أروع محاضرة.........إقرؤوها كاملة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

من فضلك ساعد على نشر هذه المحاضرة حتى تشترك فى الثواب إن شاء الله.

هكذا علمتنى الحياة فىظل العقيدة الإسلامية

لفضيلة الشيخ: على بن عبد الخالق القرنى المدرس بالمعهد العلمى بمكة المكرمة

فىمحاضرة بمركز الدعوة و الإرشاد بجدة

المقدمة لفضيلة الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نتوب إليه و نعوذ بالله من شرور
أنفسنا و من سيئات أعمالنا. من يهديه الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادى
له. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك و له الحمد و هو
على كل شئ قدير. شهادة عبده و ابن عبده و ابن أمته و من لا غنى به طرفة
عين عن رحمته. أشهد أن محمداََ عبد الله و رسوله، أرسله الله رحمة
للعالمين فشرح به الصدور و أنار به العقول، وفتح به عيوناََ عميا و
اذاناََ صما،و قلوباََ غلفا، صلى الله عليه و على آله و صحبه و التابعين
لهم بإحسان و سلم تسليماََ كثيراََ {يـأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق
تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون} [آل عمران 102] {يـأيها الناس اتقوا
ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاََ
كثيراََ و نساء و اتقوا الله الذى تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم
رقيبا} [النساء 1] {يـأيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولاََ
سديداََ، يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد
فاز فوزاََ عظيما} [الأحزاب 70، 71 ].

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، أسأل الله أن يجمعنا و إياكم فى
هذه الحياة تحت ظل لا اله الا لله و أن يجعل أخر كلامنا فيها لا إله إلا
الله ثم يجمعنا أخرى سرمديتاََ أبديتاََ { إن المتقين فى جنات و نهر، فى
مقعد صدق عند مليك مقتدر}[القمر 54، 55]. أشهد الله الذى لا إله إلا هو
على حبكم فى و لعلكم تلحظون ذلك، فالوجه يعبر عما فى النفس و النفس تعرف
فى عينى محدثها إن كان من حزبها أو معاديها، عيناك قد دللت على عيتى منها
أشياء لولاهما ما كنت أدريها.اللهم لا تعذب جمعاََ إلتقى فيك و لك، اللهم
لا تعذب ألسنة تخبر عنك، اللهم لا تعذب قلوباََ تشتاق إلى لقائك، اللهم لا
تعذب أعيوناََ ترجو إلى لذة النظر إلى وجهك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

أحسن الظن بى إخوتى إذ دعونى فأجبت الدعوة و ما حالى و حالكم هذه
الليلة إلا كبائع زمزم على أهل مكة، أو كبائع التمر على أهل المدينة، أو
كبائع السمك على أهل جدة، لكنى أسأل الله الذى لا إله إلا هو أن يجعلنى
خيراََ مما تظنون و أن يغفر لى ما لا تعلمون و ألا يؤاخذنى بما تقولون.

يا منزل الآيــات و القـرآن بينى و بينك حـرمة الفــرقان.

إشرح به صدرى لمعرفة الهـدى و اعصـم به قلبى من الشـيطان.

يسـر به أمرى و قضـى مـآربى و أجر به جسـدى من النيران.

و احطط به وزرى و أخلص نيتى و أشدد به أزرى و أصلح شان.

و اقطع به طمعى و شرك همتى كثر به ورعى و أحيى جنــان.

أنـت الـذى صـورتنى و هـديتنـى لشـرائـع الأيــمان.

أنـت الذى أطعمتنى و سقيتنى من غير حسـبية و لا دخــان.

أنـت الذى آويتنى و حـبوتنى و هـديتنى من حيرة الخـذلان.

وزعـت لى بين القـلوب مودة و العطف منك برحمة و حـنان.

و نثرت لى فى العالمين محاسناََ و سترت عن أبصـارهم عصـيان.

و الله لو علموا قبيح سـريرتى لأبى السـلام على من يـلقـان.

