طلبتُ من ريشتـي أنْ ترسـم القمـرا
فأبدعتْ وقضتْ من حاجتـي وَطَـرا
طمعتُ فيها، فقلـت: النَّجـمُ يُعجبنـي
فصوَّرتْ ريشتي من حُسْنِـه صُـوَرا
فزاد مما أرى فـي ريشتـي طمعـي
والمرءُ يَطْمَـعُ فيمـا حُسْنُـه ظَهَـرا
فقلت: هيَّا ارسمـي روضـاً ورابيـةً
خضراءَ تُعْجبُ في تنسيقهـا النَّظَـرا
وأبدعـي صـورةً للنَّخـل باسـقـةً
وصوِّري النَّبْعَ والأزهـارَ والشَّجـرا
وصوِّري سُحُبـاً فـي الجـوِّ سابحـةً
وصوِّري البرقَ فيها وارسمي المَطَـرا
فأبدعتْ ريشتي في كـلِّ مـا رسَمَـتْ
حتى رأيت لها فـي خاطـري أَثَـرا
طَمِعْتُ في ريشتي، قلت: ارسمي حُلُماً
فصوَّرتْ صورةً، عقلي بهـا انبهَـرا
قلت: ارسمي وَمْضَةَ الإحساس فانطلقتْ
تصوِّر البَرْقَ لمَّـا يَخْطَـفُ البَصَـرا
قلتُ: ارسمي لَوَْعَةَ المشتـاق، لَهْفَتَـهُ
حنينَهُ، دَمْعَهُ الرَّقْـراقَ حيـن جَـرَى
وصـوِّري ليلَـه مـا زالَ يُرْهِـقُـه
طولاً، وَيُسْكِنُ فـي أهدابـه السَّهَـرا
وصوِّري فَرَحَ المشتـاقِ حيـن يَـرَى
وجهَ الحبيبِ وينسـى الهـمَّ والكَـدَرا
ولم تَزَلْ ريشتي في كلِّ مـا رسمَـتْ
تُبدي لعينيْ من الإبـداعِ مـا استتـرا
وزادَ مـن طمعـي فيـهـا تَأَلُّقُـهـا
فَرُحْتُ أطلبُ بالإسهابِ مـا اختُصِـرا
يا ريشتي، أنتِ فـي الإبـداعِ رائـدةٌ
كبَّرْتِ من لَمحَاتِ الفَـنِّ مـا صَغُـرا
هيَّا ارسمي وَجْهَ مَنْ أهـوى وبسمتَـه
وناظرَيْـنِ، إذا مـا صُوِّبـا سَحَـرا
توقَّفَتْ ريشتـي طـال الوجـومُ بهـا
حتى تخيَّلْـتُ رأسَ الرِّيشـةِ انكسـرا
ماذا دهى ريشتي، ما بالُهـا وَجَمَـتْ
ما بالُ إبداعها في رسمها انحسـرا؟!
قالـت: أتطلـبُ منـي رسـمَ فاتنـةٍ
لو أبصر الفجر عينيهـا لمـا انتشـرا
ولو رأى الزَّهْرُ في الواحاتِ بَسْمَتَهـا
لَمَا حَبَانا الشَّـذا يومـاً ولا ازدهَـرا
ولـو رآهـا نسيـمُ الفجـر حاضـرةً
على ضِفافِ الرَّبيعِ الطَّلْقِ ما حَضَـرا
هنـا، رأيـتُ يَـدَ الإبـداعِ راجفـةً
كـأنَّ ريشتَـهُ قـد أصبحـتْ حَجَـرا
فقلتُ: سبحانَ من صاغَ الجمـالَ لنـا
حتـى ظننَّـا بأنَّـا لا نـرى بَشَـرا