الحبيب غريسي عضو مـلــكــي
الجنس : المساهمات : 10498 العمر : 42 العمل/الترفيه : معلم المزاج : كن جميلا ترى الوجود جميلا تاريخ التسجيل : 18/09/2009
| موضوع: فضل قيام الليل الثلاثاء يوليو 13 2010, 21:46 | |
| فضل قيام الليل و قد دل حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا على أنه أفضل الصلاة بعد المكتوبة . و قال ابن مسعود رضي الله عنه : فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية . و خرجه الطبراني عنه مرفوعاً ، و المحفوظ وقفه . و قال عمرو بن العاص : ركعة بالليل خير من عشر بالنهار ، خرجه ابن أبي الدنيا . و إنما فضلت صلاة الليل على صلاة النهار لأنها أبلغ في الإسرار ، و أقرب إلى الإخلاص . كان السلف يجتهدون على إخفاء تهجدهم . قال الحسن : كان الرجل يكون عنده زواره فيقوم من الليل يصلي لا يعلم به زواره . و كانوا يجتهدون في الدعاء و لا يسمع لهم صوت . و كان الرجل ينام مع امرأته على وسادة فيبكي طول ليلته و هي لا تشعر . و كان محمد بن واسع يصلي في طريق الحج طول ليله و يأمر حاديه أن يرفع صوته ليشغل الناس عنه . و كان بعضهم يقوم من وسط الليل و لا يدري به ، فإذا كان قرب طلوع الفجر رفع صوته بالقرآن يوهم أنه قام تلك الساعة . و لأن صلاة الليل أشق على النفوس فإن الليل محل النوم و الراحة من التعب بالنهار ، فترك النوم مع ميل النفس إليه مجاهدة عظيمة . قال بعضهم : أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس . و لأن القراءة في صلاة الليل أقرب إلى التدبر فإنه تنقطع الشواغل بالليل و يحضر القلب و يتواطأ هو و اللسان على الفهم كما قال تعالى : " إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً و أقوم قيلا " . و لهذا المعنى أمر بترتيل القرآن في قيام الليل ترتيلاً و لهذا كانت صلاة الليل تنهاه عن الإثم كما يأتي في حديث خرجه الترمذي . و في المسند " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قيل له : إن فلاناً يصلين الليل فإذا أصبح سرق ؟ فقال : سينهاه ما تقول " . و لأن وقت التهجد من الليل أفضل أوقات التطول بالصلاة و أقرب ما يكون العبد من ربه ، و هو وقت فتح أبواب السماء و استجابة الدعاء و استعراض حوائج السائلين . و قد مدح الله تعالى المستيقظين بالليل لذكره و دعائه و استغفاره و مناجاته ، فقال الله تعالى : " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً و طمعاً و مما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " ، و قال الله تعالى : " و المستغفرين بالأسحار " ، و قال الله تعالى : " كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * و بالأسحار هم يستغفرون " و قال الله تعالى : " و الذين يبيتون لربهم سجداً و قياماً " ، و قال الله تعالى : " أمن هو قانت آناء الليل ساجداً و قائماً يحذر الآخرة و يرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون " ، و قال تعالى : " من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل و هم يسجدون " ، و قال لنبيه صلى الله عليه و سلم : " و من الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا " ، و قال تعالى : " و من الليل فاسجد له و سبحه ليلاً طويلاً " ، و قال تعالى : " يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه " . قالت عائشة رضي الله عنها لرجل : " لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يدعه ، و كان إذا مرض أو قالت : كسل صلى قاعداً " . و في رواية أخرى عنها قالت : بلغني عن قوم يقولون : إن أدينا الفرائض لم نبال أن لا نزداد ، و لعمري لا يسألهم الله إلا عما افترض عليهم ، و لكنهم قوم يخطئون بالليل و النهار و ما أنتم إلا من نبيكم ، و ما نبيكم إلا منكم ، و الله ما ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم قيام الليل و نزعت كل آية فيها قيام الليل . فأشارت عائشة رضي الله عنها إلى قيام الليل فيه فائدتان عظيمتان : الإقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و التأسي به ، و قد قال الله عز و جل : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " . و تكفير الذنوب و الخطايا فإن بني آدم يخطئون بالليل و النهار فيحتاجون إلى الاستكثار من مكفرات الخطايا و قيام الليل من أعظم المكفرات ، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم لمعاذ بن جبل : " قيام العبد في جوف الليل يكفر الخطيئة ثم تلا :" تتجافى جنوبهم عن المضاجع " الآية " خرجه الإمام أحمد و غيره . و قد روي أن المتهجدين يدخلون الجنة بغير حساب . و روي " عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إذا جمع الله الأولين و الآخرين يوم القيامة جاء مناد ينادي بصوت يسمع الخلائق ، سيعلم الخلائق اليوم من أولى بالكرم ، ثم يرجع فينادي : أين الذين كانوا لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله فيقومون و هم قليل ، ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانوا يحمدون الله في السراء و الضراء فيقومون و هم قليل ، ثم يحاسب سائر الناس " ، خرجه ابن أبي الدنيا و غيره و يروى عن شهر بن حوشب عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله ، و يروى أيضاً من حديث أبي اسحاق عن عبد الله بن عطاء عن قبة بن عامر مرفوعاً و موقوفاً ، و يروى نحوه أيضاً عن عبادة بن الصامت و ربيعة الجرشي و الحسن و كعب من قولهم . قال بعض السلف : قيام الليل يهون طول القيام يوم القيامة ، و إذا كان أهله يسبقون إلى الجنة بغير حساب فقد استراح أهله من طول الموقف للحساب . و في حديث " أبي أمامة و بلال المرفوع : عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، و إن قيام الليل قربة إلى الله تعالى ، و تكفير للسيئات ، و منهاة عن الإثم و مطردة للداء عن الجسد " ، خرجه الترمذي . ففي هذا الحديث أن قيام الليل يوجب صحة الجسد و يطرد عنه الداء و كذلك صيام النهار ، ففي الطبراني " من حديث أبي هريرة مرفوعاً : صوموا تصحوا " ، و كما أن قيام الليل يكفر السيئات ، فهو يرفع الدرجات . و قد ذكرنا أن أهله من السابقين إلى الجنة بغير حساب ، و في حديث المنام المشهور الذي خرجه الإمام أحمد و الترمذي : " إن الملأ الأعلى يختصمون في الدرجات و الكفارات " ، و فيه " إن الدرجات إطعام الطعام ، و إفشاء السلام ، و الصلاة بالليل و الناس نيام " ، و في المسند و الترمذي و غيرهما عن النبي صلى الله عليه و سلم من وجوه : " إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها من ظاهرها ، و إنها لأهل هذه الخصال الثلاثة " . و في " حديث عبد الله بن سلام المشهور المخرج في السنن : أنه أول ما سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول عند قدومه المدينة : يا أيها الناس اطعموا الطعام ، و افشوا السلام ، و صلوا الأرحام ، و صلوا بالليل و الناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " . و من فضائل التهجد : أن الله تعالى يحب أهله و يباهي بهم الملائكة و يستجيب دعائهم . روى الطبراني و غيره " من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ثلاثة يحبهم الله ، و يضحك إليهم ، و يستبشر بهم ـ فذكر منهم ـالذي له له امرأة حسناء و فراش حسن فيقوم من الليل ، فيقول الله تعالى : يذر شهوته فيذكرني و لو شاء رقد ، و الذي إذا كان في سفر و كان معه ركب فسهروا ثم هجعوا قام من السحر في سراء و ضراء " . و خرج الإمام أحمد و الترمذي و النسائي " من حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ثلاثة يحبهم الله ـ فذكر منهم ـ و قوم ساروا ليلهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به فوضعوا رؤوسهم فقام يتملقني و يتلو آياتي " ، و صححه الترمذي . و في المسند " عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن وطائه و لحافه من بين أهله و حبه إلى صلاته ، فيقول ربنا تبارك و تعالى : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ثار من فراشه و وطائه من بين حبه و أهله إلى صلاته رغبة فيما عندي و شفقة مما عندي . و رجل غزا في سبيل الله عز و جل و انهزم أصحابه و علم ما عليه في الانهزام و ماله في الرجوع فرجع حتى إهريق دمه ، فيقول الله عز و جل لملائكته : انظروا إلى عبدي رجع رجاء فيما عندي و شفقة مما عندي حتى إهريق دمه " ، رواه أحمد ، و ذكر بقية الحديث ، و قوله ثار فيه إشارة إلى قيامه بنشاط و عزم و يروى من حديث عطية " عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الله يضحك إلى ثلاثة نفر ، رجل قام من جوف الليل فأحسن الطهور فصلى ، و رجل نام و هو ساجد ، و رجل في كتيبة منهزمة فهو على فرس جواد لو شاء أن يذهب لذهب " ، و خرجه ابن ماجة من رواية مجالد " عن أبي الوداك عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الله ليضحك إلى ثلاثة : الصف في الصلاة ، و الرجل يصلي في جوف الليل ، و الرجل يقاتل أراه قال : خلف الكتيبة " . و روينا من حديث أبان " عن أنس عن ربيعة بن وقاص عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ثلاث مواطن لا ترد فيها دعوة رجل يكون في برية حيث لا يراه أحد فيقوم فيصلي فيقول الله لملائكته : أرى عبدي هذا يعلم أن له رباً يغفر الذنب ، فانظروا ما يطلب ؟ فتقول الملائكة : إي رب رضاك و مغفرتك ، فيقول : اشهدوا أني قد غفرت له ، و رجل يقوم من الليل فيقول الله عز و جل : أليس قد جعلت الليل سكناً و النوم سباتاً فقام عبدي هذا يصلي و يعلم أن له رباً ، فيقول الله لملائكته : انظروا ما يطلب عبدي هذا ؟ فتقول الملائكة : يا رب رضاك و مغفرتك ، فيقول : اشهدوا أني قد غفرت له ، و ذكر الثالث : الذي يكون في فئة فيفر أصحابه و يثبت هو " ، و هو مذكور أيضاً في كل الأحاديث المتقدمة . و في المسند و صحيح ابن حبان " عن عقبة عن عامر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل يعالج نفسه إلى الطهور و عليه عقد فيتوضأ فإذا وضأ يديه انحلت عقدة و إذا وضأ وجهه انحلت عقدة و إذا مسح رأسه انحلت عقدة ، و إذا وضأ رجليه انحلت عقدة ، فيقول الرب عز و جل للذين وراء الحجاب : انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ما سألني عبدي هذا فهو له " . و في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " نعم الرجل عبد الله ـ يعني ابن عمر ـ لو كان يصلي من الليل " ، فكان عبد الله لا ينام بعد ذلك من الليل إلا قليلا . كان أبو ذر رضي الله عنه يقول للناس : أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفراً أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه و يبلغه ؟ قالوا : بلى ، قال : فسفر طريق القيامة أبعد فخذوا له ما يصلحكم ، حجوا حجة لعظائم الأمور ، صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور ، صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور ، تصدقوا بصدقة لشر يوم عسير أين رجال الليل أين الحسن و سفيان ، قال :
يترجل الليل جدوا رب داع لا يرد ما يقوم الليل إلا من له عزم و جد ليس شيء كصلاة الليل للقبر يعد صلى كثير من السلف صلاة الصبح بوضوء العشاء عشرين سنة ، و منهم من صلى كذلك أربعين سنة ، قال بعضهم : منذ أربعين سنة ، ما أحزنني إلا طلوع الفجر . قال ثابت : كابدت قيام الليل عشرين سنة و تنعمت به عشرين سنة أخرى . أفضل قيام الليل وسطه . قال النبي صلى الله عليه و سلم : " أفضل القيام قيام داود كان ينام نصف الليل و يقوم ثلثه ، و ينام سدسه " ، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا سمع الصارخ يقوم للصلاة " و الصارخ : الديك ، و هو يصيح وسط الليل . و خرج النسائي " عن أبي ذر قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم : أي الليل خير ؟ قال : جوفه . " و خرج الإمام أحمد " عن أبي ذر قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم : أي قيام الليل أفضل ؟ قال : جوف الليل الغابر أو نصف الليل و قليل فاعله " . و خرج ابن أبي الدنيا " من حديث أبي أمامة أن رجلاً قال : يا رسول الله أي الصلاة أفضل ؟ قال : جوف الليل الأوسط ، قال : أي الدعاء أسمع ؟ قال : دبر المكتوبات " ، و خرجه الترمذي و النسائي و لفظهما : " أنه سأله أي الدعاء أسمع ؟ قال : جوف الليل الأخير ، و دبر الصلوات المكتوبات " . و خرج الترمذي " من حديث عمرو بن عنبسة سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل ، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن " . و يروى أن داود عليه السلام قال : يا رب أي وقت أقوم لك ؟ قال : لا تقم أول الليل و لا آخره ، و لكن قم وسط الليل حتى تخلوا بي و أخلو بك ، و ارفع إلي حوائجك . و في الأثر المشهور : كذب من ادعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني ، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه فها أنا ذا مطلع على أحبابي إذا جنهم الليل ، جعلت أبصارهم في قلوبهم فخاطبوني على المشاهدة ، و كلموني على حضوري ، غداً أقر أعين أحبابي في جناني .
