كما أعلن أن قائمة الضيوف "غير المرغوب بهم" جزائريا هي نتيجة حتمية لعدم قدرة "الجزيرة" على استضافة ضيوف من داخل الجزائر بما يرتبط بذلك من تعقيدات إدارية ومهنية، وأبرق للسلطات الحكومية رسالة مشفّرة حول رغبة قناته في تعزيز حضورها الإعلامي بالجزائر إلى الحدّ المأمول شعبيا وسياسيا.. حديث مباشر ومتحدث لبق وموضوع متشعّب ولقاء افترض مدير مكتب السيد وضاح خنفر أن لا يتعدى ثلث الساعة فإذا به يطول لساعة من الزمن لم يقطعها إلا أجندته الممتلئة، ولولا ذلك ما ملّ وضّاح لقاءً على صفحات جريدة تصدر في بلد يعتبره مثلا للبطولة والشجاعة والمهنية الإعلامية.
هذه أسباب قطع البث عن بوتفليقة ولم نقصد شخصه الكريم
نتمنى أن يكون لنا مكتب في الجزائر نصل به إلى وضع مستقبل طموح
"الجزيرة" لا تملك أي رغبة أو أجندة للانتقاص من سيادة الجزائر
شريط "العلم الممزق" ليس من إنتاجنا ونشرناه لصالح الجزائر لا ضدها
الشروق : هل تلقت "الجزيرة" ردا على طلبها الذي تقدمت به مؤخرا لفتح مكتب لها بالجزائر؟
وضاح خنفر: لا، لم نتلق ردا لحد الآن.. نحن قدمنا عدة طلبات في موضوع فتح مكتب لـ "الجزيرة" في الجزائر، كان آخرها منذ عدّة أسابيع، وإلى الآن لم نتلق ردا رسميا من السلطات الجزائرية، ونأمل أن تكون النتيجة طيّبة.
س: كنتم على رأس القناة لمّا سُحب اعتماد "الجزيرة" من الجزائر، ما هي الأسباب التي أدت لسحب الجزائر الاعتماد من قناة "الجزيرة"؟
ج: لا أدري بالضبط ما هي الأسباب، فنحن كمؤسسة إعلامية نقوم بدورنا، ونعتقد أن الكثير من الإشكالات التي نقع فيها يكون سببها توقعات رسمية من "الجزيرة"، ولكن هذه التوقعات الرسمية لا تنسجم بالضرورة مع السياسات التحريرية، ومن هنا يأتي أحيانا غضب بعض الأشخاص وبعض المؤسسات، وبالتالي يأخذون على "الجزيرة" مجموعة من المآخذ هي في عرف الإعلام مهنية، وهي في صلب عملنا، لكن للأسف الشديد في عرف الساسة في بعض الأحيان تعتبر قدرا من المبالغة، وقدرا من الخروج عما يريده السياسي.
س: هل تلقيتم أو قُدم لكم سبب عن سحب الاعتماد؟
ج: لا.. لم نتلق تبريرا أبدا..
س: رئيس الحكومة السابق، الوزير الأول الحالي أحمد أويحيى، وفي ندوة صحفية عقدها سنة 2004، أشار لشريط بثته "الجزيرة" صوّر في "جنيريكه" علم الجزائر ممزقا، ويبدو أن هذا وراء عدم منح الاعتماد للقناة من جديد؟
ج: أولا: هل تفضل السيد الوزير الأول وقال لنا ماذا إذا كان هذا الشريط ضد الجزائر أم معها، بمعنى هل أراد أن يشرح حالة موجودة في الجزائر وهي بالذات حالة نضالية يعتز ويفتخر بها العرب والمسلمون جميعا أم لا، ثانيا: إذا كانت هناك لقطة من ثلاث ثوانٍ تأتي في سياق فيلم وثائقي لم يتم إعداده في داخل مؤسسة "الجزيرة" وإنما تم شراؤه من قناة أجنبية "arte" وعرض على شاشتها عدة مرات، هل يستطيع الوزير الأول كسياسي أو أي شخص إعلامي أو أي مثقف في العالم أن يحكم على ساعة بثّ من خلال ثلاث ثوانٍ فقط!، كان الأولى على الوزير الأول أن يضع هذه اللقطة في إطارها السليم وفي السياق الذي تأتي فيه، فهذه شبيهة بـ "ولا تقربوا الصلاة.." لأنه لو أكمل النص لوجد أن فيه قدرا كبيرا جدا من الوقوف إلى جانب الشعب الجزائري والتعريف بالقضية الجزائرية بشكل ايجابي، ولم تكن لـ "الجزيرة" في يوم من الأيام رغبة ولا توجّه في الماضي ولا المستقبل للانتقاص من سيادة الجزائر ولا من سيادة أي دولة عربية أخرى، فمشاهدو "الجزيرة" يعرفون قبل غيرهم أن قناة "الجزيرة" تقف إلى جانب الأمة العربية في وعيها الجمعي وفي إجماعها على قضاياها الوطنية، وفي اعتزازها بتاريخها وماضيها وفي اعتزازها بثوراتها ونضالها ولا يمكن في حال من الأحوال أن تقف "الجزيرة" تجاه الجزائر أو أي دولة أخرى هذا الموقف.
