الخاطرة الاولى
كما
أن الناس يختلفون في طباعهم وأشكالهم.. كذلك هم يختلفون في وجهات نظرهم..
وفي قناعاتهم وتصرفاتهم.. فإذا شعرت أن أحداً خالف الصواب.. ونصحته وحاولت
إصلاح خطئه ولم يقتنع.. فلا تصنف اسمه من بين أعدائك.. وخذ الأمور بأريحية
قدر المستطاع.. فلو حاولت إصلاح خطأ عند أحد زملائك فلم يستجب.. فلا تقلب
الصداقة عداوة.. وإنما استمر في التلطف فلعله أن يبقى على خطئه ولا يزيد..
وقد قيل: حنانيك بعض الشر أهون من بعض.. إذا تعاملت مع الناس بهذه
الأريحية.. فلم تغضب على كل صغيرة وكبيرة.. عشت سعيداً.. قالت عائشة -رضي
الله عنها-: - ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط.. - وما ضرب
شيئاً قط بيده.. ولا امرأة.. ولا خادماً.. إلا أن يجاهد في سبيل الله.. -
وما نيل منه شيء قط.. فينتقم من صاحبه.. إلا أن ينتهك شيء من محارم الله
فينتقم لله.. إذن.. كان صلى الله عليه وسلم يغضب.. لكنه غضبه لله.. لا يغضب
لنفسه.. وحتى نفهم الفرق بين الغضبين: افرض أن ولدك الصغير جاءك ذات صباح
وطلب ريالاً أو ريالين مصروفاً للمدرسة.. فبحثت في محفظة نقودك.. فلم تجد
إلا فئة الخمسمائة ريال.. فأعطيتها له.. وقلت: هذه خمسمائة ريال.. اصرف
منها ريالين.. وأرجع الباقي.. وأكدت عليه وكررت.. فلما رجع بعد الظهر فإذا
المال كله قد صرفه.. فماذا ستفعل؟.. وكيف سيكون غضبك.؟ قد تضرب وتعنف
وتمنعه من مصروفه أياماً.. ولكن لو رجعت مرة من صلاة العصر ووجدته يلعب
بالكمبيوتر.. أو عند التلفاز.. ولم يصل في المسجد.. فهل ستغضب كغضبك الأول؟
أظننا نتفق أن غضبنا الأول سيكون أشد وأطول وأكثر تأثيراً من غضبنا
الثاني..
الخاطرة الثانية
تمر بنا أيام جليلة أيام انتصار على النفس والشيطان ولعل قراءة القران
والانشغال به هي من أفضل الأعمال في شهر رمضان إذ أنه شهر القران وفيه نزل
على خير الأنام ولاينبغي للإنسان أن يغفل عن مهمة الأنبياء من الدعوة
للأقارب وغير المسلمين ممن يرجى لهم العودة لطريق الهداية ولاشك أن تفطير
الصائمين له أجر لايخفى عليكم فحري بنا المسارعة والمحافظة على صلاة
التراويح مع الجماعة خير عظيم فلا نحرم أنفسنا منه ونسأل المولى أن يعيننا
على الصيام، تصفد فيها الشياطين وتفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران ..
شهر عظيم فيه ليلة خير من ألف شهر كما قال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر * وماأدراك ماليلة القدر * ليلة القد ر خير من ألف شهر )
أيام قلائل تمر بنا سريعا فحري بنا أن نستغلها في أعمال صالحات تقربنا من
رب البريات وتوسع لنا في قبورنا وترفع درجاتنا بالصيام والقيام وان
لايحرمنا قيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ....
الخاطرة الثالثة
عندما
يستحضر الإنسان روح الماضي وسجله يجد أن هناك أناسًا سجلوا أسماءهم بماء
من ذهب ونسجوا آثارهم على قلوب من خلفهم . ويتعجب الإنسان عندما تمر مئات
السنين على موتهم ولم يمحى ذكرهم بل يزداد حياة وكأنهم بيننا .
ولا شك أن هؤلاء الأعلام أمثال محمد بن عبدالله وصحابته
الطاهرين ومن اقتدى أثرهم أمثال أحمد ومالك ، هم في الحقيقة عرفوا معنى
الحياة فعاشوا بهمم عالية وأهداف سامية من أجلها يموتون ويحيون عاشوا بروح
التضحية واستكانوا بروح الأمل شربوا ماء الصبر وذاقوا مرارته حرموا انفسهم
نوم الليالي وقدموه مهرا لكلا النجاحين الدنيوي والأخروي وأخلصوا أعمالهم
قبل كل شيء لله ، لذلك بارك الله في انتاجهم واستفاد منهم خلق كثير وخلد
ذكرهم فحري بكل مسلم أن يعي أهدافه وأن يعرف معنى حياته وأن يعيش لله وفي
الله كي يموت عزيزا ويحيا كبيرا ويعرف معنى السعادة الحقيقية .... ولعل لنا
لقاء قادم عن أهداف المرء المسلم والعمل لها.