصفقات أيامها بردا ونارا... تذكرت ما حدث الليلة و ذكرتها هي أيضا، تسترجعان المأساة التي لابدّ منها...

- "ما إن فتح باب الغرفة "177"، امتلأت عيناي بزوايا صورته و ملامحه، و ينفذ إلى أنفاسي عطره المنسوخ في ذاكرتي، .. استجمعت قواي لأنطق ما تاه منّي من كلام، لتبزغ اللعينة بثوبها الأبيض من قلب العتمة.. عيناي تكذبان ما سيقع.. فتحول عن إبعاد نظري المتجمد فيه وحشة و دهشة:

- "تراهم عزيزي نسوا حقيبتنا؟" :قالت الأخرى.

استفاق منّي، و انتقم قائلا:

- "بل صديقة، جاءت تبارك زواجنا.." : قال لها .

ذلك ما حدث صديقتي، فابتعادي نحو الوراء مصفوعة الخطوات، دامية الصميم، .. وأتيت إليك إلاّ لأعاتبك، فمستحيل أن أكون أنت، فأنا كنت هائمة سعيدة في بيتنا الدافئ، حالمة بمستقبل بسيط، يرسم لي حياة ممكنة، أما أنت الملتصقة بفوضى خلوتك الزجاجية قد حلتي بيننا و أغريتني بجمالك، تناسيتي أنه كان وراءك، فتركتيه خلف نجاحك اللعين، فما اشترت لك هذه الحياة الدفء لصقيع جوانحك المحنَّة لطلته الدافئة، و أنت تائهة في أشتّْية الخوف، و في لهب شوقك إلى زمانه، بزغ من الغيبة ليودّع أملك في الرجوع إليه، أما أنا فظليتُ أبدا البلهاء ، أسيرة الطيبة و الوفاء.." .

رفعتها عالياً، تحاول رطمها أرضاَ، .. نظرت إليها لآخر مرة، كأنها تودعها، لكنها ابتسمت لها:

-"واثقة أنّْي لن أستطيع تكسيرك أيتها المرآة الحقيرة، .. لأنك التذكار الوحيد منه".

أنـا ... حقيبة سفر

أوف... إني أمقتُ تلك الحقيبة، رمادية مزركشة بالخيوط الملونة، تشبهُني، .. حياتي متذبذبة بين الأسفار و الترحال...

كلما أغادر بيتنا القديم نحو المدينة، حيث أعيش، أحسب بالضيق، و أمقت طريقي نحو المحطة.

حقيبتي المثقلة بالكتب، و بعض اللوازم الخفيفة، ينخر كتفي ثقلها، فأتعب في بداية فجر هذا الصباح.. الضباب يملأ الطريق، و تغطي ستائره ما وراء الزقاق الضيّق، لا تخترقها إلا أضواء السيارات من بعيد حيث الطريق السريع، أو الأعمدة المتوهجة كأوتاد متعبة بالسهر، تطل على الأحواش المتراصة طول حافة الزقاق.

... مازلت في المقدمة، أتعثر بحذائي الجديد، و الأميال أمامي ترعبني.. آخذ قسطاً من الراحة ، كلما ازرقت يداي من ألم ضغط يد الحقيبة، فأفصلها عنّي هنيهات، أتنهد متجرعة حبات البرد، ثم أواصل السير وسط الأوحال.. البرك تأتي كلما تحل الأشتَّية.. لاشيء تغير في شارع الضباب.. أتوسطه، قرب بيت العمة "فتحية" أو "فتيحة" لا أذكر اسمها بالتحديد، إلا أن في بيتها ماء ساخن يسيل مباشرة من الحنفية..

- "هل ممكن أنّي قد مت متجمدة لما علقت رجلاي الصغيرتان في الوحل، و ظليت طيلة سويعة، أحاول خلاصهما، حتى صرخت لا من منظر يداي اليابستان و جسدي المرتعش، بل لسماع جرس المدرسة يدق معلناً انغلاق البوابة، و أنا لا أستطيع الركود، بل التحرك حتى..؟ ".

