مجموعة من الطرائف ...أرجو أن تستمتعوا
بها
عن
ابن إدريس ، قال لي الأعمش : أما تعجب من عبد الملك بن أبجر قال : جاءني
رجل فقال : إني لم أمرض وأنا أشتهي أن أمرض ، قال : فقلت : احمد الله على
العافية ، قال : أنا أشتهي أن أمرض . قال : كل سمكاً مالحاً ، واشرب نبيذاً
مريساً ، واقعد في الشمس ، واستمرض الله . فجعل الأعمش يضحك ويقول : كأنما
قال له : واستشف الله عز وجل .
- قال عيسى بن يونس : أتى الأعمش أضياف ، فأخرج إليهم رغيفين فأكلوهما .
فدخل فأخرج لهم نصف حبل قتّ [ القتّ : علف البهائم ] ، فوضعه على الخوان ،
وقال : أكلتم قوت عيالي فهذا قوت شاتي فكلوه.
- قال عبد الله بن إدريس ، قلت للأعمش : يا أبا محمد ، ما يمنعك من أخذ
شعرك ؟ قال : كثرة فضول الحجّامين [ أي : الحلاقين] . قلت : فأنا أجيئك
بحجام لا يكلمك حتى تفرغ . فأتيت جنيداً الحجّام ، وكان محدثاً ، فأوصيته ،
فقال : نعم . فلما أخذ نصف شعره قال : يا أبا محمد ، كيف حديث حبيب بن أبي
ثابت في المستحاضة ؟ فصاح صيحة ، وقام يعدو . وبقي نصف شعره بعد شهر غير
مجزوز .
- عن حسين بن واقد قال : قرأت على الأعمش ، فقلت له : كيف رأيت قراءتي ؟
قال : ما قرأ عليّ علجٌ أقرأ منك .
جاء رجل نبيل كبير اللحية إلى الأعمش ، فسأله عن مسألة خفيفة في الصلاة ،
فالتفت الأعمش إلى أصحابه وقال : انظروا إليه ! لحيته تحتمل حفظ أربعة آلاف
حديث ، ومسألته مسألة صبيان الكُتاب .
- عن أبي بكر بن عياش قال : رأيت الأعمش يلبس قميصاً مقلوباً ويقول :الناس
مجانين يجعلون الخشن مقابل جلودهم .
- وقيل : إن الأعمش كان له ولد مغفل فقال له : اذهب فاشتر لنا حبلاً للغسيل
. فقال : يا أبة طول كم ؟ قال : عشرة أذرع . قال : في عرض كم ؟ قال : في
عرض مصيبتي فيك .
- ويقال : إنه لبس مرة فرواً مقلوباً ، فقال له قائل : يا أبا محمد لو
لبستها وصوفها إلى داخل كان أدفأ لك . قال :لو كنت أشرت على الكبش بهذه
المشورة .
لص فقيه
عن أحمد بن المعدل قال :
كنت عند ابن الماجشون ، فجاءه بعض جلسائه ،
فقال : يا أبا مروان أعجوبة ، خرجت إلى حائطي بالغابة ، فعرض لي رجل ،
فقال : اخلع ثيابك .
قلت : لم ؟
قال : لأني أخوك ، وأنا عريان .
قلت : فالمواساة .
قال : قد لبستها برهة .
قلت : فتعريني .
قال : قد روينا عن مالك أنه قال : لابأس للرجل أن يغتسل عرياناً .
قلت : تُرى عورتي .
قال : لو كان أحد يلقاك هنا ما تعرضت لك .
قلت : دعني أدخل حائطي ، وأبعث بها إليك .
قا ل : كلا ، أردت أن توجه عبيدك فأُمسك .
قلت : أحلف لك .
قال : لاتلزم يمينك للص .
فحلفت له لأبعثن بها طيبة بها نفسي .
فأطرق ثم قال : تصفحت أمر اللصوص من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى
وقتنا فلم أجد لصاً أخد بنسيئة [ أي : مؤجلاً ] فأكره أن أبتدع . فخلعت
ثيابي له .
وروى علي بن العباس قال : سمعت الحسيني بن عمرو العنقري يقول :
دق رجل على أبي نعيم الفضل بن دكين الباب ، فقال : من ذا ؟
قال : أنا .