س: وزير الاتصال الجزائري والناطق باسم الحكومة الجزائرية السابق عبد الرشيد بوكرزازة، وفي ندوة صحفية، أشار إلى عدم تقديم "الجزيرة" لأي طلب لفتح مكتبها بالجزائر، هل هذا صحيح؟
ج: قدمنا طلبات اعتماد سابقا عبر السفارة الجزائرية في الدوحة، وبعد تصريح وزير الاتصال الجزائري قدمنا طلبا رسميا سُلم مباشرة إلى السيد الوزير.
س: تغطية "الجزيرة" لاحتجاجات الشعب الجزائري على العدوان الإسرائيلي في غزة كان محتشما رغم انتفاضة الجزائريين عبر الكثير من الولايات..
ج: نحن حاولنا بكل ما أوتينا من جهد أن نعكس الحراك الاجتماعي والسياسي الذي حدث في الجزائر تجاه غزة، لكن للأسف الشديد غياب مكتب لـ "الجزيرة" في الجزائر يجعل المشكلة كبيرة بالنسبة لنا، لأن مصادرنا في الصور والمعلومات ستكون طرفا ثالثا، وهذا الطرف في كثير من الأحيان لا يغطي بنفس منهجية "الجزيرة" ولا بعين "الجزيرة"، فالدول التي كان لنا فيها مكاتب وكان لنا فيها حضور كانت كاميرا "الجزيرة" تنقل وبشكل مباشر وعلى الهواء في معظم الأحيان ما يتفاعل من فعاليات سياسية أو مظاهرات شعبية أو حراك مختلف في الداخل.
س: وهل يُكيّف هذا على أساس أنه من أخطاء الحكومة الجزائرية؟
ج: نحن نقول دائما وباستمرار وبعيدا عن لغة الأحكام ولكن بصدق وبصراحة، إن هذه القناة التي مضى على حضورها في الشارع العربي 12 سنة وخلال هذه الفترة تشكّل في وعي المشاهد العربي فكرة واضحة تماما على "الجزيرة"، وأي معلومات أو مخاوف من "الجزيرة" ومن سياسة "الجزيرة"، وأنا أعتقد أن الذي يدافع عن وجهة "الجزيرة" هو هذا التاريخ وهذه العلاقة مع المشاهد العربي وهذا الانتماء الذي تنتميه مؤسسة "الجزيرة" إلى الواقع العربي عموما، بكل ما فيه من مكونات مجتمعية وثقافية وعرقية ودينية.
س: نعود إلى برنامج "بلا حدود" لأحمد منصور، وبالضبط لسنة 1999 عندما استضاف المرشحين السبع للرئاسة الجزائرية، حيث تم إنهاء استضافته للرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة بحجة الحرب في كوسوفو، لكن هناك من كيّف الانقطاع كنتيجة لطريقة تفاعل الرئيس مع أسئلة أحمد منصور التي طعنت في شهادات تاريخية، ما صحة هذا؟
ج: أولا، أريد أن أطرح سؤالا: في العرف الإعلامي المتعارف عليه وما ورثناه نحن عن الآباء المؤسسين لمهنة الإعلام، فإنه إذا حدث خبر طارئ أو عاجل كانطلاق عملية عسكرية أو بداية حرب فهذا يُقدم دائما على أية مقابلات تلفزيونية، فهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تُقطع فيها مقابلة على الهواء مباشرة لننتقل إلى تغطية الأحداث العاجلة، هذا الأمر حدث معنا في حرب غزة وحرب العراق وحرب أفغانستان وكل الحروب الأخرى، وهذا عرف إعلامي معروف.. في ذلك الوقت كان السيد عبد العزيز بوتفليقة مرشحا ولم يكن رئيسا، وهذه لم تكن مقصودة إطلاقا لشخصه الكريم ولا لأي شخص آخر، وبالمناسبة نوعية الأسئلة التي طُرحت والتي قلتَ إن فيها قدرا من التشكيك، فهذه وظيفة مقدم البرنامج، الذي يقف في كل الأحيان على الجانب الآخر في المقابلة، وعندما يسائل الضيف فإنما يسائله بأسئلة قد تدور في ذهن المشاهدين، فالسؤال المطروح فعليا: هل مقابلة أحمد منصور مع غيره من الشخصيات كان فيها قدر من التعاطف وتم استثناء السيد عبد العزيز بوتفليقة من هذه القاعدة هو فقط، أم أن هذا هو المنهج العام الذي يطبع مقابلات برنامج "بلا حدود" أو غيره من البرامج مع ضيوف المؤسسة.