أغمي عليَّ حتى تدفأت يداي من مياه الحنفية الدافئة، و فتح لي باب منزلهم من الناحية الأخرى حيث الطريق المعبد.. استبقت الريح نحو المدرسة خائفة أن تصقع يداي ثانية من مسطرة المدير ضرباً مبرحاً...

يرعشني البرد نفسه الآن، .. لا أهتم إن يذكروا الحادثة بقدر السؤال عن تلك الفتاة التي فتحت لنا الباب و أترابي!، ..كنّ قادمات من المدرسة.. تظاهرنا بالعطش لأريهم مسرح الحكاية التي رويتها لهم .. رجوناها القليل من الماء مناديتها " بخالتي.. أرجوكي"، لكنها أكدت لنا ضرورة مناداتها بعد الآن بـ "أختاه"، لأنها صغيرة بالسن.. ابتسمنا بعيوننا الوقحة خلف أقداح الماء، نداري ضحكنا عليها،.. فقد تكون عانساً.

أتمنى أنها قد تزوجت منذ ذاك الحين.

منذ أن أزور عائلتي في البلدة، إلا و تنهال عليَّ أمّي بهواجس الزواج، فحياة العزوبية بالمدينة حيث درست و أعمل، لا تعجبها.. كنت في البداية أتضايق من إصرارها التدخل في حياتي، ..حتى صرت أتضايق من الوحدة، بل من الخوف كلما تقدمت بي السنون خطوة.

لا حياة لمن تنادي هنا.. الناس نيام، و الساعة السادسة صباحا، يبدو الليل شهيا، ..إنّي أتمنى لو لأنّي متلفعة بطانية صوفية دافئة، و أستمتع بسماع زخَّات المطر تتهاطل و تنقر قرميد بيتنا، كسيمفونية بتهوفنية، توحي بالأحلام الجميلة، فتلون الحياة هدوءا و متعة.. وتهرب بي على بساط طائر في خلوة مائية هوائية سميائية، تدوخني هنيهة، لأنسى زحام المدينة و أمشي لحظات سذاجة من البدائية، حيث لا ملفات، لا هواتف، لا قوانين و لا ساعات انضباط، لا أزماناً مبخرة من أعمارنا دون أن ندري كيف مرت و لا من أين؟.

ليت المكان يتبخر، و ينكمش كبركة ماء الآن، فأصل في لمح البصر إلى آخر الشارع حيث الحركة تبدو هنالك، حيث استقل سيارة أجرة نحو المحطة، لكن خطواتي تأبى اختصار المسافات.. لعلَّها الحقيبة تقيّدني، فهي تمقتني لا محالة، سئمت من جرجرتي ودكاتي لها في صناديق السيارات، و ركلها ككرة سلّة فوق الأدراج المعلقة فوق مجالس المسافرين..

أصل أخيرا عند أسوار مدرستي.. كل ذكريات الطفولة، و إن بلغت القسوة و الألم، تظل جميلة، نفخرُ بها، و نختار عيشها ثانية، و ثالثة... و لو أنّنا نرفض تكرار ما سبق يومنا هذا، كأنّنا لا نرضى على مافات قريباً، حتى و أن كانت اللحظات الفائتة سعيدة، لا نشجع حدوثها إن امتلكنا حق مراجعة القدر كأنّنا نعيش حالة مستمرة من اللإرضاء... إلا أيام الطفولة، كانت لؤلئية، كأجوافنا البريئة لم تبلغها ما في الحياة من حقدٍ و شرٍ وأنانيةٍ.. لتبدأ المآسي مع بلوغنا، فتضيق لنا متعة الحلم و الحياة و نحن نكتشف خبايا العالم، كلما تتعرى سمات البلوغ في جسدنا.

المدرسة.. كانت بعيدة عن منزلنا، لذا كنت أقضي نصفا المسافة جرياً.. أذكر يوم أوصلني رجل مجهول، كان قد أوقف سيارته فجأة بمحاذاة جسدي الصغير المنهك،.. كنت أحاول استرجاع أنفاسي لاهثة في منتصف المسافة...

ماذا لو اختطفني، أو قتلني كما يحدث هذا الزمان؟ ، لعلّها علاماتي الجيّدة في الفصل من شفعت للطيبة أن تتملكه فيوصلني سالمة.. بل هي الطيبة نفسها التي تعتري أهالي بلدتي، فما هنا تحدث مثل مآسي المدينة حيث أعيش منذ زمن طويل.