الليل لي ولأحبابي أحادثهم قد اصطفيتهم كي يسمعوا و يعوا لهم قلوب بأسراري بها ملئت على ودادي و إرشادي لهم طبعوا
سروا فما وهنوا عجزاً و لا ضعفوا و واصلوا حبل تقريبي فما انقطعوا ما عند المحبين ألذ من أوقات الخلوة بمناجاة محبوبهم هو شفاء قلوبهم و نهاية مطلوبهم .
كتمت اسم الحبيب من العباد و رددت الصبابة في فؤادي فيا شوقاً إلى بلد خلي لعلى اسم من أهوى أنادي كان داود الطائي يقول في الليل : همك عطل علي الهموم ، و حالف بيني و بين السهاد و شوقي إلى النظر إليك أوثق مني اللذات ، و حال بيني و بين الشهوات . و كان عتبة الغلام يقول في مناجاته بالليل : إن تعذبني فإني لك محب ، و إن ترحمني فإني لك محب. لو أنك أبصرت أهل الهوى إذا غارت الأنجم الطلع
فهذا ينوح على ذنبه و هذا يصلي و ذا يركع من لم يشاركهم في هواهم و يذوق حلاوة نجواهم ، لم يدر ما الذي أبكاهم ، من لم يشاهد جمال يوسف لم يدر ما الذي آلم قلب يعقوب . من لم يبت و الحب حشو فؤاده لم يدر كيف تفتت الأكباد كان أبو سليمان يقول : أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ، و لولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا ، وسط الليل للمحبين للخلوة بمناجاة حبيبهم ، و السحر للمذنبين للإستغفار من ذنوبهم ، فوسط الليل خاص لخلوة الخواص ، و السحر عام لرفع قصص الجميع و بروز التواقيع لأهلها بقضاء الحوائج ، فمن عجز عن مسابقة المحبين في ميدان مضمارهم ، فلا يعجز عن مشاركة المذنبين في استغفارهم و اعتذارهم ، صحائف التائبين خدودهم ، و مدادهم دموعهم . قال بعضهم : إذا بكى الخائفون فقد كاتبوا الله بدموعهم ، رسائل الأسحار تحمل و لا يدري بها الفلك ، و أجوبتها ترد إلى الأسرار و لا يعلم بها الملك .