قال : من أنا ؟
قال : رجل من ولد آدم .
فخرج إليه أبو نعيم ، وقبّله ، وقال : مرحباً وأهلاً ، ماظننت أنه بقي من
هذا النسل أحد.
وجاء رجل إلى سأل رجل الشعبي عن المسح على اللحية فقال : خللها ، قال الرجل
: أخاف أن لا تبتل ، فقال الشعبي : إن تخوفت فانقعها من أول الليل !!
الشعبي وقال : إني تزوجت امرأة وجدتها عرجاء ، فهل لي أن أردها ؟ ، فقال له
:إن كنت تريد أن تسابق بها فافعل
وسأل رجل الشعبي قال : هل يجوز للمحرم أن يحك جلده ؟ قال : نعم ، فقال
الرجل : مقدار كم ؟ حتى يبدو العظم
قال رجل لإياس بن معاوية : لو أكلت التمر تضربني ؟ قال : لا ، قال لو شربت
قدرا من الماء تضربني ؟ قال : لا ، قال : شراب النبيذ أخلاط منها فكيف يكون
حراما ؟ قال إياس : لو رميتك بالتراب أيوجع ؟ قال : لا ، قال لو صببت عليك
قدرا من الماء ؛ أينكسر منك عضو ؟ قال : لا ، قال : لو صنعت من الماء
والتراب طوبا فجف في الشمس فضربت به رأسك ، كيف يكون ؟ قال : ينكسر الرأس ،
قال : ذاك مثل هذا !
*************************************
مرّت امرأة بقوم من بني نُمير جلوساً على قارعة الطريق، فأداموا النّظر
إليها وهي تمشي، ولم يعطوا الطريق حقّها من وجوب غضِّ البصر، فتعثّرتْ في
ثيابها خجلاً، فغضبت، وقالت لهم:
والله يا بني نُمير ما أطعتم أمر الله بوجوب غضّ البصر ولا أطعتم قول
الشاعر جرير:
فغُضّ الطّرْفَ، إنك من نُميرٍ **** فلا كعباً بلَغْتَ ولا كِلابا
فخجل القوم وطأطأوا برؤوسهم.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجلٍ كان بينه وبينه شيء:
والله لا أُحبُّك حتى تُحبّ الأرضُ الدّمَ المُهْرَاق.
فقال الرجل: هل يمنعني ذلك حقاً لي عندك يا أمير المؤمنين؟
قال عمر: لا والله لا يمنعُك بُغضي لك حقّك.
قال الرجل: إذنْ لا أبالي فإنما تبكي على فَقْد الحبِّ النِّساء.
قال رجلٌ للشاعر أبي تمام: أرني ماءَ المَلام في قولك:
لا تسقني ماء الملامِ فإنني **** صَبّ قد استعذْبتُ ماءَ بكائي
فقال أبو تمام ـ وقد علم أنّ الرجل ينتقده:
لا أُريك ماءَ الملام حتى تريني جناح الذّل في قوله تعالى:
" واخفض لهما جناح الذّل من الرحمة"
فسكت الرجل
***************************************
ويقول أبو الفرج ابن الجوزي : ما زال العلماء الأفاضل يعجبهم الملح ،
ويهشون لها ؛ تجم النفس ، وتريح القلب من كد الفكر.