و لأعرضوا عـنى و ملوا صـحبتى و لبئوت بعد كرامة بهـوان.

لكن سترت معايبى و مذانبى و حلمت عن سخطى و عن طغيان.

فلك المحامد و المدائح كلها بخواطرى و جوارحى و لسان.

هكذا علمتنى الحياة.. أى حياة تعلم؟! و أى حياة تدرس؟! و أى حياة
تربى؟! أيها الأحبة.. أهى حياة العبث و اللعب؟!.. أهى حياة الضياع و
التيه؟!.. لا و الذى رفع السماء بلا عمد.. إنها الحياة فى ظل العقيدة
الإسلامية، انها الحياة التى تجعلك متفاعلا مع هذا الكون تتدبر فيه
تتفكر.. حياة على الحق.. نعم الحياة وبئس الحياة إذا لم نحق. إنها الحياة
الحقيقية.. حياة تحت ظل الإسلام تعلم و تربى و تدرس.. حياة على الهدى و
النور.. حياة الحبور و النعيم و السرور.. من عاش تحت ظلها عاش فى نور و
على نور و مات على نور و لقى الله بنور و عبر الصراط و معه النور {نور على
نور يهدى الله لنوره من يشا ء} [النور 35]. إذا جاء يوم القيامة و قسمت
الأنوار بين المؤمنين و المنافقين.. عندما توضع الأقدام على الصراط يتبين
من بكى ممن تباكى.. تنطفئ أنوار المنافقين فهم فى ظلمات لا يبصرون.. {يوم
يقول المنافقون و المنافقات للذين ءامنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل
ارجعوا ورآءكم فالتمسوا نوراََ فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و
ظاهره من قبله العذاب ، ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى و لكنكم فتنتم
أنفسكم و تربصتم و ارتبتم و غرتكم الأمانى حتى جاء أمر الله و غركم بالله
الغرور ، فاليوم لا يؤخذ منكم فدية و ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى
مولاكم و بئس المصير}[الحديد 13،14،15] . فى تلك اللحظات و فى هذه الساعات
يكون المؤمنون قد عبروا بنورهم { يوم ترى المؤمنين و المؤمنات يسعى نورهم
بين أيديهم و بأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين
فيها ذلك هو الفوز العظيم}[الحديد 12]. فلا يرضى المؤمنون إلا بجوار
الرحمن فى جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين.. {أومن كان ميتاََ
فأحييناه و جعلنا له نوراََ يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس
بخارج منها}[الأنعام122] هل يستويان مثلاََ كلا و ألف كلا {و ما يستوى
الأعمى و البصير ، و لا الظلمات و لا النور ، و لا الظل و لا الحرور ، و
ما يستوى الأحياء و لا الأموات} [فاطر 19 -22]. كلا لا يستوى عاقل و ذو
سفه.. لا و الذى علم الإنسان بالقلم،هل يستوى من على حق تصرفه و من مشى
تائهاََ فى حالك الظلم، لايستوون أبداََ.

أحبتى فى الله: الحياة فى ظل العقيدة مدرسة و أى مدرسة!!.. عظات و
عبر لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد.. فإليكم هذه اليلة أزف بعض
دروس علمتنيها الحياة تحت ذلك الظل و هى تعلم كل شخص كان من هذه الأمة إن
كان له قلب أسأل الله أن يرزقنا و إياكم العلم النافع و العمل الصالح و
النظر الثاقب و البصيرة النافذة و العظة و الإعتبار و أن يظلنا تحت ظله
يوم لا ظل إلا ظله ( اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاََ و أنت إذا شئت تجعل
الحزن سهلاََ) و الآن مع التوضيح:-

