أجمل ما فى الإسلام أنه قد أكد على بشرية الأنبياء والرسل ،فكلهم بلا استثناء بشر من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم .كلهم أبناء آدم يجرى عليهم ما يجرى على البشر من الولادة والحياة والموت والأكل والشراب والنسيان والفرح والغضب ،كلهم بشر اصطفاهم الله لفضلهم ومكانتهم على سائر خلقه .


وهذا يعطى للإنسان قيمة كبيرة ،فصلته مباشرة بالله عز وجل ،وليس لأحد أن يفرض عليه وصاية أو يكون واسطة بين الله وبينه ،وهذا إعلاء لمكانة الإنسان .ورسول الله يحدثنا هنا عن بشريته صلى الله عليه وسلم .فقال تعالى : "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد"، الكهف 110، فلا يجوز أن يوضع رسول الله فى مقام فوق مقام البشرية ،فلا ينعت بأنه إله أو ابن إله ، بل إن كل الرسل بشر ،يقول تعالى : "قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده"، إبراهيم 11 والغريب أن مشركى قريش "قالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق" ،الفرقان 7 .




لذلك يعطيهم رب العزة سبحانه حكما عاما "وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق"، "الفرقان 20" فلماذا يرفضون هذا فى رسول الله ؟.


فى الحقيقة ،إنهم يحسدون رسول الله على ما آتاه الله من فضله ،ويتهربون من الإيمان به وبرسالته ،فالله عز وجل يقول فى آية أخرى : "وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم" ،الزخرف 13 .




وقد أكد رسول الله على بشريته هنا فى موقف يعلم أصحابه سجود السهو فى الصلاة ، فعن ابن مسعود قال :صلى بنا رسول الله صلاة ،زاد فيها أو نقص ،فلما قضى صلاته ،قلنا :زيد فى الصلاة شىء؟ قال :وما ذاك ؟ قلنا:صليت بنا كذا وكذا ،فأقبل فثنى رجليه فسجد سجدتين ،ثم أقبل علينا بوجهه ،فقال : "إنما أنا بشر مثلكم ،فإذا نسيت فذكرونى ،فإذا أحد منكم شك فى صلاته فليتحر الصواب فيتممه ،ثم يسجد سجدتين".ولست بصدد الحديث عن فقه الحديث ، ولكننا بصدد الحديث عن بشرية رسول الله ،فالنسيان هو لازم من لوازم البشرية ،حتى أن كلمة إنسان مأخوذة فى قول من الأقوال من النسيان ، وهو عدم التذكر الخارج عن الإرادة ،وهو أمر كتبه الله على بنى آدم .