سأل القلب صاحبه في حيرة غريبة : ويحك يا رجل...لماذا تحب كثيراً؟؟
فقال الرجل : خلقك ربي في صدري كبيراً ...
فرد القلب : هل تقصد أنك تضع في داخلي كل الناس؟؟
فقال الرجل : إطمأن...لا أضع فيك إلا أصحاب الشعور والإحساس ...
فقال القلب : هل كل من في داخلي أصحاب مشاعر؟؟
فقال الرجل : بل فيك من الناس الدائم والزائر ....
فسأل القلب : وكيف لي أن أميز بين الزائر والدائم؟؟
فابتسم الرجل وقال : إذا مررت بإنسان فازدادت دقاتك...فاعلم أنه دائم ...
وأني في حبه هائم...وأما الزائر...فقد يمر يوماً على الخاطر ...
ولكنه من أحشائك مغادر ....
صمت القلب قليلاً ... ثم عاود يهل على الرجل بأسئلته قائلاً : علمت أن لك حبيبة...ولكن..ما قيمتها في جوفي؟؟
فتنهد الرجل وقال : آه....هي في جوفك روحي وكياني...راحتي وسكني ...
دنيتي وحياتي ...
آهاتي وتنهداتي...فهي في داخلك الأمرة الناهية...السيدة على كل من فيك ...
وإن هم ذهبوا فهي الباقية ...
هي التي إن مرت على خاطري...تصبب عرقي...وتسرب الدم إلى وجنتي ...
ومن شوقي لها ...
تفيض الدموع من عيوني...وتأبى النوم جفوني...فصوتها الأحلى على مسمعي ...
ورؤيتها دواء لسقمي...ففي عينيها أغرق كالقتيل...وبين أحضانها أرى عمري الجميل ...
فحنانها عليّ يحييني...وبقاؤها قربي يدفيني...وإن نطقت باسمي رقصت شراييني ...
فأنا بين يديها طفل تبدؤني وتنهيني...تضحكني وتطربني...وتغرس حبها بتكويني ...
فاستوقفه القلب قائلاً : ألا تفترض أني قد لا أطيق أن احمل حبيبتك على مر السنين؟؟؟
فرد الرجل : حينها....فأنت عندي من المنبوذين...أرميك من جسدي ...
واحمل حبيبتي في الأوردة والشرايين...فإن ضاقت بها ...
حفرت اسمها على النجمة والكوكب والشمس والقمر...وبعت لأجلها عمري المنتظر ...
ودفنت نفسي في الظلام...ورجوت ربي أن يرزقني جواره خلال أيام ...
فالحياة بعد حبيبتي لا تطاق ...
ولسوف يذبحني ألم الشوق والفراق ......!!
فسكت القلب برهة..ثم قال : لا تخف يا صاحبي...سأحفظ حبيبتك في داخلي ...