{1}علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن توحيد الله هو محور الرسالات السماوية
و محور حياة الإنسان الحق، فقيمة الإنسان تظهر عندما يجعل ربه هو محور
حياته، فيستعبد كل ذرة من ذرات جسده و كل حركة من حركاته و كل سكنة من
سكناته و نفسه لله رب العالمين. فصلاته لله و نسكه لله و حياته لله و موته
لله، شعاره {قل إن صلاتى و نسكى و محياى و مماتى لله رب العالمين ، لا
شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين}[الأنعام 162 ،163]. وبذلك تتفق
وجهة الإنسان مع هذا الكون الذى يعيش فيه، فالكون كله مطيع لله جل و على،
خاضع لسلطان الله، مسبح لله بحمد الله، فإذا تمرد العبد على ربه أصبح
نشاذاََ فى هذا الكون الهائل المتجه إلى الله وحده باطاعة و الخشوع و
الخضوع. و طاعتك أيها العبد لك و معصيتك أيها العبد عليك و لن تضر الله
شيئاََ.

{2} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن توحيد الله هو نقطة البداية فى حياة
المسلم و الأمة، و أن التوحيد هو كذلك نقطة النهاية فى حياة المسلم و
الأمة. من ضل عنه خسر الدنيا و الأخرة {إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر
ما دون ذلك لمن يشاء و من يشرك بالله فقد افترى إثماََ عظيما}[النساء 48].
و فى المقابل من ظفر بتوحيد الله جل و على فقد ربح الدنيا و الأخرة، فسعيه
مشكور و ذنبه مغفور و تجارته لن تبور {إن الذين ءامنوا و عملوا الصالحات
كانت لهم جنات الفردوس نزلا ، خالدين فيها لا يبغون عنها حولا}[الكهف 107،
108].

{3} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن بلسم الجراحات هو الإيمان بالقضاء و
القدر هو نعمة على البشر و بلسم و ظل وارف من الطمأنينة و فيض من الأمن و
السكينة و وقاية من الشرور و حافز على العمل و باعث على الصبر و الرضا.
فاحرص على ما ينفعك و ارض بما قسمه الله لك و استعن بالله و لا تعجز، و إن
أصابك شئ لا تقل لو أنى فعلت كذا و لكن قل قدر الله و ما شاء فعل.

{4} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أنه كما تدين تدان و كما تزرع تحصد و
الجزاء من جنس العمل و لا يظلم ربك أحداََ. إن زرعت خيراََ حصدت خيراََ، و
إن زرعت شراََ حصدت مثله، و إن لم تزرع و أبصرت حاصداََ ندمت على التفريط
فى زمن البذر.

{5} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن العقيدة قوى عظمى لا يعدلها أى قوة
مادية بشرية أرضية أين كانت هذه القوة {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة
بإذن الله}[البقرة 249]. و الأمثلة على ذلك كثيرة فى المعارك و الغزوات،
كانت أعداد المشركين تفوق أعداد المسلمين و لكن انتصر المسلمون بقوة
العقيدة لا بقوة السلاح و العتاد.

{6} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن من حفظ الله حفظه الله، و من وقف عند
أوامر الله بالإمتثال و نواهيه بالإجتناب و حدوده بعدم التجاوز حفظه الله،
من حفظ الرأس و ما طعى و البطن و ما حوى حفظه الله، من حفظ ما بين فكيه و
ما بين رجليه حفظه الله، من حفظ الله فى وقت الرخاء حفظه الله وقت الشدة،
من حفظ الله فى صباه حفظه الله عند ضعفه و قوته {فالله خير حافظاََ و هو
أرحم الراحمين}[يوسف 64].

{7} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن الظلم عاقبته وخيمة و أن الظلم يفضى
إلى الندم و أنه ظلمات يوم القيامة، {ولا تحسبن الله غافلاََ عما يعمل
الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}[ابراهيم 42]. كم من دعوة
مظلوم قسمت ظهر طاغية، و العدل أساس الملك و لا يظلم ربك أحداََ، فإياك و
الظلم مهما إستطعت، فظلم العباد شديد الوخم.