صحائفنا إشارتنا و أكثر رسلنا الحرق لأن الكتب قد تقرأ بغير الدمع لا تثق لا تزال القصص تستعرض و يوقع بقضاء حوائج أهلها إلى أن يطلع الفجر ، ينزل الله كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول : هل من تائب فأتوب عليه ، هل من مستغفر فأغفر له هل من داع فأجيب دعوته إلى أن ينفجر الفجر ، فلذلك كانوا يفضلون صلاة آخر الليل على أوله . نحن الذين إذا أتانا سائل نوليه إحساناً و حسن تكرم و نقول في الأسحار هل من تائب مستغفر لينال خير المغنم
الغنيمة تقسم على كل من حضر الوقعة فيعطي منها الرجالة و الأجراء و الغلمان مع الأمراء و الأبطال و الشجعان و الفرسان فما يطلع فجر الأجر إلا و قد حاز القوم الغنيمة و فازوا بالفخر و حمدوا عند الصباح السرى ، و ما عند أهل الغفلة و النوم خبر مما جرى . كان بعض الصالحين يقوم الليل فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته يا أيها الركب المعرسون أكل هذا الليل ترقدون ، ألا تقومون فترحلون ، فإذا سمع الناس صوته و ثبوا من فرشهم فيسمع من هنا باك ، و من هنا داع ، و من هنا نال ، و من هنا متوضىء فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته عند الصباح يحمد القوم السرى يا نفس قومي فقد نام الورى إن تصنعي الخير فذو العرش يرى و أنت يا عين دعي عنك الكرى عند الصباح يحمد القوم السرى يا قوام الليل اشفعوا في النوام ، يا أحياء القلوب ترحموا على الأموات . قيل لابن مسعود رضي الله عنه : ما نستطيع قيام الليل ؟ قال : أقعدتكم ذنوبكم . و قيل للحسن : قد أعجزنا قيام الليل ؟ قال : قيدتكم خطاياكم . و قال الفضيل بن عياض : إذا لم تقدر على قيام الليل و صيام النهار فاعلم أنك محروم كبلتك خطيئتك . قال الحسن : إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل . قال بعض السلف : أذنبت ذنباً فحرمت به قيام الليل ستة أشهر . ما يؤهل الملوك للخلوة بهم إلا من أخلص في ودهم و معاملتهم ، فأما من كان من أهل المخالفة فلا يؤهلونه . في بعض الآثار : إن جبريل عليه السلام ينادي كل ليلة أقم فلاناً و أنم فلاناً . قام بعض الصالحين في ليلة باردة و عليه ثياب رثة فضربه البرد فبكى فهتف به هاتف أقمناك و أنمناهم ثم تبكي علينا . يا حسنهم و الليل قد جنهم و نورهم يفوق نور الأنجم
ترنموا بالذكر في ليلهم فعيشهم قد طاب في الترنم
قلوبهم للذكر قد تفرغت دموعهم كلؤلؤ منظم
أسحارهم بهم لهم قد أشرقت و خلع الغفران خير القسم
الليل منهل يرده أهل الإرادة كلهم ، و يختلفون فيما يردون و يريدون قد علم كل أناس مشربهم ، فالمحب يتنعم بمناجاة محبوبه ، و الخائف يتضرع لطلب العفو و يبكي على ذنوبه ، و الراجي يلح في سؤال مطلوبه ، و الغافل المسكين أحسن الله عزاءه في حرمانه ، و فوات نصيبه . قال النبي صلى الله عليه و سلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : " لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل " . مرضت رابعة مرة فصارت تصلي وردها بالنهار فعوفيت ، و قد ألفت ذلك و انقطع عنها قيام الليل فرأت ذات ليلة في نومها كأنها أدخلت إلى روضة خضراء عظيمة ، و فتح لها فيها باب دار فسطع منها نور حتى كاد يخطف بصرها فخرج منها وصفاء كأن وجوههم اللؤلؤ بأيديهم مجامر فقالت لهم امرأة كانت مع رابعة : أين تريدون ؟ قالوا : نريد فلاناً قتل شهيداً في البحر فنجمره ، فقالت لهم : أفلا تجمرون هذه المرأة ـ تعني رابعة ـ فنظروا إليها و قالوا : قد كان لها حظ في ذلك فتركته ، فالتفتت تلك المرأة إلى رابعة و أنشدت :