فقد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم مازح بعض أصحابه فقال له أحدهم :
أريد أن تحملني يا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على جمل ، قال : " لا
أجد لك إلا ولد الناقة " . فولى الرجل فدعاه وقال : " وهل تلد الإبل إلا
النوق ؟!" أي أن الجمل أصلاً ولد ناقة. وهذا الحديث أخرجه أحمد ( 13405 )
وأبو داود ( 4998 ) والترمذي ( 1991 ) عن أنس بن مالك رضي الله عنه
ويروى أن عجوزاً أتته صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يدعو لها بدخول الجنة
، فقال : " لا يدخل الجنة عجوز ) فولت تبكي ، فدعاها وقال : " أما سمعت
قول الله سبحانه : ( إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكاراً عرباً أترابا
). أخرجه الطبراني ، انظر : مجمع الزائد ( 41910 )
وهذه بعض الطرائف الأدبية :
قال الأصمعي : رأيت رجلاً من الأعراب ، وقد تعلق بأستار الكعبة وهو يقول :
يارب إني ســــائل كما ترى ___ مشتمل شميلتي كما ترى
وشــيختي جالـسة فيما ترى ___ والبطن مني جائع كما ترى
فما ترى يا ربنا فيما ترى
ولنقرأ هذه المبالغة الضاحكة ، يرسلها ابن الرومي في بخل عيسى بن منصور :
يقتِّر عيسى على نفسه ___ وليس بـباقٍ ولا خالدِ
فلـو يـستطيع لتقتيره ___ تنفس من منخر واحدِ
داعب محمود غنيم صديقاً له شاعراً ، سرقت محفظته ، بقوله :
هـون علـيك وجفف الغـالي ****** لا يجمع الله بين الشعر والمال
من أين أصبحت ذا مال فتسلبه ****** يا أشبه الناس بي في رقة الحال
فيالها صُرة من جيبك انطلقت ****** وأنت أحوج مخلوق لمثـقــال
عوذ نقودك واعقد حولها عُقَداً ****** وثيقة تتحدى كل حـــلال
قالوا خَلَت يده من كل ما ملكت ****** فقلت بل رأسه من عقله خالي
يا ليت شعري ماذا أنت صانعه ****** أتزمع الصوم حتى شهرك التالي
هذه القصيدة للشاعر مصطفى حمام يعارض بها قصيدة شوقي التي مطلعها :
أما العتاب فبالأحبة أخلق ****** والحب يصلح بالعتاب ويصدق
أما مصطفى حمام يقول :
أما الفلوس فبالأحبة أخلق ****** والقرش أقرب للفؤاد وألصق
لم يبق في جيبي سوى تعريفة ****** والله يمنح من يشاء ويرزق
لما قصدت البنك أطلب سلفة ****** قالوا : ابتعد فالبنك لا يتصدق
هل من كريم أرتجيه لورطتي ****** سمح اليدين إلى المكارم يسبق
شاروت للتكسي أريد ركوبه ****** فمضى يبرطع كالحمار وينهق
السائقون دروا بإفلاسي فما ****** يقفون لي وأنا اشير وأزعق
قال إبراهيم طوقان:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي...............قم للمعلم وفّه التبجيلا
اقعدْ فديتُك هل يكون مبجلاً...............من كان للنشء الصغار خليلا
ويكاد يفلقني الأّمير بقوله...............كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرّب التعليم شوقي ساعة...............لقضى الحياة شقاوة وخمولا
حَسْبُ المعلم غُمَّةً وكآبةً...............مرآى الدفاتر بكرة وأصيلا
مائة على مائة إذا هي صلِّحت...............وجد العمى نحو العيون سبيلا
ولو انّ في التصليح نفعاً يرتجى...............وأبيك لم أكُ بالعيون بخيلا
لكنْ أصلّح غلطةً نحويةً...............مثلاً واتخذ الكتاب دليلا
مستشهدًا بالغرّ من آياته...............أو بالحديث مفصلاً تفصيلا
وأغوص في الشعر القديم فأنتقي...............ما ليس ملتبساً ولا مبذولا
وأكاد أبعث سيبويه من البلى...............وذويه من أهل القرون الأُولى
فأرى حمارًا بعد ذلك كلّه...............رفَعَ المضاف إليه والمفعولا
لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة...............ووقعت ما بين البنوك قتيلا
يا من يريدُ الانتحارَ وجدتَه...............إنَّ المعلم لا يعيش طويلا
أهدى الشاعر المهجري نعمة فزان إلى صديقه الشاعر المهجري توفيق صفوان حذاء ؛
في علبة أنيقة ، وكتب عليها هذين البيتين :
لقد أهديت توفيقا حذاء .. فقال الحاسدون وما عليه
أما قال الفتى العربي يوما .. شبيه الشيء منجذب إليه
فرد توفيق عليه بهذين البيتين :
لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته .. لكنت أسألك الدنيا وما فيها
لكني قبلت هذا النعل معتقدا .. أن الهدايا على مقدار مهديها