{8} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن البناء صعب جد صعب، الهدم سهلاََ جد
سهل، فما يبنى فى مئات الأعوام من المدن و القرى و القصور و الدور يمكن
هدمه فى لحظات، و ما يبنى من الأخلاق و القيم و المثل فى قرون يمكن هدمه
قى أيام و ليال، و ما رأيكم إن كان هناك ألف بانى و ورائهم هادم واحد هل
يقوم البناء؟!.. كلا لا يمكن أن يقوم، فما رأيكم إن كان البانى واحداََ
والهادم ألفاََ؟!..لكن الحق يعلو و الباطل يسفل.

{9} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة ألا أيأس، ألا أقنط، أن أعمل و أدعو إلى
الله و لا أستعجل النتائج، وأن أبذر الحب قطفت جنيه أم لم أقطف جنيه { إنه
لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}[يوسف 87] {و من يقنط من رحمة ربه
إلا الضالون}[الحجر 56]. ليس لليأس مكاناََ عند المؤمن، و ليس للقنوط
مكاناََ عند المؤمن، فاعمل أخى لا تيأس، و أبذر الحب فعليك بذر الحب لا
قطف الجنى و الله للساعين خير معين.

{10} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن أنظر فى أمور دنياى إلى من هو تحتى،
فذلك جديراََ ألا أذدرى نعمة الله على، و أن أنظر فى أمور أخرتى إلى من هو
فوقى، فأجتهد إجتهاده لعلى ألحق به و بالصالحين. فلا أحقد على أحد ما
استطعت، و لا أحسد أحداََ ما استطعت. ماذا استفاد الحاقدون؟!.. ماذا
استفاد الحاسدون؟!.. ما استفادوا إلا التعب و ما استفادوا إلا السيئات،
والله لن يردوا نعمة أنعمها الله على عبد أين كانت.

{11} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن من عرف الحق هانت عنده التضحيات،
فيتعالى عن متع الحياة و عن زخارفها لأنه ينتظر متعتاََ سرمديتاََ
أبديتاََ { إن المتقين فى جنات و نهر، فى مقعد صدق عند مليك مقتدر}[القمر
54 ، 55].فيقدم مراد الله على شهواته و لذائذه، و يقدم مراد الله على كل
مايلذ لعينه و ما يلذ لقلبه، فيسعد فى دنياه و يسعد فى أخراه.

{12} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة ألا أحقر شيئاََ مهما قل بل أتعلم و
أعمل و أدئب و أداوم ما استطعت إلى ذلك سبيلاََ، و أحب العمل إلى الله
أدومه و لو قل.

{13} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن أحسن الظن بالمؤمنين و أحمل لهم على
خير المحامل ما استطعت إلى ذلك سبيلاََ، ذلك الخلق الذى لا يتصف به حقاََ
إلا المؤمنون {و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ
عظيم}[فصلت 35].

{14} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن أعدى الأعداء من لا يواجهك، و
إن من يغدر بك و يقتلك و يتقمص شخصك و يتقمص عملك أحياناََ لينقض عليك و
هو يبتسم، هذا هو أشر من الأعداء و هو أقوى الأعداء ظاهرياََ و إلا ففى
باطنه على شفا جرف هار، إنه النفاق و المنافقون، ذلكم السوس الذى ينخر فى
جسد الأمة المسلمة من عهد النبوة إلى اليوم و إلى أن يرث الله الأرض و من
عليها. ما يريدون أن يتكلم داعية، ما يريدون أن يأمر بمعروف أو ينهى عن
فاحشة، فقبحهم الله و أرداهم فى الحافرة. {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب
الذين لا يؤمنون بالأخرة و إذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون}[الزمر
45] لهم ألف وجه بعد ما ضاع وجههم، فلم تدرى فيهم أى وجه تصدقه. ملعونين
أينما ثقفوا {إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم
نصيرا}[النساء 145]. إن المنافقين جراثيم تسمم و بكتيريا عفونة، يتربصون
بالمؤمنين الدوائر، خذلوا المؤمنين فى أحد و تبوك ولا زالوا يخذلونهم إلى
اليوم و إلى أن يرث الله الأرض و من عليها لسان حالهم يقول لن تستريح
قلوبنا إلا إذا لم يتبقى فى الأرض الفسيحة مسلم، يبدون غير ما يظهرون و
يسرون غير ما يبدون. {و إن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل
صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنىَ يؤفكون}[المنافقون 4].

