قصيدة بشر بن عوانة قصيدة ممتعة على شكل قصة
في القصيدة التي بين أيدينا تأثر الشاعر الياس أبو شبكة بقصيدة أبي الفضل بديع الزمان الهمذاني فعارضها . وتتحدث القصيدة عن شخصية خيالية هي شخصية بشر بن عوانه الذي نشا فقيرا وصعلوكا في قومه , ولكنه كان فارسا شجاعا مقداما , خطب ابنة عمه فاطمة التي كانت ذات حسن وجمال , ولكن عمه رفض , ثم طلب مهرا غاليا , ألف ناقة من نياق خزاعة, لكي يتخلص منه, لأنه كان يعلم بان الطريق إلى خزاعة مليئة بالمخاطر , ففيها اصد يخشى الناس فتكه, وفيها حية عظيمة يهابها الشجعان , فامتطى بشر جواده , وصحب سيفه ليذهب لجلب المهر لابنة عمه , فلقي الأسد وبارزه وتمكن بشر من قتله , وكتب على قميصه بدم الأسد رسالة إلى ابنة عمه يقول فيها :
افاطم لو شهدت ببطن خبت وقد لاقى الهزبر(من أسماء الأسد) أخاك بشرا
ويلقى الأفعى ويقتلها , ويظهر له بعد ذلك بطل ملثم شديد البأس , ويبارزه, وتلوح له فرصة قتل بشر عدة مرات, ولكنه لم يفعل, ليظهر ان هذا البطل الملثم هو ابن بشر بن عوانة , وتنتهي القصة الشعرية بان يزوج بشر بن عوانة ابنه من فاطمة التي خاطر من اجل مهرها , و الآن نبدأ بالقصيدة الشعرية :
أتجهل قدر بشر ؟ ان بشـرا****** لأرفع منك في الناسوت قدرا
نما بـين الاباعر في البراري****** وغير الكهف لم يعرف مقرا
رأت بشـرا عجوزا ذات يوم****** وقد حزرت به وطرا و أمرا
فقالـت:أنت تبحث عن عروس****** وبابنة عمك المضياف أحرى
فقل لها:هل هي ذات حـسن؟****** فقالت: إنها في الحسن بشرى
لها شـعر كان الليل مـنه****** تمنى البدر فيه ان يمرا
فخـف لعمه نشـوان جـذلا****** فكاشفه , فلاقى من زجرا
وقال له: إذا ما كـنت شهما****** أنلني من خزاعة منك مهرا
فدبـت سـورة العـربي فيه******* وأسرج مهره حتى يكرا
وجنب في حـمالته جـرازا****** لهيب الموت ينفث من جمرا
وكان الجو مربدا رهـيبا****** كأن من الجحيم عليه سترا
فسامره حفيف الغاب حينا******* وحينا سامرته طيوف ذكرى
وفيما بشر يطوي البيد طيا****** وينشرها على الآمال نشرا
إذا بالمهر أجفل واعـتراه******* جمود دمى وأحجم واقشعرا
فاغمد في الدياجي ناظريه******* فأبصر في ثناياها هزبرا
وفاضت نـشوة من مقلـتيه******* مشعشعة فقال : عقرت مهرا
وحين جذا انتضى السـيف المروى****** وقال :اثبت فانك لن تفرا
فلسـت براجع يا ليـث حتى****** يصر بك الذباب الغث صرا
وأقدم مثـبت الأبـصار فيه***** *فكان كلاهما أسدا تسرى
وكان الليث يفرق منه طورا******* ويبسط تارة للوثب ظفرا
وفي ألـحاظه لهب غضـوب****** يراشفه به شفعا و وترا
ينـش بشـدقه زبد حـرور******* وينفث صدره حمما أحرا
وضج الـغاب فالـدنيا صراع******* تفجر في رواق الليل شرا
وحيـن رآه ارسـخ منه باسا****** تذاب والغضنفر كان حرا
وأطـلق بشـر منصـله عليه******** فقد له من الأضلاع عشرا
وثار الكون ثـورته فألـقى****** على الليل الحسام فدار فجرا
واسكر مشهد الضرغام بشرا******* وكم شرب الدم المهراق خمرا
فقـد قمـيصه عنـه وأمـلى******** عليه بالدم المطلول شعرا:
افاطم لو شهدت ببطن خبـت******* وقد لاقي الهزبر أخاك بشرا