1 -المعجم المفهوم والمصطلح:

ظهر مصطلح المعجم متأخرا وكان علماء الحديث هم السباقين إلى هذه التسمية ، ويقال إن الإمام البخاري ( 194 - 256 هجري ) أول من أطلق لفظ المعجم وصفا لاحد كتبه .
وقد استعمل فيما بعد القاموس ومعناه قص البحر أو وسطه أو معظمه ، والقاموس
في اللغة البحر العظيم أو البحر المحيط الشامل وقد شاع في العصر الحديث
استخدام كلمة القاموس وإطلاقا على أي معجم . وأول من استخدم لفظ القاموس
من اللغويين وسمى بها معجمه ، الإمام نجم الدين الفيروز أبادي وقد شاع أن سمى معظم علماء اللغة مؤلفاتهم المعجمية البحر أو إحدى مرادفاته كالصاحب بن عباد ( ت 385 هجري ) كتابه المحيط وابن سيده ( ت 458 هجري ) المحكم والمحيط الأعظم .. وأصبحت لفظة القاموس مرادفة لكلمة المعجم .

2 - التأليف المعجمي العربي ، النشأة والتطور :

قامت الدراسات اللغوية العربية بعد تفشي اللحن بدءا
بجمع المعطيات اللغوية من البيئات التي يعتقد بصحة لغتها وعدم فسادها وقد
أخذت عملية الجمع والتصنيف طرقا مختلفة كان منها قيام اللغويين بجمع اللغة
وتصنيفها في قوائم حسب الموضوعات ( الرسائل الخاصة ) ، حول الإنسان والنباتات والحيوان ... وغير ذلك .
ثم تطورت هذه الرسائل بزيادة الشروح والتفاصيل ن والتمييز بين المعنى الاصلي والمعنى الإضافي حيث أطلق فيما بعد على هذه الرسائل ( المعاجم المعنوية ) وكانت أولها في الموضوعات الدينية مثل : غريب القرآن ( لابن عباس - ت 68 هجري -) ، غريب الحديث ( لابن عبيدة معمر بن مثنى - ت 210 هجري -) ثم كان هناك من جمع بين غريب القرآن وغريب الحديث مثل : ( احمد بن محمد العربي) - ت 401 هجري - كانت تلك الرسائل النواة الأولى للتأليف المعجمي العربي .

3 - المدارس المعجمية وأنواع المعاجم :

أولا : مدرسة التقليبات :

رائدها الخليل بن أحمد الفراهيدي اللغوي العماني ( 100- 170 هجري )
جمع في معجمه الكلمات المكونة من أصل لغوي واحد في موضع واحد مراعيا
الجانب الصوتي في الحروف وهو بدأ بتقليب الأصل بأبعد الحروف مخرجا ثم
يتبعه بما يليه من المخرج إلى أن ينتهي بما مخرجه من الشفتين فالحروف
الحلقية ثم اللسانية ثم الشفوية .
وممن سار على نهج الخليل في التقليبات الصوتية القالي في معجم البارع ، والأزهري في تهذيب اللغة والصاحب بن عباد في المحيط وابن سيده في معجم المحكم والمحيك الأعظم .
وهناك نوع آخر من نظام التقليبات يعتمد تقليب الحروف حسب الترتيب الأبجدي ، مثل : معجم الجمهرة لابن دريد .

ومن عيوب هذه المدرسة :

1- صعوبة العثور على الألفاظ ، فالدارس يحتاج إلى علم مخارج الحروف وصفات الأصوات .
2- ترتيب المواد اللغوية ترتيبا كما وقد أوقع هذا الترتيب بعض مؤلفي المعاجم فيي الخظأ .
3 - الخلط والاضطراب ، كالخلط في تحديد مخارج حروف العلة والهمزة ومثل ذلك الخلط بين اللفيف والثنائي المضعف .

ثانيا : مدرسة القافية :

رائدها ومبتكرها أبو بشر اليمان ( ت 284 هجرية ) وتعتمد على الحرف الأخير من الاصل اللغوي فيكون بابا ، والحرف الأول يكون فصلا، ( برع ) مثلا ، تكون في باب العين فصل الباء .
وقد اتبعه عدد من اللغويين مثل : الجوهري ( تاج اللغة وصحاح العربية ) ، ابن منظور ( لسان العرب )، الفيروز أبادي ( القاموس المحيط ) ، الزبيدي ( تاج العروس ) ، الرازي ( مختار الصحاح ) .
وقد أخذت هذه المدرسة تسميتها نظرا لإعتمادها على الحرف الاخير في الترتيب
مما يشبه القافية عند العروضيين ن وقد سماها بعض المحدثين مدرسة الباب
والفصل ، وربما كان اعتمادهم على الحرف الأخير لأنه أثبت الحروف في المادة
، أو أن ذلك لتسهيل مهمة الشاعر في نظم الشعر ، والساجع لتاليف النثر .

ثالثا : مدرسة الأبجدي العربي :

رائدها ومبتكرها أبو بكر الشيباني [ 94 - 206 هـ ] في معجم الجيم .
وكان ترتيبه بالنظر إلى الحرف الأول ثم الثاني والثالث دون تقليب وتبعه في ذلك عدد من اللغويين منهم : ابن فارس القزويني [ الجمل ، مقاييس اللغة ] الزمخشري [ أساس البلاغة ] ، الرازي [ مختار الصحاح ] ، بطرس البستاني [ البستان ] ، إلياس معلوف [ المنجد ] والمعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة .
وتعد هذه المدرسة من أهم المدارس ونظامها في ترتيب مواد اللغة من أفضل الأنظمة وأسهلها .

ويمكن تصنيف هذه المعاجم باعتبارات عدة ، فهناك :

- معاجم الموضوعات : وهي التي تدور مادتها حول موضوع واحد مثل : كتاب الإبل ، الخيل ، المطر ، الشجر ، خلق الإنسان ...
- معاجم الألفاظ وترتيب موادها حسب المخارج ، أو حسب الهجاء ، مثل معجم العين ، الجمهرة ، الصحاح لسان العرب .
- معاجم المعاني : وتجمع فيها الألفاظ الواردة في كل معنى من المعاني مثل : الألفاظ لابن السكيت، المخصص لابن سيده .
ومن جهة أخرى هناك المعاجم اللغوية الأخرى ، والمعاجم المختصة ، كالمعجم الفلسفي ، المعجم الجيولوجي ، معجم النبات