{15} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أنه لا نجاح للدعوة و لا ثمرة لها إن
نحن أعطيناها فضول أوقاتنا، إذا لم ننس معها طعامنا و شرابنا و راحتنا،
إذا لم نجند كل طاقاتنا فلن نفلح فى إيصال الأمانة التى كلفنا بها الله،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (بلغوا عنى و لو آية). لم يدع فرصة
لكسول و لا خامل و لا تنبل ولا لبطّال، ألا فليكن الوجود للإسلام و
الرسالة للإسلام و الهوية للإسلام، له نحيا و به نحيا و عليه نموت، حزننا
لله و غضبنا لله و رضانا لله و حياتنا لله و مماتنا لله، لسان حال الواحد
منا يقول قد اختارنا الله فى دعوته و إنا سنمضى على سنته، فمنا الذين قضوا
نحبهم و منا الحفيظ على ذمته. ليسأل كل واحد منا نفسه كم جعل من وقته
للدعوة لله؟! ماذا قدم لدين الله عز و جل؟! ماذا قدم لنفسه؟! كم اهتدى على
يديه؟!.. إن الإجابات واضحة و مخذلة. لم نعطى للدعوة إلا فضول أوقاتنا و
سوى فضول جهودنا إلا عند من رحم الله. فالفرصة مازالت قادمة فجد و إجتهد
عبد الله و سارع، فستبقى طائفة عند الحق منصورة، فجند نفسك أن تكون من هذه
الطائفة.

{16} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن صوت الحق لا يخمد أبداََ إذ هو أبلج
(واضح و مضئ) ، و الباطل زبد لجلج (غير بيّن) ، فعمر الباطل ساعة و الحق
إلى قيام الساعة، و الحق يعلو و الأباطل تسفل و الحق عن أحكامه لا يسئل،
وإن استحالت حالة و تبدلت فالله عز و جل لا يتبدل.

{17} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن الأذى لا يهزم دعوة أبداََ و لن يصل
الطغاة إلى قلب مؤمن مهما فعلوا {إنا لننصر رسلنا و الذين ءامنوا فى
الحياة الدنيا و يوم يقوم الأشهاد}[غافر 51]. فكم عالم سقط على الطريق و
عاشت كلمة الحق، وكم عالم عذب و أهين من أجل أن تبقى كلمة الحق عالية و
بقيت كلمة الحق، وكم من عالم حرم من جميع حقوقه من أجل أن يحفظ حق الله و
بقيت كلمة الحق {و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين و لكن المنافقين لا
يعلمون}[المنافقون8].

{18} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن سهام الليل لا تخطئ و لكن لها أمد و
للأمد انقضاء، فإذا إدلهــمت( اسودّت) الخطوط و ضاقت عليك الأرض و عز
الصديق و قل الناصر و زمجر الباطل و أهله و زعم الفساد و أهله و كبت الحق
و أهله و نطق الرويبضة و غدا القرد ليثاََ و أفلتت الغنم، فأرفع يديك إلى
من يقول ادعونى أستجب لكم.

{19} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أنه لا خير و لا أفضل و لا أحسن من كلمة
طيبة، لا أفضل من دفع السيئة بالحسنة، إنها آثرة القلوب و الأرواح، إنها
مستلة الأضغان و الأحقاد و الأسقام من القلوب {و ما يلقاها إلا الذين
صبروا و مايلقاها إلا ذو حظ عظيم}[فصلت 35]. المؤمن الحق كالشجرة المثمرة
كلما أرجمت بالحجارة أسقطت ثمراََ طيباََ فياله من قمة و ياله من مثل {و
لا تستوى الحسنة و لا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك و بينه
عداوة كأنه ولى حميم}[فصلت 34].

