تحويل مجلس الحكومة إلى اجتماعات داخلية غير ملزمة

فيما يجتمع مجلس الوزراء في المواعيد القصوى وتحت الضغط الدولي
تحويل مجلس الحكومة إلى اجتماعات داخلية غير ملزمة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]	[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]	[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من
بين التغييرات التي أحدثها التعديل الدستوري الأخير في عمل الجهاز
التنفيذي، إلغاء مجلس الحكومة الذي نصت عليه المادة 85 من الصيغة القديمة
للدستور، والتي أوكلت لرئيس الحكومة مهمة ترؤسه.
أصبح مجلس الحكومة وفق الصيغة الجديدة للدستور مجرد اجتماعات يرأسها
الوزير الأول، حسب المادة 77، لكن بتفويض من رئيس الجمهورية. ويحمل هذا
التحول دلالات كثيرة من الناحية التقنية: أولها اجتماعات الحكومة فقدت
طابعها المؤسساتي الذي كانت تحمله في دستوري 89 و96، مما جعل رئيس الحكومة
سابقا ملزما بتقديم تقرير للرأي العام حول أشغال مجلس الحكومة سواء في
بيان ينشر في وكالة الأنباء الجزائرية وتتم قراءته في نشرة الأخبار
للتلفزيون الرسمي والوحيد في البلاد. أو يقرأه الناطق باسم الحكومة في
ندوة صحفية تحضرها كافة الصحافة الوطنية السمعية والمرئية والمكتوبة،
ويقدم خلالها توضيحات عن مختلف الأسئلة التي يطرحها تقرير مجلس الحكومة.
أما الصيغة الجديدة، فجعلت اجتماعات الحكومة، مسألة داخلية للجهاز
التنفيذي لا تستدعي إعلام الرأي العام بمضمونها ونتائجها. ومع ذلك لا توجد
مادة دستورية تمنع الوزير الأول ولا أي وزير آخر أو مسؤول في أجهزة الدولة
من التواصل مع وسائل الإعلام وإطلاع الرأي العام عن فحوى الاجتماعات
والقرارات المتخذة باسم الشعب كما تنص عليه عدة مواد أخرى في الدستور
دائما. وكان الوزير الأول قد أصدر بيانا يتعلق باجتماع وزاري مشترك أيام
قليلة بعد الانتخابات الرئاسية، وبعد ذلك ترأس أويحيى عدة اجتماعات
للحكومة، آخرها قبل موعد مجلس الوزراء الأخير بيومين ولم يصدر أي بيان عن
ذلك، واقتصرت الأخبار التي نقلتها الصحافة بخصوص هذه الاجتماعات على معارف
الصحفيين الشخصية. وإن كانت هذه المعارف قد تتجه نحو التقلص أكثـر فأكثـر،
لكون الوزراء يخشون أن تصل إلى مسامع الرئيس وشاية تخص تقديمهم أخبار
للصحافة.
هذا ما تغير إذن من الناحية التقنية في عمل جهازنا التنفيذي. أما من
الناحية العملية، فتطرح هذه الوضعية الجديدة عائقا كبيرا في سير شؤون
المواطنين، كون مجلس الوزراء الذي يعتبر المؤسسة الرسمية الوحيدة التي يتم
فيها ترسيم قرارات الدولة الجزائرية ونصوصها التشريعية قبل تقديمها إلى
البرلمان للمصادقة ثم تطبيقها في الميدان.. لا يجتمع بصفة منتظمة أولا،
وعندما يجتمع فالحكومة مطالبة باستغلال الفرصة لتمرير أكبر قدر من
القرارات والنصوص لأنه لن يجتمع مرة أخرى إلا بعد أسابيع وأشهر في أحيان
كثيرة. ومنذ تجديد انتخاب رئيس الجمهورية وتسلمه مهامه رسميا، اجتمع مجلس
الوزراء مرة واحدة، أي الأسبوع المنصرم. وخصص الاجتماع لمخطط عمل الحكومة
وقضية أخرى عاجلة تتعلق بأنفلونزا الخنازير، العدوى التي أقامت عليها
المنظمة العالمية للصحة الدنيا واستدعت أن تستجيب الحكومة الجزائرية
لنداءاتها. وبينما لم تسجل الجزائر لحد الساعة أي حالة لهذا المرض، فإنها
سجلت أمراض أخرى في عدة مناطق من الوطن ولم يجتمع مجلس الوزراء لمواجهتها.

كما تناول مجلس الوزراء الأخير قضية ثالثة تتعلق باللجنة الاستشارية
لترقية حقوق الإنسان، بدافع الاستجابة للضغط الدولي كذلك، مثلما جاء في
بيان رئاسة الجمهورية الذي برر توسيع تشكيلة هذه اللجنة بـ''ضرورة إعطائها
مصداقية أكثـر لدى المنظمات الدولية''. وإذا أخذنا بيان مجلس الوزراء
الأخير كمقياس لفهم رزنامة مجلس الوزراء، نجدها لا تخضع لعامل الوقت ولا
لضرورة توفر نصاب معين من النصوص والقرارات، بل تخضع لعاملين هما: وجود
مواعيد رسمية تستدعي توقيع رئيس الجمهورية، لا يمكن تأجيلها مثل قانون
المالية أو مخطط عمل الحكومة... ويضاف إلى هذه المواعيد الضغوط الدولية
التي لا تسمح لرئيس الجمهورية كذلك بالتأخر عن إعطاء توقيع الجزائر حتى لا
يتم إقصاؤها أو معاقبتها.
وهناك معنى آخر للطريقة الجديدة في تسيير عمل الجهاز التنفيذي، وهو معنى
سياسي أو بعبارة أخرى معنى سلطوي يتعلق بـ''الشربة الداخلية'' للنظام
الحاكم عندنا ولا يمكن لأي خبير في الشؤون السياسية مهما بلغ ومن مستويات
الدراسة والبحث فهمها. ومن الملامح الظاهرة عن هذه الشربة، أنها متكونة من
رئيس يملك السلطة المطلقة، لكنه غائب عن الساحة وهناك وزير أول يقوم يسير
بالتعليمات في انتظار قوانين وقرارات ذات قوة أسمى. وهناك عدة مراكز قرار
تحاول تمرير أكبر قدر ممكن من التعليمات لصالحها على حساب مراكز أخرى،
تدعيما لمواقعها في المواعيد الانتخابية القادمة، منها الرئاسية.

بارك الله فيك أخي الكريم

شكرا على المرور

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]