قف أخي !
إليك أنت أخي يا من أراك وقفت عند المعاصي والشهوات الفانية! يا من وقفت مشدوها حائراً من بريق الدنيا الخادع فلم تعرف اللذة إلا : في ليل تقضيه في صالات الحفلات! أو غرام وعشق تبوح به إلي الفتيات! أو حب يحملك إلا تقليد الموضات! أو تكسع في الأزقة والطرفان ! أو قضاء أيام زهرة الشباب في بلاد الكفر بين الرقص والبارات!!
أخي الشاب : أراك نسيت أنك مسلم ! ونسيت ما خلقت لأجله!
أخي : أراك نسيت أن الأيام تمضي ويمضي شبابك معها !!
أخي : أراك نسيت أن سعادتك قريبة منك!!
عن أنس -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ((حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)) رواه مسلم والترمذي .
أخي : إنه شبابك فلا تضيعه ، وحصنك إذا ضعفت فلا تهدمه!
وانظر أخي إلي عواقب المعاصي والشهوات بعين بصيرة، تعلم سوء بركتها وقلة خيرها ، وضمنها أخي قلبك ..
أخي الشاب : أين أنت من عواقب المعاصي ؟!
شقاء في الدنيا وقلق واضطراب وعذاب وجحيم يوم الحساب.
أخي : أجعل مطيتك طاعة ربك تعالى ، تسعد في الدنيا ، وتفوز بالدرجات العالية ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ..
اخي إن لكل شيء منتهى ، وإن توهم بعض الناس اللذة في شهوة من الشهوات ، فإن الإدمان أخي يورث فقد حلاوة الشهوات!
أخي : ها هي الشهوات قد أحاطت بك ! وها هي أخي تبدو إلي ناظريك كأجمل ما يكون ، قد تزينت لك في ثياب شتى ! وها أنت أخي الشاب تخبط خبط عشواء وتترامي إلي أحضانها دونما ترو أو تفكر!!
فاصبر أخي وصابر، تنال النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة . قال تعالى:)وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا( .
فاصبر أخي تجد في طاعة الله تعالى شغلاً عن معاصيه، لنكون بعدها أخي في مصاف المهتدين.. ومواكب التائبين .. وما ذلك ببعيد.
قف أخي ! وأنت العاشق الولهان ! أي داء هذا أخي أفسد عليك دينك ودنياك ؟ ! أليس هو ما تسمونه ب( العشق) أو( الغرام ) داء الشباب ..وسرطان تلك العيدان الرطاب! كم من شاب أفسد نضار شبابه بهذا الداء الأسود ..:
أخي الشاب: مساكين أولئك الشباب الذين وقفوا عند عشق الصور ! وما دروا أن الله تعالى خلقهم لما هو أعظم من ذلك . قال تعالى : )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ {57} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ {58}( [الذاريات].
أخي: إنها غاية الغايات وإليها أخي يسعي الناجون…
لذلك صدق الحكماء عندما قالوا في العشق ، هو : شغل قلب فارغ! حقا أخي إنه : قلب فارغ من معرفة ربه تعالى !
قلب فارغ من معرفة الغاية التي خلقه الله لأجلها!
قلب فارغ من معرفة ما ينفعه أو يضره !
قلب فارغ من معالي الأمور والهمم الرفيعة!
أخي الشاب: وها أنا أخبرك بضرر العشق في الدين والدنيا!
أما في الدين: ((فيشغل القلب من معرفة الله تعالي ،والخوف منه تعالى، فيقع العاشق في الحرام ، فيخسر أخرته ، ويتعرض لعقوبة ربه تعالى )) .
وأما ضرره في الدنيا : فإنه يورث الهم الدائم والفكر اللازم والوسواس والأوراق وقلة المطعم وكثرة السهر ويتسلط على الجوارح فتنشأ الصفرة في البدن والرعدة في الأطراف واللجلجة في اللسان .. وربما خرج بصاحبه إلي الجنون
أخي الشاب : كم كان الله تعالى رحيماً بعباده .. حليماً ..فقد مد لعباده في التوبة والرجوع إليه ، ولم يقنطهم من رحمته بل، ناداهم نداء رحيم بهم:
)قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( [الزمر: 53].
أخي الشاب : التوبة . التوبة .. الإنابة الإنابة .. وما أحلى التوبة منك أخي وأنت في ربيع أيامك وزهرة شبابك . فما أسعدك أخي إن طرقت باب مولاك تعالى راجيا القبول ، وغفران الذنوب .. ومعاهدا على لزوم الطاعة، ومفارقه الهوي . فعساك الذنوب .. ومعاهدا على لزوم الطاعة ، ومفارقة الهوي . فعساك أخي أن تكون ممن عناهم النبي e بقوله : ((سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله)) فذكر منهم : ((وشاب نشأ في عبادة ربه)) رواه البخاري ومسلم .
أخي : إن رحم الله تعالى فإنه لشديد العقاب ! فاحذر أخي عقابه وأليم عذابه ، ولا تغتر أخي فتعيش الأماني العراض بغير عمل صالح ! فقد حذرك أخي لو حذرت ..
النجاء النجاء أخي قبل أن لا يكون نجاء .. واعمل الصالحات قبل أن يكون حساب ولا عمل ..
وقف أخي !صلاحك صلاحك في تقواك.. وفوزك فوزك في خوفك من الله .. فاعتصم أخي بتقوى الله تعالى ، فهي خير حصن تحصنت به.
قف أخي! أين أنت من الرقدة الكبرى يوم يفارقك القريب والحبيب فتبقى وحيداً في بيت الوحشة والظلمة ! لا أنيس ولا ضياء إلا عملك الصالح..
أخي : أنه (القبر) ماذا أعددت له؟!
أخي : يجب على من لا يدري متى يبغتة الموت أن يكون مستعداً ، لا يغتر بالشباب ! والصحة!
أخي الشاب: أحذر بغتة الموت وفجأته ، فإنها أخي لا تميز بين الشاب الكبير .. فكم من شاب مات وهو في زهرة عمره ، وريعان شبابه، فودعه الصديق والقريب بدموع الحسرات على شبابه وعنفوان عمره! أما هو فإن فارق الدنيا مسرفا مذنباً فوآطول حسرته إذا أتته ملائكة العذاب ..وحسراته يوم أن يكون قبره حفرة من حفر النيران.
أخي : يوشك أن يناديك المنادي فتجيب ! فاحذر أخي من سوء الخاتمة، فإن العبد يختم له في هذه الحياة ، بآخر أعماله ، فإياك أخي أن يأتيك الموت وأنت غارق في المعاصي والشهوات ! فتندم حين لا ينفع الندم..فحذر أخي عذاب الله تعالى وشديد عقابه، ولا تقل إن الله غفور رحيم