{20} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن الإجتماع و الألفة بين المؤمنين
قوة و أن التفرق و التشتت ضعف، فإن الإنسان قليل بنفسه كثير بإخوانه {و
اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و اذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم
أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناََ و كنتم على شفا حفرة من
النار فأنقذكم منها }[آل عمران 103].

{21} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة ألا تضيع فرصة فى طاعة، فإن لكل متحرك
سكوناََ، و إن لكل إقبال إدباراََ، فالحياة فرص من إغتنمها فاز و من ضيعها
خسر {و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}[الحديد 20].

{22} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة ألا أعيب أحداََ ما استطعت إلى ذلك
سبيلاََ، و أن أشتغل بإصلاح عيوبى و إنها لكبيرة جد كبيرة، ألا يستحى من
يعيب الناس و هو معيب، فأعراض المسلمين حفرة من حفر النار، فانظر لإخوانك
بعين الرضا، والكيّس من صان نفسه و عمل لما بعد الموت و العاجز من أشبع
نفسه هواها و تمنى على الله الأمل.

{23} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن الصاحب ساحب، و أن القرين بالقرين، و
أن الناس أشكال كأشكال الطير، الحمام مع الحمام، و الغراب مع الغراب، و
الطيور على أشكالها تقع، و الخليل على دين خليله {الأخلاء يومئذ بعضهم
لبعض عدو إلا المتقين }[الزخرف 67]. فإياك و صديق السوء إنه يعدى كما يعدى
الصحيح الأجرب.

{24} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن أعمل بما أقول ما استطعت من ذلك
سبيلاََ، و من لم يعمل بما يقول و يدعو له فإنما يسخر من نفسه أولاََ.
فإحرص على ما ينفعك، و إعمل بما تقول ما استطعت {كبر مقتاََ عند الله أن
تقولوا ما لا تفعلون}[الصف 3].

{25} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، إرضاء
البشر ليس فى الإمكان أبداََ لأن علمهم قاصر و لأن عقولهم محدودة و
يعتريهم الهوى و يعتريهم النقص و يتفاوتون فى الفهم و الإدراك، فلا يمكن
إرضائهم، فمن ترضى إذن؟.. إرضى الله عز و جل و كفى. من أرضى الله بسخط
الناس رضى عليه و أرضى عليه الناس، و من أرضى الناس بسخط الله سخط الله
عليه و أسخط عليه الناس. لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، و ما أحوجنا إلى
أن نرضى الله عز وجل.

{26} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن أحب الحق و فلاناََ ما اجتمعا، فإذا
افترقا كان الحق أحب من فلاناََ و من نفسى و مالى و أهلى و ولدى و الناس
أجمعين.

{27} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة ألا نفرح فى صفوفنا بالهازلين المضيعيت
لأوقاتهم المفرطين فى المزاح و المنغمسين فى الملهيات، نريد رجالاََ أشداء
لا ينثنوا للريح يشقون الطريق بعزم و جد لا تلههم قرح و لا يضيعهم تلفاز و
لا هراء، وقتهم أثمن من أن يضيع فى مثل هذه الهراءات، نريد من يأخذ الحياة
بجد فالحياة الحقيقية للشجعان الأقوياء العاملين ليس مكان فيها للكسالى و
التنابلة و البطالين و المتخاذلين. نريد من يشق طريقه معتمداََ على الله،
بعيداََ عن التفكير الهامشى، التفكير فى الشهوات، التفكير فى الملهيات، و
التفكير المادى المنحط، نريد شباباََ يتربى على معالى الأمور و يترفع عن
سفاسف الأمور. أين نجد هؤلاء الشباب؟.. نجدهم فى المسارح، على المدرجات،
على الأرصفة، لا.. إنما نجدهم فى حلقات العلم و التعلم، فى بيوت الله، فى
الأمر و النهى. لتؤخذ الحياة بجد و تعد النفس ليوم الشدائد فلا ندرى ما
المرحلة القادمة.

