«الأمن العملياتي لحركة حماس على مستوى عالي للغاية» هذا ما أكده العميد أركان حرب صفوت الزيات، في تصريحات له بمناسبة مرور أربع سنوات على أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط في قبضة كتائب القسام رغم الحرب على غزة.
وبين العميد الزيات صاحب شعار "الأمل في المقاومة.. الأمل في النصر.. الأمل في أن هذه الأمة لم ولن تموت"، أن القدرة على احتجاز شاليط كل هذه الفترة سوف يسجله التاريخ في سجل إبداع المقاومة الفلسطينية. وإليكم نص الحوار:
- المقاومة الفلسطينية تمكنت من احتجاز شاليط لأكثر من 1000 يوم، كيف تقيمون ذلك من ناحية عسكرية؟
- كل ما أقرأه في هذا الأمر أن المقاومة على المستوى الأمني العملياتي، أقصد بأمن العمليات هو الأمن المرتبط بالاحتفاظ بنظام التشكيلات العسكرية بواسطة عملياتها ورؤيتها للمستقبل ونواياها في عمليات قادمة كل هذا يؤشر أن الأمن العملياتي على مستوى عالي للغاية بالنسبة للمقاومة وإذا نظرنا إلى وضع شاليط على نحو خاص أذكرك حتى الاحتفاظ به سليماً خلال هذه العمليات القتالية الصعبة التي تمت خلال ما سمي بالرصاص المصهور ورغم أن ربما جاءت بعض الأيام خلال هذه الحملة وكان ربما كل سماء غزة وكل فضاء غزة وأجزاء كبيرة من أطرافها الشمالية والشرقية والغربية كانت معرضة للقصف ولكن الاحتفاظ بهذا الأسير في منطقة آمنة وغير معلومة ربما لكوادر عليا حتى في حركة حماس تدل بلى شك على ما تكلمت عنه أن لديهم إجراءات صارمة وأن الأمن العملياتي لحركة المقاومة الإسلامية حماس هو على درجة عالية من الانضباط والرؤية وأن هناك دوائر للأمن ودوائر لمستويات لاطلاع في كل نفق أنفاق هذه الحركة، وبالتالي هذه شهادة لهم لن يختلف عليها أحد.
- هل يمكن أن يسجل التاريخ هذا الاحتفاظ في سجل إبداع المقاومة الفلسطينية؟
- بلا شك أن تكون غزة وهي بمساحة صغيرة للغاية حوالي 350 كم مربع، وفي مناطق هي الأكثر كثافة سكانية في العالم، وأن هذا القطاع يحاصر من كافة اتجاهاته الأربعة، وأنه حتى في التركيبة السكانية في قطاع غزة هناك بعض الحركات التي ربما لها توجهات تخالف توجهات حماس، وإضافة إلى التقنية العالية لدى الطرف الصهيوني في عملية المراقبة والاستطلاع والاستخبارات على مدار الساعة ربما، وهذا الانضباط بلا شك يشكل سبق كبير للغاية لدى حركة حماس.
- لو رجعنا الحرب على غزة، قال قادة الاحتلال أن من ضمن أهداف الحرب الإفراج عن شاليط وبماذا تفسر انسحابهم دون الحصول عليه؟
- أنا في هذه الجزئية أريد أن أوضح.. لم يكن فك أسر شاليط على قائمة أهداف صهيونية ، عندما بدأت شن الحملة، دولة الاحتلال وضعت ثلاث أهداف في كل أدبيات وخطابات قادتها السياسيين وهم كان إضعاف حماس وهدر القدرة السياسية لها هذا هدف الهدف الثاني استعادة مصداقية الردع الصهيوني في قطاع غزة، والهدف الثالث خلق بيئة أمنية جديدة في جنوب الكيان الصهيوني المحتل خاصة في المناطق المجاورة لقطاع غزة وهو ما يعني بين قوسين (وقف إطلاق الصواريخ على المستوطنات والتجمعات السكانية إضافة إلى منع التهريب)، لكن عندما جئنا ليوم 22 للعملية العسكرية على قطاع غزة وبدأ أن هناك فشلاً كاملاً في تحقيق أي من هذه الانجازات الثلاثة، بدأ يخرج علينا رئيس الوزراء الصهيوني للحديث عن الحديث عن ضرورة فك أسر الجندي شاليط، لأنه في الثلاث أهداف الأولى لم يتحقق منها شيئاً ملموساً، فهو يريد حتى بفك أسر شاليط أن يقدم إنجازاً ما ملموساً للمجتمع الصهيوني أو للبيئة الصهيونية الداخلية على نحو خاص، وهو لم يجد حتى الآن ما يستطيع أن يقدم كإنجاز سواء بإضعاف قدرة حماس أو في هدر سلطتها على القطاع أو فيما يعني باستعادة مصداقية الردع، أو خلق بيئة أمنية جديدة في جنوب دولة الاحتلال ومنع تهريب السلاح، إذاً نحن فوجئنا بأن موضوع شاليط بدأ يتقدم بعد انتهاء العمليات العسكرية في غزة، ولا يستطيع أحد أن يثبت أو أن يخرج لنا أدبية صهيونية واحدة، أو خطاب سياسي صهيوني واحد خلال الحرب 22 يوم تتحدث عن شاليط.
- كان من أهداف الحرب على غزة ترميم إستراتيجية الردع، فهل نجحت في ذلك؟
- الردع في أبسط تعريفاته هو أن أجبر الخصم على فعل شيء ما، أو أجبره على أن لا يقوم بعمل شيئاً ما من خلال قيام الخصم ذاته بتقدير حسابات المنفعة والخسارة من قيامه بهذا العمل أو امتناعه عن هذا العمل، وعندما يشعر الخصم أن خسارته أكبر من منفعته إذاً هنا يتحقق الردع، إذاً الردع رغم أنه قد يكون عمل يقوم به الطرف المهاجم، لكن المشكلة الكبيرة أن الطرف المرتدع بتصرفاته هو الذي يحدد هل نجح الردع أم لا، وهنا انا أنقل هذه الصورة، في مساء يوم 17 يناير 2009 وهو اليوم الـ 21 من الحرب أعلن يهود أولمرت وقف إطلاق النار من جانب أحادي اعتباراً من الساعة الثانية من صباح اليوم التالي يوم 18 يناير وكلنا كنّا نتابع معنا، وتعلم أن المقاومة استمرت في إطلاق صواريخها 13 ساعة كاملة بعد وقت وقف إطلاق النار من جانب واحد، وأوقفت المقاومة إطلاق النار بعد ذلك اليوم، ثم أن إطلاق الصواريخ استمر لفترات طويلة جداً وتجاوزت الشهرين بعد وقف إطلاق النار، إذاً هنا نطرح السؤال هل ارتدع الطرف الفلسطيني عن استخدام أدوات العنف المتاحة، هل أجبر الطرف الفلسطيني عن تغيير سلوكه أو نموذجه في نهاية هذه الحرب، خطأ صهيوني كبير أن تضع دولة الاحتلال استعادة مصداقية الردع ضمن الأهداف، الردع ليس هدف استراتيجي الردع دائماً نتيجة عمليات عسكرية بالدرجة الأولى، ونحن شاهدنا وتابعنا وربما قيمنا وقيم غيرنا أن الحرب انتهت وحسابات المقاومة الفلسطينية ما زالت منفعة العمل تزيد على تكلفة الخسارة التي تحققت، استمر الفلسطينيون بإطلاق صواريخهم، قرروا أن يجعلوا وقف إطلاق النار متأخر عن الطرف الصهيوني ، حتى الآن لدولة الاحتلال لا تملك نظاماً دفاعياً ضد الصواريخ الفلسطينية على نحو خاص.
- يتم الحديث في وسائل الإعلام العبرية في هذه الأيام أنهم قريباً سيعملون بنظام القبة الحديدية للتصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، فهل تنجح القبة الحديدية في وقف الصواريخ؟
- حتى الآن المتاح أن هناك نظامين يتم العمل في تطويرهم على قدم وساق منذ عام 2005 وهو نظام القبة الحديدية للصواريخ قصيرة المدى حتى ربما مسافة حوالي 40 كم وربما مساحة 70 كم، وهناك نظام ثاني يسمى (العصا السحرية) وهي للصواريخ التي يزيد مداها عن 70 كم مثل فجر 3 وفجر 5 وخيبر وردع، لكن فيما يخص على سبيل المثال نظام القبة الحديدية الذي يتحدثون عنه، حتى الآن بما لدينا من معلومات أن لديهم مشكلات كبيرة جداً، المشكلة الأولى في هذا النظام الصاروخي أن الوقت المتاح لرد الفعل لاعتراض الصواريخ الفلسطينية يزيد بكثير عن الزمن الذي تستغرقه الصواريخ الفلسطينية في الوصول إلى أهدافها وربما قد يصل الأمر من 15 إلى 20 ثانية في هذا الأمر، وبالتالي الفعالية العملياتية مشكوك فيها.
البعد الثاني في مشكلاته أنه ذات تكلفة كبيرة يكفي أنك تعلم أن الصاروخ على سبيل المثال القسام تكلفته تتراوح ما بين 60 إلى 80 دولار وهو يصنع محلياً، تكلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد من منظومة القبة الحديدية الذي يسمى Tamir تكلفة الصاروخ تتراوح في بعض التقارير ما بين 80 ألف إلى 100 ألف دولار، فلك أن تتصور أنك تعترض هدف تكلفته أقل من مئة دولار بنظام اعتراضي تكلفت الوحدة الاعتراضية فيه إلى هذه الأرقام.
العامل الثالث في عدم فعاليته أنه لن يستطيع أن يجابه كثافة إطلاقات سريعة في وقت قصير أو ما يسمى بالصليات وهي الاطلاقات المجمعة، لو نجحت المقاومة في إطلاق حجم كبير من الصواريخ في فترة زمنية قصيرة أو بصورة آنية ربما هذا الصاروخ حتى الآن لن يحل المشكلة، وهناك كثير من خبراء التكنوقراط في داخل دولة الاحتلال يرفضون مثل هذا النظام ويطلبون بالعودة إلى استخدام نظام الاعتراض الليزري الذي أوقف منذ عام 2004 وهو كان مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال ، وهناك آخرين يقولوا دعنا من هذه الأنظمة وعلينا أن نحول ما ننفقه على هذه الأنظمة الغير فعالة إلى علميات تحصين المباني السكنية للمستوطنات المحيطة لقطاع غزة، والعمل على تحسين نظام الإنذار المبكر عن إطلاق الصواريخ، إذاً نحن أمام جدليات كبيرة في مدى فعالية هذا النظام.