أين ....صلاح الدّين
لم يتركوا مَدَرًَا ولا شجرا، ولا كائنا حيًّا.حتى
أعشاش الطّيور لم تَسلم لا الجُحور ولا الصّخور.
إنّهم متعطّشون لدمائنا، لا يَحْيَوْنَ إلاّ
بالقتل والتَّنكيل. مُنْدَسّون في أبراجهم وفي قمحنا وزيتوننا وعنبنا وحتى في
الماء وفي الهواء.
يمنعهم جُبنهم من المُواجهة. جربوا كل الأسلحة،
وكم أبادوا... لو أحصيهم -استلّ سيفي وقلمي ومصباحي ومفاتيحي، وماذا يا تراني أفعل؟!...
(أنتظر صلاح الدين) اسأل عنه: متى يُقبل؟ لأنحني إجلالا لبطولة الأوّلين. لأنّي في
رأيكم وفي رأيي أخاف من موْتي أو من أن أبقى وحيدا رفقة هذا الصَّمت المُتنامي المُطْبق،
الّذي وإن تكلّم لا يكاد يُحلّق لتنكسر أجنحته من جديد ويُعاود بعد ذلك التَّمــلّق.
هذا أنا، وهم كذلك كما أنا وأنت وكلّنا كم نتشدّق
بين الممرَّات والأزقّة، وفي مقاهينا المَجبولة على قهر أمانينا من المغرب إلى
المشرق... هيا بنا نتخندق تحت ظل نافذة، أو حُطام (زَوْرق طارق)، أو أيّ منفذ، علَّنا
لا نخاف الموت، أو ربّما نحيا بموتنا في يومنا وغدنا الذي لا يُشرق إلاّ بعد أن
ينبعث إيماننا فينا لنؤمن بقضية اسمها: الأرض والعِرض، وقضيّة أخرى تسري من تحت جُفوننا
ومن بين الأضلع، فصارت هَوْلاً لأيّامنا وليالينا، وكم هي تكبر، ونحن نبالغ في
وصفها وفي كل يوم. حتى شراييني تَشبَّعت بما تَنفث من سموم وأوهام.
أين أنت... يا صلاح الدِّين؟ لتخلّصني من هذا الوضع المُهين، وتعيد لي إشراقتي، لأستلم
مفتاح قُـدسي ومسـاجدي كلّها، ولأبدأ في بناء مِحرابي، وترتيب صفحـاتي التي تناثرت
وبُعثِرت أوراقها في الشَّتات.............
بقلم: لعيفاوي طيب
عين الحجل: 17/01/2009