{28} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن النفس البشرية كالطفل تماماََ،
إن أدبتها و هذبتها صلحت و استقامت، و إن أهملتها و تركتها خابت و خسرت،
بل هى كالبعير إن علفتها و غذيتها بالمفيد سكنت و اطمأنت و خدمت، وإن
تركتها صدت و نشزت. إن النفس بطبيعتها تميل إلى الشهوات و اللذات و الهوى
و تأمر بالسوء و الفحشاء. إذا لم يقيدها وازع دينى عظيم تنقاد إلى السقوط
و الهلاك. و إصلاح نفسك بما يكون؟.. بالمجاهدة، و أعظم المجاهدة مجاهدة
النيات، فاسأل نفسك عن كل فعلة ستفعلها بلم و كيف!... أى هل ستكون لوجه
الله أم لحظك و هواك؟، و كيف فعلت هذا الفعل بأمر الله و رسوله أم لا؟،
فأخلصوا تتخلصوا.

{29} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن كثيراََ من النساء محاضن خالدة فى
تربية الأجيال، و لبعضهن مواقف مشرفة تصلح نبراساََ و نموذجاََ لأمهاتنا و
فتياتنا و أخواتنا فى وقت أصبحت مصممة الأزياء و الممثلة و الراقصة و
الفتاة العاهرة هى القدوة إلا عند من رحمهن الله تعالى(مثل: صفية بنت عبد
المطلب و أسماء بنت أبى بكر و فاطمة بنت الرسول و عائشة زوج الرسول صلى
الله علية و سلم). النساء محاضن الرجال بصلاحهن يصلح الجيل و بفسادهن يفسد
الجيل.

{30} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن الدهر دول و الأيام لا تدوم على حال
{وتلك الأيام نداولها بين الناس}[آل عمران 140]. الدنيا غرارة خداعة إذا
حلت أوحلت و إذا كست أوكست و إذا جلت أوجلت. كم من ملك رفعت له علامات
فلما علا ..مات!.

{31} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن ميت الأحياء من لا يأمر بالمعروف و
لا ينهى عن المنكر. كم من ميت هو حى بأعماله بأمره و نهيه و علمه و عمله.
و كم من ميت يرى المنكر فلا يهزه.

{32} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن العصا أداة للتربية و التقويم و
الإصلاح إذا صاحبتها يد حانية و لسان هادئ و قلب رحيم. العصا أداة نافعة
ما وجدت من يستخدمها بحكمة و لطف متى وضعت فى موضعها أفادت كالدواء
تماماََ. إننا نستعمل العصا عندما نستنفذ كل سبيل للعلاج و هى كذلك أداة
للتوكأ عليها و الهش على الغنم و فيها مآرب أخرى و كلكم راع و كلكم مسئول
عن رعيته.

{33} علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن لكل بداية فى الدنيا نهاية، و لكل
شمل مجتمع فرقة، و لكل نعيم إنقطاع، فبينما المولود يولد و يؤذن فى أذنه و
يقام للصلاة فى أذنه الأخرى ثم بعد فترة ليست بالطويلة يحمل إلىمثواه
الأخيرو يصلى عليه، فكأن حياته هى ما بين الآذان إلى الصلاة. يالها من
حياة قصيرة، بينما الإنسان فى ليلة يخبر عن غيره و بعدها يكون خبراََ يخبر
به، بينما الطبيب يعالج من مرض إذا به يصاب بنفس المرض فلا طبه ينفعه و لا
دوائه يرفعه و إذا به يلقى ما لقيه غيره على يديه. هل شاهدت محتضراََ و هو
يحتضر و رأيت شدة سكراته، هل تأملت صورته بعد الموت، هل تخيلت نفسك مكانه
فاستعديت لهذه اللحظات العصيبه، هل رأيت جنازة محمولة على الأعناق فتسائلت
عن حالها، هل مثلت لنفسك أنك المحمول، فخيل نفسك يا ابن آدم إذا أخذت من
فراشك إلى مغتسلك و يبكوك الأهل و الأصحاب، هل نظرت إلى القبور إلا رق
قلبك من خشية الله. فتذكر هادم اللذات و تذكر القبر و العظام النخرات
لتذكر الله و تتوب إليه، فهلا أعتدنا أنفسنا إلى هذه اللحود الضيقات.

