أعادتْ لمس جسم جسدها من تحت الغطاء البنفسجي . . . ، توقفت أناملها عند
شيء لم تألفه من قبل . . . ، كررتْ تحسس الموضع ، حاولت أن تتفحصه
بأناة ورفق ، انتفضت أشد من انتفاضتها تلك . . . ، هرعتْ إلى قرينتها ،
تشوفت في توجس ورهبة . . . ، الوجه هو محياها وقسماته هي إلا من تبدل
طفيف عراه من نضارة الصبا ، و ورسا طفا على حمرة الوردة كانت مفتحة على
الوجنتين .
أرجعتْ البصر مرة ثم أرجعتها ثانية ، حتى قرَّ لديها أن قرينتها لا تكذبها
الوصف ولا الحديث . . . أحستْ بشِراك الحزن يطبق عليها . . .
شيئاً ، فشيئا ، غير أنها حثت الخطو لتفلتَ روحها المرحة من شرك الشباك ،
انتظمت كعادتها منذ سنوات تغازل قرينتها ، وتبزها ، كما ألفتْ .
حينها أزهرتْ بسمةً طيفا في حقل هذا السراب الممتد أماما فوق بيداء القرينة
؛ أصرت لن تكون كما كانت قبلا ، الزهرة التي لن تذبل أبدا . . . ،
وحلما لن يخون موعده . . . ؛ ثم غادرت السرير والدار وودعت القرينة إلى
حيت اعتادت أن تكون في الموعد الأليف . . . .
شافت أشجار التفاح بثمارها ، تتعرى من أوراقها مثلها ، والزمن لم يعد بعيد
الضحى ، فاطمأنت أن لابد أن تأتي نسمة الظهيرة قبل العشي ، وقبل أن تغيم
عتمة اللخبيطة على ركح هذا الفصل الذي يستحق أن تحياه كل أشجار التفاح ،
وليتساقط التفاح رطبا جنيا قبل أن تتعرى الأشجار من سربال اللحاء الذي جمل
قوام الأشجار طيلة زهرة النهار ، وانتظمت بين الحشد تنتظر الحافلة .
انتفضت في رعشة ، لكنها لم تحدث دويا يوقظ من في الدار . . . ، نزلت من
على السرير الذهبي الذي حلمت أن يكون يوما فردوس أنوثتها . . . حتى
تستمتع برطب الجني بعدما تكون قد هزت من جدع النخلة التي ظنت أنها ستظللها
من قيظ الصيف ، وقر الشتاء . . . ، أو من سفور النهار وعيون الليل
البهيم التي تجد استلذاذا ومذاقا في البصبصة على القدود المتمايسة
كالخيزران ذهابا وجيئة في تمايل قُُطِفَ من أشعة الشمس . . . ، وضياء
البدر حين اكتماله ؛ تلمستْ من تحت دثارها جسم جسدها ، مررتْ أناملها
بلطف فيه ريبة وخوفا من أن تؤذي هذا القش كالحرير الذي يسربل الجسم المكور
على السرير الذهبي ، لم تجد منه غير بقايا ، أو ربما بعض من بقايا ضاوية
، عشعش عليها الهزل . . . ؛ وتضمخت بصفرة الزعفران ، وقد كانت من قبل
لا يعوزها من خضاب الشفق ولا الحناء ما تدرأ به غلواء العود . . . ، ولا
سمرته الفاتنة .