صلاتك نور و العباد رقود و نومك ضد للصلاة عنيد كان بعض العلماء يقوم السحر فنام عن ذلك ليالي ، فرأى في منامه رجلين وقفا عليه ، و قال أحدهما للآخر : هذا كان من المستغفرين بالأسحار فترك ذلك ، يا من كان له قلب فانقلب ، يا من كان له وقت مع الله فذهب ، قيام السحر يستوجبن لك صيام النهار ، يسائل عنك الوصال تعاتبك على الجهر . تغيرتمو عنا بصحبة غيرنا و أظهرتم الهجران ما هكذا كنا و أقسمتمو أن لا تحولوا عن الهوى فحلتم عن العهد القديم و ما حلنا
ليالي كنا نستقي من وصالكم و قلبي إلى تلك الليالي قد حنا قيل للنبي صلى الله عليه و سلم : إن فلاناً نام حتى أصبح ؟ فقال : " بال الشيطان في أذنه " . كان سري يقول : رأيت الفوائد ترد في ظلمة الليل ، ماذا فات من فاته خير الليل لقد حصل أهل الغفلة و النوم على الحرمان و الويل . كان بعض السلف يقوم الليل فنام ليلة فأتاه آت في منامه فقال له : قم فصل ، ثم قال له : أما علمت أن مفاتح الجنة مع أصحاب الليل هم خزانها هم خزانها . و كان آخر يقوم الليل فنام ليلة فأتاه آت في منامه فقال : ما لك قصرت في الخطبة ، أما علمت أن المتهجد إذا قام إلى تهجده قالت الملائكة : قام الخاطب إلى خطبته . و رأى بعضهم حوراء في نومه فقال لها : زوجيني نفسك قالت : اخطبني إلى ربي و أمهرني ، قال : ما مهرك ؟ قالت : طول التهجد . نام ليلة أبو سليمان فأيقظته حوراء و قالت : يا أبا سليمان تنام و أنا أربي لك في الخدور من خمسمائة عام . و اشترى بعضهم من الله تعالى حوراء بصداق ثلاثين ختمة فنام ليلة قبل أن يكمل الثلاثين فرآها في منامه تقول له :
أتخطب مثلي و عني تنام و نوم المحبين عني حرام
لأنا خلقنا لكل امرىء كثير الصلاة براه الصيام كان النبي صلى الله عليه و سلم يطرق باب فاطمة و علي و يقول : " ألا تصليان " ، و في الحديث : " إذا استيقظ الرجل و أيقظ أهله فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات " . كانت امرأة حبيب توقظه بالليل و تقول ذهب الليل و بين أيدينا طريق بعيد و زادنا قليل و قوافل الصالحين قد سارت قدامنا و نحن قد بقينا . يا راقد الليل كم ترقد قم يا حبيبي قد دنا الموعد و خذ من الليل و أوقاته ورداً إذا ما هجع الرقد من نام حتى ينقضي ليله لم يبلغ المنزل أو يجهد قل لأولي الألباب أهل التقى قنطرة العرض لكم موعد |
|
اماني عضو مـلــكــي
الجنس : المساهمات : 1653 العمر : 36 العمل/الترفيه : طالبة المزاج : مرتاحة دوما تاريخ التسجيل : 06/05/2010
| موضوع: رد: فضل قيام الليل الأربعاء يوليو 14 2010, 17:03 | |
| بارك الله فيك وجزاك خيرا اْستاذي الحبيب موضوع رائع وفي غاية الاْهمية الله لا يحرمنا من جديدك المميز |
|
الحبيب غريسي عضو مـلــكــي
الجنس : المساهمات : 10498 العمر : 42 العمل/الترفيه : معلم المزاج : كن جميلا ترى الوجود جميلا تاريخ التسجيل : 18/09/2009
| موضوع: رد: فضل قيام الليل الأربعاء يوليو 14 2010, 17:47 | |
| ألف الف الف شكر للمرور الرائع و المميز أختي أماني |
|
ام عبد المجيد عضو جديد
الجنس : المساهمات : 44 العمر : 43 العمل/الترفيه : ربة منزل المزاج : الحمد لله تاريخ التسجيل : 09/07/2010
| موضوع: رد: فضل قيام الليل الأربعاء يوليو 14 2010, 19:27 | |
| موضوعك في غايتى الاهمية جزاك الله خيرا" يجعلها في ميزان حسناتك |
|
الحبيب غريسي عضو مـلــكــي
الجنس : المساهمات : 10498 العمر : 42 العمل/الترفيه : معلم المزاج : كن جميلا ترى الوجود جميلا تاريخ التسجيل : 18/09/2009
| موضوع: رد: فضل قيام الليل الأربعاء يوليو 14 2010, 19:36 | |
| الف شكر لمرورك الطيب اختاه
بارك الله فيك
|
|