{34} و هذه بعض الدروس السريعة بدون تفصيل:-

* أن من خدم المحابر خدمته المنابر و كم من سراج أطفئته الريح و كم من عبادة أفسدها العجب.

* أن وضع الندى فى موضعه السيف بالعلا كوضع السيف فى موضع الندى.

* أن من أراد أميراََ كأبى بكر فليكن كخالد و سعد.

* أن سوف جند من جنود إبليس.

* أن معظم النار من مستصغر الشرر.

* أن الحق لابد أن تحرسه قوة.

* أن بالشكر تدوم النعم.

* أن من خاف أدلج و من أدلج بلغ المنزل.

* أن النار بالعودين تزكى.

* أن الحرب مبدؤها كلام.

* أن ثمن العزة قد يكون قطرة دم.

* أن الجواد قد يكبوا و أن الصارم قد ينضوا و أن النار قد تخبوا.

* أن الإنسان محل النسيان.

· أن الحسنات يذهبن السيئات.

ذلك ذكرى للذاكرين .... و أخيراََ....

* أن أعظم سلاح بأيدى المؤمنين هو الدعاء، سلاح عظيم غفل عنه المؤمنون، لن
يهلك معه أحد بإذن الله، إنه الدعاء... الإلتجاء إلى رب الأرض و السماء {و
قال ربكم ادعونى أستجب لكم}[غافر 60] {و إذا سألك عبادى عنى فإنى قريب
أجيب دعوة الداع إذا دعان }[البقرة 186]. الدعاء هو العبادة، و مرة أخرى
إذا إدلهمت الخطوط و ضاقت عليك الأرض و قل الناصر و زمجر الفساد و دعم
الباطل وكبت الحق و عير البخيل الكريم و عير العيي الفصيح و عير الظلام
الشمس و طاولت الأرض السماء سفاهة و تخلى الجبناء فارفع يديك إلى من يقول
ادعونى استجب لكم.

تم الكلام " سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، و سلام على المرسلين ، و الحمد لله رب العالمين"[الصافات 180، 181، 182]

أخ الحبيب انا مستعجل ولي عودة لقراءتها مرة اخرى
جزاك الله خيرا ورزق الفردوس الالاعلى

ilyes كتب:: أخ الحبيب انا مستعجل ولي عودة لقراءتها مرة اخرى
جزاك الله خيرا ورزق الفردوس الالاعلى

ألف شكر أخ إلياس في انتظار عودتك الميمونة

شكراااااااااااااااااااااااااااا

باااااااااااااارك الله فيك

والله هو احلى كلااام

شكرااا

علمتنى الحياة فى ظل العقيدة أن أشكر الله عز وجل فهو المنعم سبحانه و مهما شكرنا فلن نوفيه حقه
سامحنا يا الله فمهما فعلنا فلن نشكرك و لو بالقليل

اللهم اغفر زلاتنا و استر عوراتنا و ارزقنا الاخلاص في القول و العمل و اجعل الفردوس ماوى كل من يكتب موضوع يبتغي به وجهك و مرضاتك

بارك الله فيك موضوعك اكثر من رائع جعله الله في ميزان حسناتك

ألف ألف ألف شكر على المرور

» إقرؤوها وقولولي رأيكم بصراحة....
» محاضرة رائعة بعنوان البكاؤون
» إنه الحق .. محاضرة صوتية رائعة
» سلسلة قصص الصحابة كاملة
» أغرتك امرأة ؟؟ محاضرة مبكية للشيخ/ خالد الراشد !!!

أروع محاضرة.........إقرؤوها كاملة

أروع محاضرة.........إقرؤوها كاملة

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة