حث الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، المفتي العام بالمملكة العربية السعودية، الشعوب الإسلامية، خاصة في تلك البلدان التي أضحت ساحات للصراعات والمواجهات المسلحة على حقن الدماء والالتفات إلى مصالحهم، والتوحد وحماية أوطانهم من التمزق ودرء الفتن والمخاطر.
وخاطب العراقيين من أجل الاستجابة للدعوات لهم بالتآلف والوحدة ونبذ القتل وسفك الدماء فيما بينهم، وأن يكونوا حريصين على وحدتهم، مشيرًا إلى في هذا الإطار إلى جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وفي مناطق النزاع الأخرى في الصومال وأفغانستان.
وناشد آل الشيخ السودانين أن يبقوا على خيار الوحدة، وأن يجتهدوا كي يظلوا في إطار دولة واحدة، محذرًا بذلك من خطورة الانقسام الذي ينتظره أكبر بلد إفريقي في استفتاء تقرير المصير بالجنوب في يناير المقبل، ومن استمرار الصراع المسلح في إقليم دارفور غربي السودان.
جاءت تلك الدعوات في خطبة ألقاها آل الشيخ ظهر الاثنين في أكثر من ثلاثة ملايين حاج يتواجدون على صعيد جبل عرفات، لأداء الركن الأعظم من أركان الإسلام، والتي غلب عليها الإشارة إلى المعاني الإيمانية والروحية في عقيدة الإسلام.
وشدد آل الشيخ في خطبته على أن الإسلام حرم "الإرهاب" بكافة صوره وأشكاله، وحرم سفك دماء المعصومين، وعصم النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، "كل المسلم على المسلم حرام" وكذا حرم قتل المعاهدين، مشيرًا إلى نعمة الأمن باعتبارها الدعامة الأساسية للمجتمعات، بعيدًا عن أجواء الفتن والحروب، وأنه لو لم يكن هناك أمن ما كان هناك حج ولما ملئت المساجد بعمارها.
وأكد أن الإسلام وكما يحرم الإرهاب، فإنه كذلك يحرم الاحتلال، ويمنع الظلم عن المستضعفين شعوبًا وجماعات، متسائلاً عن موفف جماعات حقوق الإنسان من الجرائم التي ترتكب بحق المسلمين، وخاطب الشعوب الأمريكية والأوروبية قائلاً إن الإسلام يعترف بحقوق الإنسان، لكنه تساءل عن موقفهم من علميات التشريد وطرد الآمنين من ديارهم، مشيرًا كذلك إلى ضرورة معالجة مشاكل انتشار الفقر والبطالة والأمراض في أوساط المجتمعات.
وحث المسلمين على نصرة نبيهم صلى الله عليه وسلم بالوسائل المختلفة التي تحقق ذلك الهدف، في مواجهة حملات الإساءة والتشويه، ومن بينها نشر الصورة المشينة، في إشارة إلى الرسوم الدانماركية المسئية للنبي الكريم، وعبر نشر الصورة المشرقة عن الإسلام، ونشر سنته، والرد على الأكاذيب والافتراءات بحق الإسلام ونبيه الكريم.
ودعا آل الشيخ المسلم إلى الافتخار بدينه والاعتزاز به، وخاطبه قائلاً: "كن عزيزًا بإسلامك ولا تخجل من دينك"، ونهى عن مشاهدة الفضائيات الهابطة والمبتذلة، محذرًا كذلك من الدعوات التي تستهدف فصل الشريعة عن الدولة، وإبعاد الدين عن شئون الحياة، كما يدعو البعض.
وأكد أن الإسلام ظل وسيظل صامدًا أمام الأخطار التي واجهها منذ نشر الرسالة المحمدية، وسيبقى على الرغم من الحملات التي تستهدف تشويهه وإضعاف شوكته، مشيرًا إلى العالمية التي هي من خصائص الدين على خلاف الأديان السابقة عليه، وعلى تميزه بالمساواة بين الأفراد والشعوب في الحقوق والواجبات، لأنه "لا شعوبية ولا عنصرية في هذا الدين"، ولا تمييز بين شخص أو آخر أمام الله إلا بالتقوى.
وحذر المسلمين من خطورة الخروج على ولي الأمر، ودعاهم إلى الوقوف إلى جانبهم وتأييدهم فيما يتنبونه من أحكام، امتثالاُ لقول الله تعالى "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم"، معتبرًا أن تحقيق هذا الأمر من الركائز لنشر الأمن في المجتمعات وتجنيبها الفتن.
وأشار إلى أهم ما يتميز به الإسلام عن غيره من الأديان بأنه "دين الوسطية".. "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا.."، وأن من معالم هذا التوسط الإيمان بجميع رسل الله، والتوبة من المعاصي من الذنوب والأخطاء، وإباحته الطلاق إذا استحالت العشرة بين الزوجين، على خلاف غيره، كما أنه يساوي بين مطالب الروح والجسد في آن واحد، ويعمل على تهذيب النفس وعدم الركون إلى المادية.