... كان يوما خريفياً خلف هذه الأسوار، لما لبست ثوبي الأزرق ذو التنورة الدوّارة، وبطاقة ورقية صغيرة متعلقة فوق صدري، و تجمعنا في ساحة شاسعة، ... إنه الموعد الإجباري لسنوات طويلة في سجن المدرسة، .. لم أهلع من منظر الأطفال يصرخون، يتخبطون بكاءاً و خوفاً، .. تذكرت أيام هروبي المتواصل من "الحضانة"، كنت أخبط رجلاي في الهواء، و خالي مسكين يتحمل شتمي و وعظاتي بالانتقام منه، إنّي أضحك اللحظة بتذكر منظره ذاك، شبيه كان بمخبول و ملابسه المتدلية من أثر حركاتي العنيفة..

لما هربت خلسة من صفي إلى الصف المجاور كنت قد اخترت زملاء ما كانوا ليكونوا كذلك، و وجوهاً كتلك الراسخة في ذاكرتي، مثل وجهه تماماً، أول معلم درسني، أذكر كان وسيماً، أسمراً و يحبني جداً، حزنت يوم استدعى أمّي ليفصح لها عن إعجابه بذكائي الحاد، فيتفا جئ أنًّ الأمر عاديّ للغاية، فقد استبقت إلى "الحضانة" و عمري لم يتعدى السنتين..

علاقتي به كانت حميمة و لازلت أكن له كل الحب، بكيتُ جداً لما غادرنا نحو المدرسة الجديدة، و خاصمت معلمي الجديد الذي كان قاسيا..

زمنا طويلا اختفى، ليظهر صدفة و قد ولى جارا لنا، ترددت كثيرا في محادثته والإفصاح له عن ماهيتي، لكني غدوت آنسة بالغة فأخجل كلما التقيته صدفة في شارعنا .. آخر مرّة بدا لي مسوداً وجهُهُ، متعب، حزين كان ، مهووس كأن به شيء..

يومين بعد ذاك، أقاموا في بيتهم خيمة، و كراسي مصطفة، و حصائر مفروشة، .. وعلا صوت المقرئ...

سألت أخي عن الأمر، ..قال أن معلمي ذاك قد مات..!.

ياه! ما أقسى الرحيل في كل أوانه،..

أصل مصفرة الوجه بالبرد و الحزن، إلى السائق ذو الرأس المغروسة بين كتفي جلابيته الصوفية، يصطاد الدفء لجسده النحيل المصقوع ببرد الصيحة القارص..

أرمي بحقيبتي داخل التاكسي، ..و أرمي بجسدي أيضا في اتجاه المحطة...

توشك عقارب الساعة على دنو موعد انطلاق القطار نحو المدينة، أركن داخله، أعتكز زجاج النافذة، أخمن في صحيفة أشتريها من الباعة المتجولين... أمضغ الأخبار كجرعات منومة، و أهرب ما بين السطور نحو التفكير المؤلم لآخر هذا القدر...

شبيهة أنا بحياة البدوّ و الرُحل... بل أجدهم في خيامهم المتنقلة في رحلات الصيف و الشتاء، أكثر استقرار و حميمة من برود وحدتي القاتلة...

أتسلى بالقراءة المملّة، و تنذر سفارة القطار بالإقلاع...

يتريث رويدا في الانطلاق، يأبى مثلي المغادرة... يترائي لي من بعيد أسراب الناس، .. بعض التلامذة بمآزرهم البيضاء و الملونة يهرولون...

تسليتُ و زملائي و نحن نتجه بعد الدوام إلى بيوتنا في الأصيل، بمعايرة ذاك الشاب المسكين، لا أذكر اسمه إلا ما كنَّ نشتمه به: "المتوحش"، تخيلنا قعدته تلك قرب العمود الكهربائي طيلة النهار لمعاكسة الفتيات قِلًّة أدبٍ منه، فنمر عليه كسرب هادئ، بخبث متسللين عبره و نفتعل البراءة و البلاهة.. ثم ننفجر عند نهاية الشارع،...نرقص كنًّ على صرخاتنا الشاتمة له و نتمايل رقصاً حتى نتعب و نغادر إلى منازلنا، تكرر الأمر طويلا و الرجل صابرا قابعا..

