من الغرائب التي حدثت في معركة الشد والجذب الواقعة بين الرئيس المصري حسني مبارك والمظاهرات المليونية أن المراحل التي تشهدها متطابقة تماما مع مراحل تهاوي النظام التونسي، وتكاد كل المشاهد تنتهي ليعلن حسني مبارك أنه تم تغليطه من طرف مقربيه وأنه فهم الشعب المصري.
* فالتحضير للثورتين التونسية والمصرية بدأ عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الأنترنت، مثل الفيسبوك، وأطلق الدعوات شباب غير مُسيّس وغير مهيكل في أحزاب المعارضة، وكانت المطالبة في البداية اجتماعية ثم تحوّلت إلى سياسية تدريجيا.
* وقد ارتكب النظامان نفس الأخطاء، مما أدى إلى نفس النتائج، ففي البداية خرج الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على شعبه بخطاب تجاهل فيه كل مطالب الشارع واتهم المتظاهرين بالإرهاب وغيرها من الأوصاف، وكذلك فعل الرئيس المصري حسني مبارك الذي تجاهل كل ما حدث في الشارع وبعد مدة خرج بخطاب جاف حمل نفس توجهات الخطاب الأول لزين العابدين.
* وخلال هذه المرحلة شهد الشارع في البلدين نفس التطورات، حيث توّسعت الاحتجاجات وسقط ضحايا وساد الانفلات الأمني وانتشرت أعمال النهب والاعتداء والمتهم هو الأجهزة الأمنية في البلدين، وحدث التمرد في السجون وتطورت إلى مجازر.
* ولأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه تقدم الرئيسان زين العابدين ومبارك بخطابين متطابقين يعلنان فيهما تنازلات غير مسبوقة، ويؤكدان لشعبيهما أنهما لن يترشحا للانتخابات الرئاسية المقبلة، ووعدا بإصلاحات سياسية وتشريعية كبيرة وبتوفير مناصب العمل ومكافحة الفساد.
* وفي كل من تونس ومصر لجأ النظام إلى استخدام أفراد الأجهزة الأمنية التي انسحبت من مهماتها وأخلت المراكز الأمنية ودفعوهما إلى افتعال مظاهرات مؤيدة للرئيس مباشرة بعد إلقاء الخطاب، وقد حدث هذا في تونس وحدث كذلك في مصر، غير أن مبارك كان أكثر مكرا من بن علي حين دفع أفراد الأمن الذي يتراوح تعدادهم مليونين إلى استخدام القوة والدخول في مواجهات دامية قدمها الإعلام الرسمي المصري على أنها مواجهات بين متظاهرين مؤيدين وآخرين معارضين للرئيس حسني مبارك، بينما هي في الواقع اشتباكات بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية في زي مدني.
* في كلا البلدين التحقت المعارضة متأخرة بالمتظاهرين وبدأت تنظم نفسها لتولي قيادة المرحلة السياسية الموالية، وفي كلا البلدين ساهم الإسلاميون في تأجيج المظاهرات وإعطائها بعدا شعبيا منظما، وفي كلا البلدين سارع أقارب الرئيس بالفرار إلى الخارج، وكان التركيز على زوجتي الرئيسين سوزان والطرابلسي.
* ولأن المراحل تبدو متشابهة فإن المصريين حاليا ينتظرون ما بات يطلق عليه "خطاب التفهم"، أين يخرج عليهم الرئيس ويقول إني فهمتكم الآن وبعدها يستقيل أو يفر. لكن بعض المراقبين يشيرون إلى أن هذا قد لا يحدث في مصر بسبب التحيّز الذي أبداه الجيش إلى مبارك وعدم وقوفه مع الشعب بشكل واضح وصريح.
*