ذات يوم قيًّد أحدهم فجأة رقصي وزعبطاتي، لم أحس إلا بأرجلي معلقة في الهواء، و"المتوحش" قادما راكضا نحوي، انتزع غصن شجرة متدلي، نتف أوراقه و صو به نحوي، أغمي عليّ من الخوف و الألم، ... هربت ثلاثتنا بعيدا و واصلنًّ شتمه...

لما أفتكت نفسي منه... واصلت شتمه تارة، و تارة أشُّد على عيني باكية بمرارة.

أستفيق من سهوي الشارد إلى هناك.. أحملق في العيون الناعسة للراكبين في المقاعد المواجهة.. أعانق حقيبتي بقربي، .. أشفق عليها في الأعلى، حيث الحدائد المتجمدة..

يلفت انتباهي أحد الراكبين، يبدو من لهجته العربرية والجاً من إحدى القرى النائية، ـ بعمامته الصفراء و جلابته الفلاحية ـ نحو الخارج حيث القاطرة المركونة كخردة صدئة، تبدو من صنعها قديمة قليلاً..

- "حتى الحديد يرشيه السفر": متنهدا ً قال لصاحبه.

ترشي عظامي من منظر شقتي الصغيرة هنالك .. باردة، خالية.. بائدة حياتي ومملّة.. إني أمقتها كلما أمتطي السلالم باتجاهها، .. أدير المفتاح لتنفتح الوحدة عليًّ بمصارعها.. لا بأس من الدخول هرباً من أهوال المدينة التي تبزغ أغوالها بحلول المغيب..

تلك حياة المدن، خوف و خوف.. نتمشى خائفين على أرجلنا من التعثر و الانزلاق، وأجسادنا من الاصطدام، و أغراضنا من الانتشال و أعمارنا قد تنتهي في لحظة سرحان..

تعلو سفارة القطار مدوِّية.. تستفز بشارات الحديد المحتك من السكك الحديدية أنوفنا المحمرَّة، .. تتزايد السرعة، وتغادرنا مساكن البلدة مودِّعة، حتى تتدارى وراء أسربة الضباب الكثيفة.

الكل يقيّد حركاتي بنظراته التعجبية، .. إنه منظر الوحل، أداعبه بلمساتي الرهيفة سهواً.. أنشله من كعب حذائي، و أشكله في يداي كلعبة العجين..

يتسمرُ ساعي القطار أمامي مندهش، يتأمل معطفي الأنيق، و محفظة يدي الجلدية.. يتظاهر بتفحص تذكرتي بعناية مفرطة، ليتابع نهاية اللعبة بيدي..

باستنشاق عميق أقرب الطينة إلى أنفي، كالطيب أشمها رأفة.. فهؤلاء لن يدركوا ما فيها من ريحة بلدتي الطيبة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://rihab.yoo7.com
ilyes
مدير المنتدى
مدير المنتدى
ilyes

الجنس : ذكر
المساهمات : 28233
العمر : 34
العمل/الترفيه : ليسانس تربية بدنية ورياضية
تاريخ التسجيل : 05/12/2008
أنـا و أنــت  Ouooo-10

أنـا و أنــت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أنـا و أنــت    أنـا و أنــت  I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 27 2011, 09:43

بارك الله فيك اخ عبدو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://rihab.yoo7.com
عبدو 91
مدير المنتدى
مدير المنتدى
عبدو 91

الجنس : ذكر
المساهمات : 14281
العمر : 33
العمل/الترفيه : ماستر نقد أدبي
المزاج : الحمد لله
تاريخ التسجيل : 04/12/2008
أنـا و أنــت  Vb10

أنـا و أنــت  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أنـا و أنــت    أنـا و أنــت  I_icon_minitimeالأربعاء يناير 04 2012, 19:42

شكرا لمرورك إلياس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://rihab.yoo7.com
 

أنـا و أنــت

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
في رحاب المعرفة :: الآداب :: القصص والروايات-
انتقل الى: